صراع كاذب فى البيت الرئاسى - وائل قنديل - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 3:08 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صراع كاذب فى البيت الرئاسى

نشر فى : الثلاثاء 7 سبتمبر 2010 - 10:04 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 7 سبتمبر 2010 - 10:04 ص

 الكلام عن خلاف أو صراع أو حتى مجرد اختلاف داخل البيت الرئاسى يبدو فى ظاهره فكرة جذابة وبراقة ولافتة للأنظار، غير أن ثمة أشياء حدثت وتحدث فى الواقع تجعل حديث الصراع أقرب إلى مقرمشات ومكسرات ليالى السهر الرمضانى.

وتصلح مرافقة السيد جمال مبارك لوالده فى رحلة واشنطن دليلا على تهافت فكرة الصراع، لكنها فى الوقت نفسه يمكن أن تستخدم كمعطى يرجح الفكرة ويثبتها، فهى حمالة أوجه، إذ يمكن تفسيرها وفقا لمنهج المتحدث باسم الرئاسة على أنها إحدى تجليات بر الابن بأبيه ومن ثم حرصه على الذهاب معه إلى الولايات المتحدة بدوافع عائلية إنسانية بحتة، وهو تفسير لا يصمد طويلا أمام الوقائع الفعلية، إذ لو كانت المسألة كذلك لكان المسافر هو الابن الأكبر علاء وليس الأصغر.

أما أصحاب نظرية التنافس والصراع فيمكنهم تفسيرها بأن الابن يتمتع بنفوذ عابر للقارات مكنه من فرض نفسه على وفد رسمى إلى أكبر دولة فى العالم، وعليه يكون قد نجح فى السفر بمجهوده وقدراته الشخصية.

غير أن ثمة طريقا ثالثا يمكنك أن تسلكه أثناء محاولة توصيف الحالة الراهنة بشأن مستقبل الحكم دون أن تكون قد ألقيت بنفسك إلى التهلكة، ولا شك أنك توقفت مثلى أمام هذه الأريحية الرسمية الشديدة تجاه مطالبة «كرد جمال مبارك» للرئيس بالتقاعد وإفساح الطريق لولده، على اعتبار أنه كفاية ٣٠ سنة حكم، فلم نسمع أن أحدا منهم تعرض لمضايقات أو تحرشات أمنية على تجاسره وتجرؤه على الرئيس إلى حد أنه يطلب منه الجلوس فى المنزل، بل أكثر من ذلك تجد هذه المطالبات بالتقاعد مساحات هائلة فى وسائل الإعلام الأقرب للرسمية والمتشبهات بالحكوميات من الصحف، دون أن يقول أحد لأصحابها ثلث الثلاثة كم، وفى مقابل ذلك تنتفخ أوداج النظام الأمنية وتحمر عيونه الإعلامية إذا أقدم أحد من خارج متصوفة جمال مبارك على توجيه النداء ذاته للسيد الرئيس.

ولأن ذلك كذلك فإن الأقرب للمنطق الصورى أو «السورى» كما يتمنى أولو العزم على التوريث هو أن وصول الأستاذ جمال إلى قمة هرم السلطة ليس حلما أو طموحا أو جموحا أو جنوحا ضد رغبة البيت الرئاسى، بل على العكس من ذلك يبدو قضية إجماع عائلى، وإذا كان هناك من خلاف فهو ليس على الوصول بقدر ما هو خلاف على اختيار الطريق الأكثر أمنا، والسرعة التى تنطلق بها السيارة، على اعتبار أنه كما تعلم سعادتك فى التأنى السلامة وفى العجلة الندامة، ولا تنشغل بغير الطريق وأمامك منحنى خطر، إلى آخر هذه القائمة من الإرشادات المرورية التى يضج منها جيل الشباب.

هل يعنى ذلك أن هذا قدر مصر المحتوم؟ بالطبع لا ولكن كيف؟ الإجابة لدى شخص يسكن فى أول الطريق الصحراوى، لكنه بكل أسف من هواة الترحال المتتابع.

فالدكتور محمد البرادعى يبقى برغم كل شىء الشخص الوحيد المؤهل للقيام بدور محور الارتكاز لإحباط هجمات مشروع التوريث ولعل الخشونة التى يتعاملون معه بها دليل على أنه مصدر خطورة وإزعاج لمنفذى السيناريو الجهنمى.
لكن المشكلة أن البرادعى كثير الغيابات ومن ثم كلما عاد بعد غياب يأخذ وقتا طويلا نسبيا لاستعادة نجاعته، إلا أنهم هذه المرة بالغوا فى استخدام العنف معه إلى الحد الذى زاد من حجم تعاطف جماهير لم تكن منخرطة فى متابعة السباق.
وأحسب أن شراسة الضربة الأخيرة أتاحت للبرادعى فرصة ذهبية لبداية جديدة أو استئناف المباراة بطريقة أقوى بعد فترة توقف طويلة.. ومن المهم استثمار الفرصة بعد أن انقلب السحر على الساحر.

وائل قنديل كاتب صحفي