المصالحة الفلسطينية بين «حماس» والسلطة الفلسطينية.. الرابحون والخاسرون - رون بن يشاي - بوابة الشروق
السبت 5 يوليه 2025 4:34 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

من أفضل فريق عربي في دور المجموعات بمونديال الأندية؟

المصالحة الفلسطينية بين «حماس» والسلطة الفلسطينية.. الرابحون والخاسرون

نشر فى : الإثنين 28 أبريل 2014 - 6:35 ص | آخر تحديث : الإثنين 28 أبريل 2014 - 6:35 ص

عندما ندرس بنود اتفاق المصالحة بين «فتح» و«حماس» نرى فورا أن لا جديد فيها، وأن المقصود هو تطبيق اتفاقات المصالحة الداخلية الفلسطينية السابقة.

وما يمنح الاتفاق الحالى شيئا من الجدية هو الجدول الزمنى الذى وضع للاتفاق: خمسة أسابيع لتأليف حكومة موقتة، ثم ستة أشهر من أجل إجراء انتخابات عامة. لكن اتفاقات سابقة مثل اتفاق القاهرة مايو 2011 وإعلان الدوحة فبراير 2012 حددت لهما جداول زمنية لتطبيقهما لكن فى النهاية لم يطبق شىء.

من المؤشرات التى تدل على أن المصالحة خطوة تكتيكية ــ على الأقل بالنسبة لأبو مازن ــ عدم تضمنها إطلاق معتقلى الطرفين فى سجون غزة والضفة، كما لم يأت الاتفاق على ذكر المبادئ التى ستعمل بموجبها القوى الأمنية التابعة للسلطة وتلك التابعة «لحماس»، كما لم يذكر كيف سيجرى الدمج بين مؤسسات السلطة الأخرى. ومن يبحث عن مؤشرات إضافية تدل على تحفظات أبو مازن سيلفت نظره أنه لم يتحدث مطولا عن الاتفاق باستثناء تعليق مقتضب قال فيه إن الاتفاق الفلسطينى الداخلى لا يتعارض مع المفاوضات مع إسرائيل.

وهذا ليس مستغربا، فحماس هى الرابح الأساسى من توقيع الاتفاق، فهذا التنظيم الإسلامى الذى يسيطر على قطاع غزة يعانى من ضائقة اقتصادية وسياسية حادة وهو غير قادر على تأمين الحد الأدنى من حاجات نحو مليون ونصف المليون من سكان القطاع بسبب ابتعاده عن سورية وإيران وخسارته لدعم النظام الحاكم حاليا فى مصر الذى يعتبر «حماس» حليفة للإخوان المسلمين وأنها تشكل تهديدا غير مباشر لأمن المواطنين فى مصر. ولهذا السبب يقوم رجال الجنرال السيسى بهدم أنفاق التهريب ويفتحون معبر رفح بصورة متقطعة.

إن اتفاق المصالحة الموقع قبل يومين يمنح «حماس» الشرعية الدولية وربما قد تحصل بعده على مساعدات للتغلب على محنتها ومحنة سكان القطاع.

فاليوم تقدم قطر وتركيا بصعوبة ما تعهدتا به.

لكن ما هو أكثر أهمية بالنسبة لـ«حماس» هو أن اتفاق المصالحة يجعل أبو مازن مسئولا عن أمن سكان القطاع ورفاههم، فإلى اليوم يدفع أبومازن حسابات محطة الوقود فى غزة (إسرائيل هى التى تزودها بالوقود)، وهو الذى يدفع رواتب الأساتذة الذين ينتمون لحركة «فتح» فى القطاع مع أنهم لا يفعلون شيئا منذ سنة 2007، ومنذ الآن سيصبح محمود عباس مسئولا عن الجميع،

وسيصدع رأسه بحثا عن عذر يمكنه من الحصول على مساعدات من الأمريكيين والأوروبيين ستصل فى النهاية إلى «حماس» والفصائل الأخرى فى غزة.

ثمة فائدة أخرى ستحصل عليها «حماس» هى قبولها مع الجهاد الإسلامى الفلسطينى والمنظمات الغزية الأخرى كأعضاء فى منظمة التحرير الفلسطينية.

وهذا سيسمح لـ«حماس» بالسيطرة على المنظمة التى تمثل الشعب الفلسطينى.

ويجب ألا ننسى أن أبومازن هو زعيم منظمة التحرير ومنها يستمد صلاحياته. فإذا سيطرت «حماس» على المنظمة، فإن هذا سيمنح المنظمة

الفلسطينية توجها جديدا كفاحيا.

