التعليم فى عصر الميتافيرس - العالم يفكر - بوابة الشروق
الإثنين 17 يونيو 2024 4:41 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التعليم فى عصر الميتافيرس

نشر فى : الأربعاء 24 أغسطس 2022 - 7:10 م | آخر تحديث : الأربعاء 24 أغسطس 2022 - 7:10 م

نشرت مؤسسة الفكر العربى مقالا بتاريخ 25 أغسطس للدكتور خالد صلاح حنفى محمود، أستاذ أصول التربية المساعد بجامعة الإسكندريّة، تناول فيه مزايا وتحديات التعليم باستخدام الميتافيرس.. نعرض من المقال ما يلى.
مرّت شبكة الإنترنت منذ نشأتها وحتّى وقتنا الحاضر بثلاث مراحل، كانت الأولى معنيَّة بالاتّصالات والولوج إلى مصادر المعلومات وكانت أدواتها بسيطة وغير معقّدة تمثّلت فى البريد الإلكترونى وصفحات الويب. ثمّ جاءت المرحلة الثانية التى كانت معنيَّة بالاقتصاد الشبكى، حيث تمّ فيها مُمارَسة الأعمال المُرتبطة بالاقتصاد بصورة رقميّة، وكانت أدواتها مرتبطة بسلسلة القيمة للعمليّات الاقتصاديّة وتشمل وسائل الدفع غير النقديّ من عملات إلكترونيّة ومشفّرة. أمّا المرحلة الثالثة فعنيَت أكثر بالتواصُل بين المُستخدِمين والمستخدمات بصورةٍ أكثر فاعليّة سواء كان تواصلا لأغراضٍ اقتصاديّة أو تواصُلا اجتماعيّا تطوَّر عدّة مرّات فى فترةٍ زمنيّة قصيرة وكانت أهمّ أدواتها منصّات التواصُل الاجتماعى والهواتف الذكيّة.
نأتى حاليّا إلى المرحلة الرابعة، وهى ظهور الميتافيرس، حيث أعلنَ «مارك زوكربرج» مؤسِّس شركة الفيسبوك عن تغيير اسمها إلى «ميتا» ليقوم باستخدام تقنيّات الواقع الافتراضى Virtual Reality والواقع المعزَّز Augmented Reality، وذلك بصورة أكثر تكامُلا وشموليّة. وتتكوَّن الكلمة من مقطعَيْن: الأوّل Meta وهو الاسم الجديد الذى تغيّرت إليه فيس بوك، ويعنى «ما وراء»، والمقطع الثانى Verse الذى يأتى اختصارا لكلمة Universe بمعنى «العالَم»، والكلمتان معا تأتيان بمعنى «العالَم الماورائى».
ويسعى «مارك زوكربرج» من خلال «الميتافيرس» إلى إنشاء عالَمٍ افتراضى يسدّ الفجوة بين العالمَين الواقعى والرقمى، لينشأ بذلك عالَمٌ ثالث افتراضى، يستطيع فيه الأفراد إنشاء حياة افتراضيّة لهم عبر مساحاتٍ مختلفة من الإنترنت، تسمح لهم بالتلاقى والعمل والتعليم والترفيه فى داخله، مع توفير تجربة تسمح لهم ليس بالمشاهدة عن بُعد عبر الأجهزة الذكيّة فحسب كما يحدث حاليّا، ولكن بالدخول إلى هذا العالَم فى شكلٍ ثلاثى الأبعاد عبر تقنيّات الواقع الافتراضى. فمن خلال استخدام نظّارات الواقع الافتراضى والواقع المُعزَّز وارتداء السترات والقفّازات المُزوَّدة بأجهزةِ استشعار، تستطيع المستخدمة أو المُستخدِم أن يعيش تجربةً شبه حقيقيّة، تعمل فيها هذه التقنيّات الذكيّة كوسيطٍ بين المُستخدِمين فى عالَم «الميتافيرس»، لإيصال الشعور بالإحساس المادّى، فيستطيع أن يرى الأشياء من حوله بصورةٍ ثلاثيّة الأبعاد عبر النظّارة، كما يُمكن أن يشعر فيها بالمؤثّرات الجسديّة الحسيّة، كإحساس السقوط فى المياه أو اللّكمة فى الوجه أو غيرها، من خلال المُستشعرات الموجودة فى السترات والقفّازات التى يرتديها، فيحصل على تجربة أشبه بالواقعيّة حتّى وإن كانت غير مباشرة.
