لأمن في مصر - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 6:15 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لأمن في مصر

نشر فى : الإثنين 15 أغسطس 2011 - 6:03 م | آخر تحديث : الإثنين 15 أغسطس 2011 - 6:03 م

 أمن من؟ الحاكم أم المحكوم؟ سؤال كبير لعله يلخص العقيدة المقلوبة منذ سنوات طويلة لدى القائمين على الأمن في مصر، إذا كانت المهمة هي أمن الحكام فلقد أدت وزارة الداخلية مهمتها على أكمل وجه وحتى اللحظة الأخيرة، أما إذا كانت المهمة هي أمن المحكومين فلا يوجد تقريبا وزارة داخلية! ولان الأمر كان متعلقا بأمن الحاكم لا المحكوم، فقد كان طبيعيا في المعادلة ألا تتقيد حماية الحاكم بأي قوانين أو ضمانات جنائية، أو قيم، أو معايير حقوق إنسان، ولا يبقى لحماية الحاكم سوى معيار واحد فقط، وهو أن الغاية تبرر الوسيلة، والأمر قديم قائم حتى من قبل الثورة، وأزعم أن الثورة كشفته أكثر منها صنعته. ولا أظن أن عقيدة كهذه نشأت في مساء يوم 6 أكتوبر 1981 وحتى اليوم يمكن تغييرها بغير تغيير أشخاصها، والدليل أن الممارسات القمعية لا تزال مستمرة، بل وقد تأخذ نواح أكثر عنفا بعد الجرح الذي حصل لتأخذ في حدها الأدنى شكل الامتناع عن أداء الواجب وترك الناس لمصائرهم ، وفي حده الأقصى شكل الانتقام والتشفي ومحاولة رد الشرف لتدخل وزارة الداخلية في خصومة مباشرة مع الشعب، ،ومن هنا كانت ضرورة التطهير ، والتطهير فلسفة تختلف تماما عن فلسفة المحاسبة التي تتبناها وزارة الداخلية في هذه الأيام، فالتطهير، خصوصا إذا كان يعقب ثورة كثورة 25 يناير ، المحاسبة تتعلق بشخص بعينه ارتكب فعلا بعينه وثبت بالدليل القاطع.

مبدأ الصالح العام للوطن الذي ، وفي مثل هذه الظروف هو أولى بالرعاية من مصالح الأفراد أحيانا، انتصارا لتحقيق الهدف الاستراتيجي الموضوع وفي اقصر وقت ممكن، وهو إصلاح المؤسسة الذي يعني بطبيعة الحال تغيير كامل في الكوادر القائمة وإحلالها بكوادر جديدة، وهو إجراء على ما يبدو عليه من قسوة ظاهرة، إلا إنه لا غنى عنه إذا ما أريد تغيير وجه الداخلية وإظهارها بوجه جديد مقنع للشعب يقوم على تناول جديد لفكرة الأمن يختلف تماما عن التناول السابق القائم على عدم وجود ضوابط في العمل تحت قانون الطوارئ الذي استمر العمل به لسنوات طوال، وفي إطار فهم هذه الحقيقة سوف تتم عملية التطهير التي لا شك ستكون مؤلمة، وزارة الداخلية تحتاج إلى تغيير في الشكل والمضمون، ولن يكتسب أي مسئول ثقة الثورة بأي تناول أقل من ذلك.

ومع ذلك، فهناك توازن دقيق واجب يتمثل في ضمان أن "يريد" ضباط الشرطة الحفاظ على أمن مصر بإخلاص، وليس جبرا وردعا ومحاسبة فقط، فالدافع يجب أن يكون ذاتيا وإلا فشلت المهمة، تحديد الحد الأقصى للمرتبات إزاء مرتبات ومكافآت خيالية يتقاضها كبار المسئولين، يقابلها مرتبات في غاية الضآلة لشباب الشرطة رغم ان الرهان على ذلكم دون هؤلاء، ما يطرح ضرورة وضع حد أقصى للمرتبات وإعادة توزيع المزايا المالية توزيعا عادلا يمكن استخدامه في مضاعفة مرتبات شباب الضباط عدة مرات فورا لضمان أن يعيشوا حياة كريمة، مع توحيدها بحسب الرتب لا بحسب الإدارات مع القضاء على كافة مظاهر البذخ في القمة من سيارات ومزايا عينية ليتم توحيد كل ذلك من القمة للقاع، مع إرساء سياسة تدوير تلقائية بدلا من الحركة السنوية تلتزم بحد أقصى للمسافة بحيث لا يضطر الضابط للمبيت خارج منزله إلا في الظروف القصوى وأن يحتفظ به في حدود ذات البيئة الثقافية والاجتماعية التي نشأ فيها ضمانا لحسن فهمه تصرفه في أوقات الأزمات.

