تعتبر إسرائيل أن التصعيد على الحدود مع غزة فى الأيام الأخيرة أمر خطير للغاية.
فللمرة الأولى منذ زمن طويل تشارك «حماس فى علميات قصف المستوطنات فى الجنوب بالصواريخ والقذائف المدفعية، وبالإضافة إلى ذلك فإنها لم تبادر كما كان تفعل فى الماضى إلى كبح نشطاء «الجهاد الإسلامى» ولجان المقاومة الشعبية.
منذ مطلع شهر ديسمبر وحتى اليوم، أطلقت من غزة على إسرائيل 30 قذيفة وخمسة صواريخ قسام. بينما تراوح عدد القذائف التى كانت تطلق سابقا من غزة بين 12 إلى 15 قذيفة فى الشهر. كما تضاعف فى هذا الشهر عدد الحوادث التى وقعت على طول الحدود مع غزة. ويعود ذلك إلى تزايد العمليات التى قام بها الجيش الإسرائيلى ضد الخلايا التى تطلق صواريخ القسام، والتى أدت فى نهاية الأسبوع الماضى إلى مقتل خمسة أعضاء من خلية كانت تحاول إطلاق صواريخ القسام فى اتجاه النقب.
قبل الأيام الأخيرة تجنبت حماس المشاركة مباشرة فى العمليات ضد إسرائيل ويبدو أنها غيرت موقفها لعدة أسباب منها:
ــ الزمن الطويل نسبيا الذى مر منذ عملية «الرصاص المسبوك»، وفى تقدير إسرائيل أن الردع الذى كان سائدا قد تآكل.
ــ تزود حماس بصواريخ بعيدة المدى، وصواريخ مضادة للدبابات من طراز «كورنيت» المتطور نسبيا. ولقد أصاب أحد هذه الصواريخ قبل أسبوعين دبابة إسرائيلية وأوقع فيها أضرارا. وقد أدى تعاظم القوة العسكرية «لحماس»، إلى استعادة ثقتها بنفسها، لاسيما لدى جناحها العسكرى عزالدين القسام، وربما هذا ما سمح لنشطاء الحركة بالقيام بالعمليات مجددا.
ــ ضغط التنظيمات المتطرفة ــ لاسيما الجهاد الإسلامى ولجان المقاومة الشعبية، والتنظيمات الأخرى التى تعمل تحت إمرة الجهاد العالمى من أجل التحرك والقيام بعمليات ضد إسرائيل، وادعائهم بأن «حماس» تخلت عن الكفاح المسلح.
ــ وهناك أسباب أخرى مثل جمود المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، والجمود فى المفاوضات بشأن إطلاق جلعاد شاليت، وظروف الطقس.
نتيجة ذلك كله، بدأت «حماس» فى استفزاز الجيش الإسرائيلى، والتصدى للعمليات التى يقوم بها على جانبى الجدار. وقد حاولت بصورة رئيسية التصدى للعمليات الاستباقية التى ينفذها الجيش الإسرائيلى داخل الأراضى الفلسطينية، وعلى عمق بضع مئات من الأمتار. وبصورة عامة لا يسمح للجيش الإسرائيلى لأحد بالاقتراب من هذا الحاجز الضيق، لأنه يعتبر أن الذين يقومون بذلك هم واضعو العبوات الناسفة، أو الذين يحاولون إطلاق صواريخ الآر. بى. جى على دبابات القوات العسكرية العاملة فى المنطقة. ويبدو أن حماس تريد أن تفرض قواعد لعبة جديدة، وأن تمنع الجيش الإسرائيلى من العمل ما وراء الجدار الحدودى، كما تنشط الحركة شرقا من خلال إطلاق القذائف على الجيش الإسرائيلى والمستوطنات.
وعلى الرغم من أن إطلاق النار لم يصل إلى ما كان عليه قبل عملية «الرصاص المسبوك»، إلا أنه يعكس تغييرا نوعيا واضحا. ومع ذلك تقدر إسرائيل أن حماس غير معنية بالعودة إلى الاشتباكات العنيفة التى سبقت العملية العسكرية الكبرى، لأنها لا تزال تشعر بالردع، ولأنها تتخوف من أن يقوم الجيش الإسرائيلى بتدمير أعمال الترميم التى تقوم بها حكومة «حماس» فى القطاع، ومن أن ينجم عن ذلك معاناة جديدة للمواطنين.
لا ينوى الجيش الإسرائيلى ممارسة ضبط النفس فى مواجهة العمليات الأخيرة، وسيوضح لحماس أنها إذا استمرت فى السماح لناشطيها بإطلاق النار على إسرائيل، ولم تكبح «التنظيمات المتمردة»، فإنه سيتشدد فى رده.