فى المقابل، فإن أبومازن وحركة «فتح» لن يربحا الكثير، فهما سيحصلان على نقاط وسط الرأى العام الفلسطينى لأن المصالحة تحظى بتأييد كبير فى الضفة ومخيمات اللاجئين. وسوف يحصل أبو مازن على سوط جديد يستطيع أن يرفعه فوق رءوس الأمريكيين والإسرائيليين فيما يتعلق باستئناف المفاوضات السياسية.

على الرغم من التصريح الذى أدلى به أبو مازن هذا المساء فإنه فى حال جرت الاستجابة للشروط التى وضعها لاستئناف المفاوضات، فهو يستطيع التهرب من الاتفاق الحالى مع «حماس» مثلما فعل فى الاتفاقات السابقة. لكن إذا لم تجر الموافقة على شروطه، فبإمكانه اتهام إسرائيل والأمريكيين بأنهم هم الذين دفعوا به إلى أحضان «حماس» والجهاد الإسلامى ولجان المقاومة الشعبية.

وفى الواقع هناك أسباب عديدة تجعل أبو مازن غير سعيد بالاتفاق، فهو يعلم أن التقارب بينه وبين «حماس» والجهاد الإسلامى لن ينظر إليه بعين الرضا خاصة من جانب مصر والسعودية اللتين تعاديان الإخوان المسلمين وأمثالهم.

كما أن الاتفاق مع «حماس» يعرض للخطر حكمه وحركة «فتح» والسلطة الفلسطينية فى الضفة. فقد تسيطر «حماس» على الضفة وتدفع الفلسطينيين إلى مواجهة مع إسرائيل وإلى وضع اقتصادى صعب مثل وضع أهالى غزة.

أما فيما يتعلق بإسرائيل فليس هناك أسباب تدعوها للتحسر، فاتفاق المصالحة يعطى رئيس الحكومة ووزير الدفاع وسيلة دعائية مهمة يستطيعان استغلالها من أجل إظهار أبو مازن ورجاله فى صورة ذئاب إرهابية فى ثياب نعاج من أنصار السلام، وما يؤكد ذلك هو الوحدة بين «فتح» و»حماس».

فى هذه الأثناء، تتخذ الإدارة الأمريكية موقفا مثيرا للاهتمام، فهى مستعدة لمنح شرعية غير مباشرة لـ«حماس» شرط استمرار المفاوضات، وألا يشكل اتفاق المصالحة سببا لوقف الاتصالات مع إسرائيل. كيف يمكن تحقيق ذلك؟

بأن تعترف، حسبما يقول الأمريكيون، حكومة الوحدة الفلسطينية بمبادئ عدم استخدام العنف وبدولة إسرائيل والاتفاقات السابقة معها، وبهذه الطريقة تلتف «حماس» على ضرورة الاعتراف مباشرة بهذه المبادئ.

لكن الأمريكيين يضيفون شرطا آخر قد يثقل على «حماس» وأبو مازن وهو أن تطبق الحكومة الفلسطينية هذه المبادئ أى الامتناع عن إطلاق صواريخ.

وبهذه الطريقة تسجل إسرائيل لنفسها إنجازا إضافيا: فإذا نُفذ الاتفاق سيصبح أبو مازن مسؤولا رسميا عن كل صاروخ قسّام أو عبوة ناسفة تخرج من القطاع أو تنفجر فى إسرائيل والضفة. الأمر الذى سيعزز مطالب إسرائيل الأمنية فى إطار أى اتفاق ويسمح لنتنياهو ويعالون بإضافة مطالب أخرى.

إن مجرد توقيع اتفاق المصالحة يعزز الادعاء الإسرائيلى بشأن الحاجة إلى ترتيبات أمنية صارمة وواسعة، كما أن الاتفاق يجعل أبو مازن المسئول

المباشر عما يفعله أنصار «حماس» وسائر التنظيمات، فإذا تبين أنه غير قادر على السيطرة عليهم، فهذا يعنى أنه غير قادر على تطبيق الاتفاق الذى سيوقعه مع إسرائيل. وسوف تستغل هذه الحجة سياسيا من جانب اليمين الإسرائيلى.

وفى الختام يبدو أن توقيع اتفاق المصالحة لا يدل بالضرورة على رغبة أبو مازن فى تطبيقه. ويمكننا افتراض أن تطبيقه منوط اليوم بأمر واحد هو هل سيتفق كل من إسرائيل والفلسطينيون على تمديد المفاوضات. فإذا جرى ذلك،

فإن اتفاق المصالحة الفلسطينية سيتبخر مثلما تبخرت الاتفاقات السابقة. أما إذا لم يتم الاتفاق على تمديد المفاوضات السياسية، فإن أبو مازن سيواصل مفاوضاته مع «حماس» إلى أن يحدث انفجار جديد.

رون بن يشاي معلق عسكرى «يديعوت أحرونوت» نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية
التعليقات