الخطط التي تسلمها نتنياهو ووزير دفاعه.. لإزاحة النظام الإيراني بالقوة - أحمد فاضل يعقوب - بوابة الشروق
الثلاثاء 9 سبتمبر 2025 2:40 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

برأيك.. من البديل الأنسب لـ ريبيرو في النادي الأهلي؟

الخطط التي تسلمها نتنياهو ووزير دفاعه.. لإزاحة النظام الإيراني بالقوة

نشر فى : الإثنين 8 سبتمبر 2025 - 7:40 م | آخر تحديث : الإثنين 8 سبتمبر 2025 - 7:40 م

تسلم رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو ووزير دفاعه، فى السادس من يناير 2025، تقريرًا من اللجنة الرسمية التى سبق أن شكلها، بهدف وضع خطط لجيش الدفاع على مدى عشر سنوات، لمواجهة ما تراه من تهديدات على أمن إسرائيل، ووضع الموازنات المالية اللازمة لذلك. وهى اللجنة المعروفة باسم لجنة يعقوب ناجل. وقد أفرد التقرير جزءًا كبيرًا منه عن إيران واعتبرها التهديد الرئيسى للدولة العبرية، وتضمن خططًا عسكرية واستعدادات لما اعتبره الحرب القادمة على إيران.

وقد حُظر ما يتعلق بالتفاصيل من النشر، واعتُبرت سرية للغاية، والتى تتضمن العناوين التالية:

     •    توجيهات للحملة (العسكرية) على إيران.

     •    التنظيم لمواجهة التهديد الإيرانى.

     •    المحتويات الرئيسية لخطة إعداد الحرب على إيران.

     •    التحديات الأساسية فى الخطط العسكرية لمواجهة إيران.

     •    الاحتياجات الأساسية اللازمة لبناء القدرات العسكرية لمواجهة إيران.

وبالرغم من ذلك، فإن التحليل الدقيق لما ورد فى التقرير من رؤية، فى ضوء السياق العام للتقرير ككل، ينبئ باستخلاصات ونتائج مهمة، خاصة حول نوايا وخطط إسرائيل لإزاحة النظام الإيرانى بالقوة، وعدم الاكتفاء بتدمير برنامجها النووى.

فقد حدد التقرير فى صفحة 29 ستة مهددات للدولة العبرية، كان على رأسها التهديد النووى الإيرانى، ووصفه بأنه «تهديد خطير ويجب إنهاؤه بأسرع وقت، وبأى طريقة مباشرة أو غير مباشرة». وهو ما تم تنفيذه فى يونيو الماضى بالضربات التى شاركت فيها الولايات المتحدة. فهل انتهى الخطر الذى تراه الدولة العبرية قادمًا من إيران عليها بتدمير برنامجها النووى؟

لماذا ترى إسرائيل إيران دولة خطرة عليها حتى بدون برنامجها النووى؟

يُلاحظ أن لجنة ناجل قد أكدت كذلك فى صفحة 24 أن «إيران حتى بدون برنامجها النووى خطر على إسرائيل». فقد حددت اللجنة فى الصفحات من 20 إلى 29 الأسباب التالية لاعتبار إيران خطرًا عليها يجب التعامل معه:

أولًا: أقرت اللجنة بأن الضربات التى وجهتها إسرائيل لحزب الله والحوثيين وحماس، وسقوط النظام السورى، قد أضعفت أذرعها تمامًا، كما أضعفتها الضربات التى وُجهت لها فى أكتوبر 2024. (يُلاحظ أن التقرير تم تسليمه لنتنياهو ووزير الدفاع فى 6 يناير 2025، قبل الحرب على إيران فى يونيو 2025). وبالتالى فإن «حلقة النار» التى أقامتها حول إسرائيل قد تم إضعافها، ولكن إيران دولة ذات إمكانيات للإضرار بإسرائيل، كما أنها تتعلم بسرعة من تجارب الحروب معها، ويمكنها أن تشكل تهديدًا عسكريًا لإسرائيل فى مجالات أخرى مثل الحروب السيبرانية، والتجسس، والقدرة على النفوذ الإقليمى.

كما حذرت اللجنة من أن طهران قد تعتمد على الحوثيين فى اليمن، والميليشيات الشيعية فى العراق، رغم أن الأخيرين قد تجنبوا أى مشاركة أو مسئولية فى الصراع. كما اعتبرت إعادة تسليح حزب الله أو حماس من المهددات التى يجب التعامل معها بعقيدة «صفر سماح».

