طلقة القلم - الأب رفيق جريش - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 8:15 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

طلقة القلم

نشر فى : الأحد 18 يناير 2015 - 7:45 ص | آخر تحديث : الأحد 18 يناير 2015 - 7:45 ص

7 يناير 2015 سيكون تاريخا فارقا فى السياسة والتاريخ الفرنسى فهو يوم الاعتداء على المجلة الساخرة شارلى ــ إبدو وقد احتشد الأحد الماضى حوالى أربعة ملايين فرنسى وأكثر من خمسين من قادة العالم للتنديد بالإرهاب الذى أودى بحياة 12 صحفيا ورجل أمن، وشارلى ــ إبدو مجلة أسبوعية توزع 60 ألف نسخة فقط لشعب يزيد على 70 مليون نسمة وكلهم يلتهمون الكتب، وهذا الحشد هو لتأكيد القيم الأوروبية بوجه عام والقيم الفرنسية بوجه خاص ومنها، حرية الرأى ــ حرية التعبير ــ الديموقراطية ــ العلمانية إلى آخره وقد حمل الفرنسيون لافتات مكتوبا عليها «كلنا شارلى» أو «كلنا شارلى مسلمون ومسيحيون ويهود» أو «كلنا جيش وشرطة» إلى آخره من اللافتات التى أعادت لأذهاننا مليونيات التحرير رغم اختلاف أسباب الحشد ولنا هنا بعض المشاهدات وبعض الأسئلة:

• لماذا تحرك العالم وقادته ضد الإرهاب فى فرنسا ولم يحركوا ساكنا ضد الإرهاب الذى مارسه الإخوان والتنظيمات الإرهابية والتكفيرية فى مصر وأماكن أخرى فى الشرق الأوسط من قتل وإرهاب بسطاء شعبنا وحرق الكنائس والمؤسسات، فلماذا الكيل بمكيالين؟

• اضطرت الحكومة الفرنسية لإنزال الجيش والقبض على عدد كبير من المشتبه بهم وإعلان الطوارئ وهى على حق فى ذلك ــ ولم ينتقدها أحد بينما الغرب مارس الانتقاد والضغط علينا عندما كنا فى حالة أسوأ بكثير مما هم فيه الآن.

• المحللون هناك نادوا بأن حقوق «الدولة» أعلى مرتبة من حقوق الإنسان وهذا ما فعلته ثورة 30 يونيو إذ هب الشعب المصرى ضد من أرادوا إسقاط مصر ودولة مصر فمن المهم أن يفهموا ذلك.

• هل هناك فى فرنسا خلايا إرهابية تساعد الإرهابيين؟ ومن أين لهم بالأسلحة الثقيلة والمعلومات الدقيقة لتنفيذ العملية الإجرامية ومن يرفع لهم الفيديوهات التكفيرية على مواقع التواصل الاجتماعى؟

• وهنا يطفو على السطح سؤال أخلاقى خاصة أن العدد الذى أصدرته مجلة شارلى إبدو بعد الحادث كان يسخر من نبى الإسلام وهو إذا كان قتل الآخر تطرفا وإرهابا أليست الإساءة إلى معتقدات الآخر والتهجم عليها يُعد بدوره أيضا تطرفا وإرهابا؟ عندما تنشر المجلة المذكورة كاريكاتورا مسيئا عن الإسلام وأيضا الكنيسة والبابا وعن الله تعالى ذاته مصحوبة بنكات مقززة أليس هذا أيضا تطرفا؟ صحيح أن «الكلمة» و«الرسمة» ليست بالقوة القاتلة كالسلاح ولكن «الكلمة «أو «الرسمة» إن لم تحترم معتقدات الآخرين قد تكون أكثر فتكا من السلاح، وطلقات حبرها أقوى تدميرا من الكلاشينكوف، وألوانها أقوى تلطخا من لون الدم، فالكلمة المتطرفة تلد أحقادا وتفرز عنصرية ضد الآخرين (يوجد أكثر من 5 ملايين مسلم فرنسى فى فرنسا) فليس كل كلمة هى حرية وليس كل رسمة هى تعبير حر، فالكلمة والرسمة تتحمل مسئولية أخلاقية تجاه الآخرين، فبقدر إدانتى للإرهاب والقتل التى أودت بحياة صحفيين بقدر إدانتى «للكلمة والرسمة» الإرهابية التى تصيب إيمان الآخرين فى مقتل. فلا يجب أن تأخذنا بريق الكلمات، كالحرية والديمقراطية وحرية التعبير بعيدا عن المسئولية الأخلاقية التى يجب أن يتحلى بها القلم.

على الدول الغربية التى ساندت (بحسن نية أو سوء نية) التنظيمات الإرهابية باسم حقوق الإنسان أن تتعظ وتأخذ الخبرة ممن اكتوى قبلهم بنار الإرهاب اللابس عباءة الدين وعلى العالم اليوم أن يتحد ويكون يدا واحدة ضد كل الإرهاب قبل أن يجد العالم نفسه قد دخل فى نفق مُظلم سيكلف أرواحا كثيرة للخروج منه.

الأب رفيق جريش الأب رفيق جريش
التعليقات