«استراحة محارب» فى غزة! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الجمعة 12 ديسمبر 2025 8:08 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

ما تقييمك لمجموعة المنتخب المصري في كأس العالم برفقة بلجيكا وإيران ونيوزيلندا؟

«استراحة محارب» فى غزة!

نشر فى : الجمعة 12 ديسمبر 2025 - 6:20 م | آخر تحديث : الجمعة 12 ديسمبر 2025 - 7:20 م

تواجه المرحلة الثانية من اتفاق وقف النار فى قطاع غزة، المزمع الانتقال إليها قريبا، عقبات هائلة ومحاولات إسرائيلية واضحة للتنصل من التزاماتها وفقا لبنود الاتفاق الذى دخل حيز التنفيذ فى شهر أكتوبر الماضى، خاصة فيما يتعلق باشتراطها الانسحاب من القطاع بنزع سلاح غزة أولًا.
المرحلة الثانية من الاتفاق تنص على مزيد من الانسحاب الإسرائيلى من أجزاء فى قطاع غزة، ونشر قوة دولية للاستقرار، وبدء العمل بهيكل الحكم الجديد الذى يتضمن «مجلس السلام» بقيادة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب.
لكن تل أبيب كعادتها استبقت الدخول إلى المرحلة الثانية من الاتفاق بوضع المزيد من «العصى فى الدواليب» فى محاولة صريحة لإفشاله والعودة مجددًا إلى حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطينى، حيث قال رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو أن «إسرائيل ستنتقل قريبا إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف النار فى قطاع غزة، لكن ذلك رهن بإنهاء حكم حركة حماس ونزع سلاحها».
ليس هذا فحسب، بل إن رئيس الأركان الإسرائيلى، إيال زامير، قال بشكل واضح إن «الخط الأصفر الفاصل فى غزة هو الحدود الجديدة مع القطاع، وسيكون بمثابة خط دفاع أمامى عن المستوطنات، وخط هجوم على أى هدف»، مشيرا إلى أن «الجيش الإسرائيلى لديه حرية عمل فى غزة، ولن يسمح لحماس بالتمركز من جديد»، وهو ما يعنى رفضا واضحا لوقف الحرب أو الانسحاب الإضافى من غزة وفقا لما ينص عليه اتفاق وقف النار.
فى المقابل بدأت حركة حماس فى البحث عن مقاربة جديدة لمعالجة مسألة نزع سلاح غزة بهدف عدم إعطاء الاحتلال أى مبرر لاستئناف حرب الإبادة، وذلك بطرح رؤية تتضمن عدم استخدام هذا السلاح أو الاستعراض به مقابل هدنة طويلة الأمد مع دولة الاحتلال، وفقا لتصريحات رئيس مكتبها السياسى في الخارج خالد مشعل لقناة «الجزيرة»، والتى قال فيها إن نزع السلاح عند الفلسطينى بمثابة «نزع للروح»، مشيرا إلى «حماس قادرة على إقناع الإدارة الأمريكية بمقاربتها المتعلقة بالسلاح، بالنظر إلى العقل الأمريكى البراجماتى وبالتالى فرضها على الطرف الإسرائيلى».
ليس هذا فقط، بل إن مشعل وجه رسالة مهمة إلى جميع الأطراف التى يجب عليها التقاطها والتعامل معها بجدية، حيث قال إن «استراتيجية غزة القادمة هى الانشغال بنفسها، فى محاولة للتعافى وإعادة الحياة من جديد، خصوصا أنها قدمت كل ما عليها وزيادة، ولا أحد يطالبها أن تطلق النار ولا أن تمارس واجبها فى المقاومة!».
الجزء الأخير فى تصريحات مشعل ينبغى الوقوف أمامه كثيرا، لأنه يلخص بشكل كبير الحالة الفلسطينية فى الوقت الراهن، إذ إن قطاع غزة يحتاج بالفعل إلى «استراحة محارب»، من أجل التعافى واستعادة مظاهر الحياة التى دمرها الاحتلال الصهيونى على مدى عامين من القتل والتدمير خلال أبشع حروب الإبادة فى العصر الحديث، والتى أدت إلى تدمير 300 ألف وحدة سكنية بشكل كلى و200 ألف جزئيا، وأخرجت 25 مستشفى عن الخدمة من أصل 38 مؤسسة علاجية، إضافة لتدمير 103 مراكز للرعاية الصحية الأولية، كما تضررت 95% من مدارس القطاع، فضلا عن خروج 85% من مرافق المياه والصرف الصحى عن الخدمة، وفقا للمكتب الإعلامى الحكومى بغزة.
لا ينبغى أن يكون الحديث الإسرائيلى المتزايد عن سلاح غزة ذريعة للعودة مجددا إلى حرب الإبادة، ولا يجب على الوسطاء والضامنين لاتفاق وقف النار، السماح بانهياره تحت أى ظرف، بل يجب على الدول العربية والإسلامية الضغط بشكل كبير من أجل بدء إعادة إعمار القطاع حتى يتم إجهاض مخطط التهجير الذى يحاول الاحتلال الصهيونى تنفيذه منذ اليوم الأول للعدوان على غزة، كما يجب على البعض منهم «فرملة» أى توجه نحو التطبيع مع دولة الاحتلال، وربط ذلك بحصول الشعب الفلسطينى على حقه فى إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشريف، حتى لا تذهب تضحيات أهل غزة فى العامين الأخيرين هدرا، والتأكيد على أنه بدون حصول الفلسطينيين على حقوقهم، فلن يتحقق الأمن الاستقرار فى المنطقة، بل ستكون على موعد مع جولات صراع أخرى أشد قسوة وعنفا.

التعليقات