ثانيًا: يأتى الخطر الإيرانى كذلك فى الأيديولوجية التى تتبناها القيادة والحرس الثورى بتدمير إسرائيل، وهو ما يتوقع أن يزداد ولا يقل. كما أن الشخصية الإيرانية الشيعية معروفة بالصبر والإصرار، ولذلك يُتوقع دائمًا أن تعالج إيران نقاط ضعفها، وربما تسرع فى سير البرنامج النووى.

ثالثًا: طبيعة الصراع مع إيران لا تشبه الصراعات السابقة مع الدول العربية؛ فهى دولة كبيرة، وذات إصرار، وجادة، ولديها قاعدة صناعية واسعة، ومستعدة للاستثمار والتضحية.

رابعًا: على إسرائيل أن تعتبر إيران، حتى بدون برنامجها النووى، خطرًا عظيمًا عليها. فالحرب على إيران ليست ضربة واحدة ينتهى بها الأمر، وليست عملية خاصة مهما كان حجمها، بل هى حرب كبيرة ومتسعة وطويلة وسوف تستمر لأجيال، إلا إذا سقط النظام وجاء نظام آخر لا يعادى إسرائيل.

خامسًا: تعتبر اللجنة الصراع مع إيران صراعًا وجوديًا. وقد تحول هذا التهديد من أن يأتى من مجموعة دول عربية متجمعة ولها حدود مع إسرائيل، إلى دولة بعيدة بدون حدود مباشرة.

ما هى الخطط الإسرائيلية للتعامل مع ما تراه خطرًا وجوديًا من إيران؟

أولًا: أشار التقرير إلى أن الجيش والموساد والأجهزة الأمنية الأخرى قد عملت خلال العشرين عامًا الماضية على محاولة القضاء على برنامجها النووى، أو على الأقل إبطائه، ولم تكن الظروف السياسية والعملياتية ناضجة للقيام بعملية شاملة. أما الآن، حسب تقرير اللجنة، ونظرًا للتطورات التى حدثت خلال العامين الماضيين، فقد أوصت اللجنة بانتهاز فرصة انتخاب ترامب، لأنه وللمرة الأولى أصبح هناك إمكانية لإحداث تغيير، وحتى ربما القيام بعمل مشترك لإزالة أو الحد الكبير من التهديد الإيرانى.

ويُلاحظ هنا أن التوصية تتعلق بالتهديد الإيرانى بشكل عام، وليس فقط التهديد النووى. وإذا أخذنا فى الاعتبار ما ذكرته اللجنة عن توصيفها لطبيعة التهديد الإيرانى لإسرائيل، وأنها حتى بدون برنامجها النووى تُعتبر تهديدًا وجوديًا لها، ويجب الإعداد لحرب واسعة معها، يتضح أمامنا أنها تسعى لاستهداف الدولة الإيرانية ككل ونظامها السياسى.

ثانيًا: ذكر التقرير أن المؤسسة العسكرية تحتاج إلى بناء خطة ذات مستويات متعددة ولها جوانب مختلفة، وتنفيذها سيحتاج إلى توسيع ودعم الاستخبارات، والقدرات الهجومية والدفاعية، فى دورات من الحملات المكثفة والمتعددة ضد إيران. وقد حدد التوجيهات التالية (مع حظر نشر تفاصيلها):

     •    تعطيل أو تأخير البرنامج النووى الإيرانى، والتحول من التركيز على عمليات تخصيب اليورانيوم إلى تدمير وتأخير نظم التسلح.

     •    بناء أدوات لإضعاف النظام.

     •    الاستمرار فى إبطاء قدرات برنامج التخصيب وزيادة الاستعدادات للنزول فى أعماق بعيدة تحت الأرض.

     •    الإعداد لإدارة والاستمرار فى حملة على مسارح قتال متعددة.

     •    تقوية الردع فى كل الجوانب.

     •    منع أى ميليشيات مسلحة حول حدود إسرائيل.

     •    تفكيك أذرع إيران وقدراتها لمهاجمة إسرائيل.

     •    الإضرار بقدرات الميليشيات الشيعية فى العراق.