مزايا التعليم باستخدام الميتافيرس
تَمنح التفاعُلات فى الميتافيرس أصحابها انطباعَ خَوض تجارب حقيقيّة وصناعة ذكريات حقيقيّة، لأنّهم يفعلون ذلك حقّا. وتوفِّر تجربة عالَم «الميتافيرس» فى التعليم للطالبات والطلّاب المعنيّين بدراسة الفضاء أو المُحيطات أو الجيولوجيا أو التاريخ فرصةً لمُحاكاة هذه العوالم فى صورةٍ ثلاثيّة الأبعاد، وبالتالى يُمكنهم الذهاب إلى القمر أو أحد الكواكب الشمسيّة أو حتّى الشمس نفسها، وأيضا يُمكنهم الذهاب إلى أعماق المُحيطات أو باطن الأرض، أو حتّى العودة إلى أحد الأزمنة التاريخيّة ومُحاكاة طُرق العيش فيها. ومع دخول نُظم الذكاء الاصطناعى فى برْمَجة شخصيّات هذه العوامل، يُمكنهم أن يعيشوا تجربةً شبه حقيقيّة بالفعل.
ويُتيح التعلّم فى الميتافيرس تأسيسَ تواصُلٍ بين المتعلّمين والمتعلمات من جميع أنحاء العالَم وتقويتهم للتفاعُل بطُرقٍ معبِّرة. يتّسم هذا التعليم بتفاعليّة وتأثير أكبر لأنّه يتيح لنا محاكاة كلّ شىء من المحادثة إلى الجراحة.
وقد وَجدت شركة «بى دبليو سى» أنّ المتعلمات والمتعلّمين الذين تدرّبوا على استخدام الواقع الافتراضى امتلكوا ثقة أكبر بمعدّل 275 فى المائة فى استخدام ما تعلّموه بعد التدريب ــ أى تحسُّن بنسبة 40 فى المائة عن التعلّم فى غُرف الصفّ، و35 فى المائة عن التعلّم الإلكترونى.
وقد أشارت تقارير شركة «إس آى بى» للبَرْمَجة ومنظّمة «جوبز فور ذا فيوتشر» حول استخدام برنامج سكيل إمرشن لاب Skill Immersion Lab المُعتمِد على استخدام تقنيّات الميتافيرس إلى أنّ البرنامج أَسهَم إيجابا فى تنمية قدرة المتعلّمين والمتعلمات فى مرحلة الثانويّة على تطوير المهارات المطلوبة للتوظيف. فقد أظهر أوّل استخدامٍ أنّ أكثر من 85 فى المائة شعروا بثقة أكبر فى التكلّم مع الآخرين بعد انتهاء تجارُب التعلّم الانغماسى. وصرّح 85 فى المائة من هؤلاء بأنّ قدرتهم على إيجاد الكلمات الصحيحة للتعبير عن فكرة معيّنة تحسّنت خلال البرنامج، بينما اعترف 90 فى المائة منهم بأنّهم كانوا يُراجعون إجاباتهم لمعرفة كيف يُمكنهم أن يُحسّنوا أنفسهم بعد انتهاء كلّ درس؛ وتظهر النتائج النهائيّة للبرنامج، أنّ محتوى التعليم الانغماسى مُنتِج، وأنّ الأولويّة الآتية يجب أن تكون إيصاله إلى أكبر عددٍ من المتعلّمين والمتعلمات.