إيقاع جديد، مظهر جديد، زي جديد، اسم جديد، وزارة الأمن، لا وزارة الداخلية التي تتوغل في دواخل الناس بأجهزة معلوماتها، وعلى غرار وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، فإن أجهزة المعلومات كمباحث أمن الدولة وإدارات البحث الجنائي يجب أن يقتصر عملها على المعلومات بقراءة حركة المجتمع وتحليلها وسؤال الناس واستطلاع آرائهم ومعلوماتهم دون تجسس، ودون أن تملك حق التعامل بها أو التصرف فيها على ان تكون مدعومة بفنيين وقانونيين من خارج الشرطة على أن تكون المعلومات تحت الطلب للإدارات الأخرى وفي حدود ما تطلبه تلك الإدارات دون زيادة، ودون أن يكون لإدارة المعلومات أي تعامل رسمي مع أفراد الناس، إن توحيد سلطة المعلومات، وسلطة استعمال المعلومات والتعامل مع الناس، كلها في ذات الجهة هو كارثة تغري على الفور بإساءة استعمال السلطة.

لا أتصور أن مصر فيها مشكلة أمن وفيها ما يزيد على المليون جندي امن مركزي، وهو عدد اكبر من أعداد جيوش دول متقدمة، نحن في حاجة إلى قرار ثوري بحل قوات الأمن المركزي وتحريم استعمال قنابل الغاز، على أن يعاد توزيع تلك القوات على الأقسام كقوات درك ودوريات لحفظ الأمن تحت إشراف الضباط الشبان في الأقسام في إطار توعية بجلال المهمة مصحوب بتفويض للسلطة، مع مراعاة تقريبهم من بلادهم لان مجند الأمن المركزي في النهاية هو إنسان، ويجب أن تراعى إنسانيته، مع الإحتفاظ بقوة قوامها مائة ألف توزع على العاصمة والمدن الكبرى تحت مسمى "قوة حفظ النظام".

نحتاج لعمل مدونة سلوك واجبة الاتباع تشرح لضابط الشرطة الاجراءات الواجب عليه اتخاذها على التوالي فيما يقابله من مواقف حفاظا على حقوقه وحقوق المواطن، يجب تفعيل دوريات نجدة ومرور متحركة على الطرق السريعة بدلا من اللجان الثابتة مع وضع لافتات بأرقام تليفونات واضحة على مداخل كل طريق، وعلى أن تزود بكاميرات تكون مرجعا حين مراجعة مدى انطباق مدونة السلوك في التعامل بين الطرفين والتكنولوجيا الرخيصة والعملية متوافرة وأكثر من كافية، يجب تفعيل قوات النجدة والاتصال مع مصلحة كمبيوتر السجل المدني للتأكد من شخصية الطالب خلال دقيقة واحدة.

يجب حماية خط الغاز في سيناء بدوريات من طائرتين هليكوبتر أو ثلاثة مع تحديد مسافة مائة متر على جانبي الخط تسمى مسافة ضرب النار ومن يتجاوزها سيتعرض لإطلاق النار عليه فورا لو اشتبه فيه، يجب توفير التكاليف عم طريق سحب قوات الشرطة من المطار ومصلحة السجل المدني ومكتب تصاريح العمل والكهرباء والماء وتكليف موظفين حكوميين مسئولين فيها وتوفير كل تلك التكاليف لحساب التحديث التكنولوجي ويجب إحلال ضباط الشرطة في إدارات تفتيش الداخلية برؤساء نيابة ومحققين متخصصين، ويجب تفعيل سلطة النيابة العامة في التفتيش مع الأقسام بالتنسيق مع النائب العام(لا اعرف كيف!!).

يجب منح مساحة تفويض واسعة لأهل سيناء في حفظ الأمن وتكون قوات الأمن معاونا وشريكا مخلصا لا عدوا، وذلك بالاتفاق وفي إطار احترام العادات والقيم القبلية لأهل سيناء.

يجب توسيع نطاق العمل عن طريق تبادل الخبرات الأمنية مع الدول المتقدمة في ذلك المجال على ألا يسمح بالسفر للتعلم لمن يتجاوز رتبة الرائد.

أشياء كثيرة لا يتسع لها هذا المقال ـ ولا تتكلف جهدا ولا وقتا، ولكنها تحتاج لإرادة ثورية، وفي النهاية يجب اتخاذ إجراءات سريعة لإعادة تسويق الشرطة للشعب، اعتذار رسمي من وزارة الداخلية، لوحة شرف بأسماء الشهداء في مدخل الوزارة، نصب تذكاري لهم تؤدى له المراسم العسكرية في كل عام، تعويضات مبدئية واحتفال ضخم بأسر الشهداء لحين صدور أحكام قضائية، تزويد الثوار واللجان الشعبية في الميدان بالماء والطعام مع إعلان منع مرور السيارات رسميا في ميدان التحرير الجمعة من كل أسبوع ليكون منبرا للرأي ، أشياء كثيرة لبناء مصرا جديدة .

لقد قرأت المبادرة التي دونها فريق من المخلصين من ضباط الشرطة ورأيت فيها نواة دستور جديد للإصلاح يتعين تبنيه، ولقد تحمست للمشاركة بإضافة أفكار أخرى لافكارهم، خاصة وأني مؤمن أن إعادة بناء الشرطة، وضبط العلاقة بين الطرفين يحتاج إلى مشاركة شعبية تنتظم في نقاش مفتوح ومستمر وتخلص فيه النوايا، واتمنى أن أكون قد قمت بدور ولو بسيط في إثراء ذلك النقاش.

التعليقات