     •    بناء قدرات يمكنها توجيه ضربات قوية ودقيقة داخل قلب أنظمة العدو ومكوناته.

     •    الاستمرار فى بناء وتطوير تحالفات دولية، من خلال المشاركة فى معلومات الاستخبارات، والشرعية، والعمل المشترك.

وكما هو واضح تمامًا، فإن التقرير يتحدث عن خطة لعمل عسكرى وتوجيهات عامة فى ذلك، حتى وإن حُظر نشر تفاصيلها. ويشير فى البند (2) إلى استهداف النظام الإيرانى، كما أن البند (9) يؤكد على بناء قدرات لتوجيه ضربات عسكرية داخل إيران. وإن جزءًا كبيرًا مما اقترحه بشأن أذرع إيران قد تم تنفيذه، أو على الأقل البدء فى تنفيذه، ومن المتوقع الاستمرار فيه للنهاية ــ حسب التوصيات ــ ضد حزب الله فى لبنان، والحوثيين فى اليمن. وعلينا توقع توجيه ضربات كذلك للميليشيات الشيعية فى العراق فى أى وقت.

ومن اللافت كذلك أن التقرير تحدث فى نفس الفصل الذى يتناول التهديد الإيرانى عن تطوير القوات البرية واندماجها مع باقى القوات، وتحولها من أهداف مواجهة تنظيمات «إرهابية» بالقرب من الحدود، إلى قوات يمكنها مواجهة عدو على بُعد نحو 1500 كم، ويُعد قوة إقليمية، وهو يقصد إيران. وحدد بعض التوصيات لكى تكون هذه القوات أكثر استقلالية فى عملها، ولديها القدرات الاستخباراتية للقيام بحملات بعيدة. ولذلك، فإن النتيجة المنطقية أنها تُعد لعمليات داخل الأراضى الإيرانية بنقلها بحرًا أو جوًا.

كما أن التقرير أوصى، فى أجزاء أخرى، بأهمية بناء مشروع قومى لشبكة أنفاق لحماية المدنيين والمنشآت العسكرية لمواجهة التهديدات الصاروخية، وتطوير القوات الجوية للقيام بمهام بعيدة المدى، ومنها الحصول على مزيد من طائرات التزود بالوقود. وأشارت اللجنة إلى شراء سربين من الطائرات (F15 ــ F35) العام الماضى، إلا أنها أوصت فى إطار الحرب القادمة على إيران بشراء سربين أو ثلاثة أسراب إضافية من هذه الطائرات الهجومية وذات الإمكانيات القتالية العالية.

وهو ما يعنى بوضوح أن إسرائيل تخطط لحرب شاملة وكبيرة مع إيران، وهدفها الرئيسى هو إزاحة النظام. وإعداد القوات البرية هو أساس دائمًا فى هذه النوعية من الحروب، بعد القيام بضربات جوية وصاروخية وسيبرانية لفترة، تضمن فيها شل كافة قدراته الدفاعية والهجومية. وربما كذلك شن حرب سيبرانية تشل قطاعاته المدنية من كهرباء ومياه واتصالات، ونظم بنكية وبنية أساسية، كما قد تتضمن استهداف القيادات العسكرية والدينية، بمن فى ذلك استهداف المرشد. وهو ما كانت إسرائيل تنوى القيام به فى يونيو الماضى، ومن المتوقع أن يتم ذلك بالتعاون مع بعض عناصر الداخل الإيرانى، وبالتنسيق والتحالف المباشر مع واشنطن على طريقة الحرب على العراق.

فمتى يتم ذلك؟ لقد أوصى التقرير بانتهاز فرصة انتخاب ترامب، ولكن الأمر سيتوقف كذلك على قدرة النظام الإيرانى على استعادة إمكانياته العسكرية، ومواجهة الاختراقات الاستخباراتية الفادحة والتفوق الإسرائيلى الواضح فى ذلك. والأهم معالجة المشكلات الداخلية، وغضب بعض الفئات من النظام لأسباب عرقية، أو اقتصادية، أو سياسية، أو حتى من القيود السلوكية المفروضة. فكلما زاد الرضا الداخلى عن أى نظام سياسى زادت قدراته على مواجهة التهديدات والمخاطر الخارجية، والعكس صحيح.

 

أحمد فاضل يعقوب مساعد وزير الخارجية الأسبق وسفير مصر السابق لدى باكستان
التعليقات