ويملك الميتافيرس القدرة على استنساخ التفاعُلات البشريّة وإقناع الآخرين بها بفضل حسّ الوجود والواقعيّة العاطفيّة اللّتَيْن يتميّز بهما. تَضمن مكانة هاتَين الميزتَيْن نوعا من الألفة والارتباط بالعالَم المادّى.
وتُساعِد زيادة التفاعُلات الرقميّة أيضا فى تعزيز تركيزنا وانتباهنا فى حياتنا الحقيقيّة، لأنّ زيادة إنتاجيّة التعاوُن والتعلّم الانغماسيَّين تترك لنا المزيد من الوقت للاستفادة منه فى أيّامنا العاديّة للتواصل مع العالَم المادّى والأشخاص المُحيطين بنا فيه. يملك الميتافيرس القدرة على تحقيق توازنٍ مع الجوانب السلبيّة للرقْمَنة، عبر تعزيز الأنْسَنة والتواصُل خلال الوقت الذى نمضيه فى العالَم الإلكترونى، ومُساعدتنا بالاستمتاع أكثر بالحياة التى نعيشها بعيدا عن التقنيّة.
تحدّيات التعلّم عن طريق الميتافيرس
ينطوى التعلّم الإلكترونى على وجه العموم على الكثير من الجوانب السلبيّة كانعدام المُساواة فى الحصول على التقنيّة، كما أنّ هناك مشكلات تتعلّق بالبنية التحتية للإنترنت، وإمكانيّة تفاعُل أعداد كبيرة من المُشاركين والمشاركات مع بعضهم البعض فى الوقت الفعلى، وحواجز اللّغة، ومشكلات زمن الوصول. ومع انتشار شبكات الجيل الخامس اللّاسلكيّة مع زمن انتقالٍ مُنخفض للغاية وخصائص عرض النطاق التردُّدى العالى التى يُمكنها التعامُل مع الواقع الافتراضى السلس والواقع المعزّز، يتوقَّع أن تنتشر تلك التقنيّات على نطاقٍ أوسع. فوفقا لتقارير شركة «Campus Technology»، سينمو سوق الواقع المعزّز والافتراضى إلى أكثر من ثمانية أضعاف حجْمه الحالى على مدار السنوات الخمس المُقبلة، ممّا يجعله الفئة الأسرع نموّا بين الأجهزة الناشئة، والتى تشمل الأجهزة القابلة للارتداء والأجهزة المنزليّة الذكيّة.
ويحتاج ذوو وذوات الاحتياجات الخاصّة الذين لديهم مشكلات (بصريّة، وسمعيّة، وغيرها) إلى تجهيزاتٍ خاصّة ليتمكّنوا من الاستفادة من الميتافيرس، لكنّ الحصول على الأجهزة والأدوات الضروريّة قد يكون صعبا بسبب ارتفاع سعرها. لذا؛ يتطلّب الميتافيرس، كما الإنترنت، اعتماد استراتيجيّة تضمن إتاحته للجميع بالتساوى، وخصوصا لأولئك الذين لا يملكون الوسائط المطلوبة للمُشاركة فيه.
كذلك يحدّ الاتصال الافتراضى من صدق تعابير الوجه ولغة الجسد، فضلا عن أنّه يضع حواجز رقميّة وماديّة بين البشر. فى المقابل، يستطيع المُستخدِم خلال اجتماع فى الواقع الافتراضى أو المعزّز أن يرى حركات الشخصيّات الرمزيّة التى تمثّل الزملاء، بالإضافة إلى الشعور بوجودهم وكأنّهم معه فى العالَم الحقيقى.
ختاما، فإنّ الأمل معقود بتطوُّر تكنولوجيا الميتافيرس، بما يُمكِّننا من الاستفادة منها لإعادة تشكيل مستقبل التعليم قريبا من أجل مُستقبلٍ مُزهر تقنيا لأطفالنا.
النص الأصلى

التعليقات