الهزيمة من «المسافة صفر»! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 3:30 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الهزيمة من «المسافة صفر»!

نشر فى : الجمعة 29 ديسمبر 2023 - 6:50 م | آخر تحديث : الجمعة 29 ديسمبر 2023 - 6:50 م

الشهادات التى تظهر تباعا من داخل الكيان الصهيونى لقادة عسكريين كبار، تثبت بما لا يدع مجالا للشك، حجم الهزيمة التى مُنى بها جيش الاحتلال على يد المقاومة الفلسطينية فى قطاع غزة، منذ هجوم «طوفان الأقصى» فى السابع من أكتوبر الماضى.
أهمية تلك الشهادات أو الاعترافات إن جاز لنا القول، تكمن فى رؤية الصورة كما يراها الكيان الصهيونى، وليس كما يحاول تصديره لنا عبر مشاهد القتل والدم والعنف والتدمير والتهجير والتجويع وجرائم الإبادة الجماعية ضد النساء والأطفال فى القطاع، والتى يهدف من خلالها إلى توصيل رسالة للدول العربية كافة، مفادها أن ما يحدث فى غزة من خراب واسع وجرائم هائلة ضد الإنسانية، يمكن أن يحدث فى أى مكان آخر، إذا ما قرر فى يوم من الأيام، مواجهة دولة الاحتلال من أجل تحرير الأرض العربية ومقدساتها، أو حتى التصدى لأطماعها فى المنطقة.
أحدث الشهادات التى ظهرت فى دولة الاحتلال، كانت لرئيس أركان الجيش الإسرائيلى السابق دان حالوتس، الذى قال إن «إسرائيل خسرت الحرب ضد حماس، وأن صورة النصر الوحيدة التى ستتحقق هى الإطاحة برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو».
وأضاف حالوتس فى تصريحات له الأسبوع الماضى، أن إسرائيل لم تنتصر فى حرب «السيوف الحديدية» (التسمية الإسرائيلية للعدوان الحالى على غزة). وتابع: «لن تكون هناك صورة للنصر فى هذه الحرب، بل صورة للخسارة فقط مع وجود 1300 قتيل و240 مختطفا و200 ألف لاجئ»، مشددا على أن «صورة النصر الوحيدة ستكون عزل نتنياهو».
الشهادة الثانية للجنرال العسكرى الإسرائيلى اللواء فى الاحتياط، إسحاق بريك، والتى قال فيها: «لا تصدقوا الجيش الإسرائيلى والمحللين الإسرائيليين، فلا حل لأنفاق حماس.. فقادة الجيش يقدمون صورة خاطئة عن آلاف القتلى من المقاومة، ويواصلون تزوير صور من هذا النوع، كما لو أنهم لم يتعلموا شيئا».
وأشار بريك فى تصريحات لصحيفة هاآرتس العبرية، الثلاثاء الماضى، إلى أن «عدد مَن قتلوا من قوات حماس، أقل بكثير مما يروج له، وأن أغلب من قتلوا من الجنود والضباط الإسرائيليين سقطوا نتيجة لقنابل حماس وصواريخها المضادة للدبابات».
وأعرب عن اعتقاده بأن «الجيش الإسرائيلى لا يمتلك حاليا وسيلة ناجعة وسريعة للقضاء على أعضاء حماس، الذين يتواجدون فى الأنفاق ولا يخرجون من فتحاتها إلا لزرع القنابل ونصب الأفخاخ المتفجرة وإطلاق الصواريخ المضادة للدبابات على المركبات المدرعة للاحتلال، ثم يختفون مرة أخرى داخل الأنفاق».
وتابع أن «المتحدث باسم الجيش الإسرائيلى وكبار مسئولى الدفاع يريدون تصوير الحرب على أنها نصر عظيم، وذلك قبل أن ينقشع غبار المعركة وتتضح الصورة الحقيقية».
هاتان الشهادتان للقادة العسكريين الإسرائيليين تعكسان الصورة الحقيقية لتقييم الحرب داخل الكيان الصهيونى، وتثبتان أن جيش الاحتلال فشل حتى هذه اللحظة فى تحقيق أهدافه، المتمثلة بالقضاء على المقاومة الفلسطينية فى غزة، رغم الدعم الأمريكى غير المسبوق للجرائم التى يرتكبها ضد المدنيين الأبرياء فى القطاع.
ليس هذا فقط، بل إن هذه الشهادات تدعم بشكل واضح، ما ذكرته تقارير عبرية عن وجود خلاف داخل «كابينيت الحرب» الإسرائيلى بشأن سير العمليات العسكرية فى قطاع غزة، وتوقيت الانتقال إلى «المرحلة التالية»، والتى تتضمن تغيير أساليب القتال، والتحول من الانتشار الواسع للقوات فى القطاع إلى تجميعها، وتنفيذ عمليات مُركّزة ضد عناصر المقاومة الفلسطينية.
«المرحلة التالية» المرتقبة من العدوان الصهيونى ضد الفلسطينيين، حال دخولها موضع التنفيذ، ستكون دليلا آخر على أن الاحتلال فشل فى تحقيق صورة النصر المزعوم التى كان يريدها، بل إنه يحاول سحب قواته من «وحل غزة»، لتقليل خسائره البشرية قدر المستطاع بعدما اتضح أنها أصبحت صيدًا سهلاً ومن «المسافة صفر» لمقاومين مسلحين بأسلحة خفيفة وبسيطة، وفى أحيان كثيرة لا يرتدون سترات واقية من الرصاص أو حتى أحذية عسكرية!!.
ربما تحجب مشاهد القتل والدمار فى غزة، عن بعض السياسيين والإعلاميين فى عالمنا العربى، رؤية حقيقة باتت واضحة للكثيرين، وهى أن «المسافة صفر» أضحت عنوانًا كبيرًا لهزيمة الجيش الصهيونى وباعتراف قادته العسكريين، وتجسيدًا لانتصار الشعب الفلسطينى، الذى لم يتزعزع إيمانه بعدالة قضيته أو تمسكه بأرضه ومقدساته.

التعليقات