المرض وخريطة الألم فى مصر - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 12:40 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المرض وخريطة الألم فى مصر

نشر فى : الجمعة 31 مارس 2017 - 9:45 م | آخر تحديث : الجمعة 31 مارس 2017 - 9:45 م

فى الأسبوع الماضى ذهبت برفقة أحد المعارف لمستشفى المنيرة العام القريب من المبتديان. حينما دخلت المستشفى وجدت طوابير طويلة وأحد المرضى عرفنى، وخاطبنى قائلا: «إيه اللى جايبك عندنا يا أستاذ عماد؟!!». من ذهبت معه، لم تعجبه الحال، وفضل المغادرة بحثا عن مكان آخر يستطيع أن يعالجه، وحالته لم تكن شديدة الخطورة عموما.
وفى السنوات الأخيرة ذهبت لزيارة العديد من الأقارب والأصدقاء، كانوا يجرون عمليات جراحية فى مستشفيات جامعية، يفترض أنها مرموقة.حينما دخلت واحدة من هذه المستشفيات، سألت عن رقم غرفة المريض، ضحك الموظف وقال لى: ستجده فى الممر فوق التروللى». بحثت عنه ووجدته فعلا، وكان قد أجرى العملية الجراحية الصعبة قبل ساعات قليلة، ويفترض أن يكون فى غرفة العناية المركزة!!!.
ويوم الخميس الماضى تلقيت رسالة من أسيوط تقول «أنا دكتورة بقسم علاج الأورام بمستشفى أسيوط الجامعى، وهو الأكبر فى كل الصعيد، جهاز العلاج الاشعاعى به معطل منذ نحو عام. ومرضى الأورام الفقراء لا يستطيعون السفر للقاهرة، وبالتالى هم يموتون عمليا. وتكلفة شراء جهاز جديد تحتاج عشرين مليون جنيه غير متوافرة. هل من تدخل حكومى أو فاعل خير لشراء الجهاز؟».
وطوال الفترة الماضية أتلقى اتصالات متنوعة تكاد تكون يومية من أجل المساعدة فى ادخال طفل لأحد مستشفيات الأورام العامة أو الخاصة، أو معهد القلب، أو البحث عن أى سرير عناية مركزة فى أى مستشفى حتى لو كان من النوعية التى تتطلب دفع عشرات الآلاف من الجنيهات يوميا.
أبذل ما استطيع من جهد، مثلما يفعل غيرى وهم كثيرون، لكن «حال الصحة فى مصر يصعب على الكافر».
لا ألوم المستشفيات العامة أو الجامعية، فهى تنحت فعلا فى الصخر وتقدم خدمات شبه مجانية لكثيرين خصوصا الفقراء، وعندما زرت مستشفى المنيرة منذ أيام أو كلما مررت أمام معهد الأورام، ورأيت الطوابير أو انتظار المرضى واقاربهم على الكورنيش اتساءل فى نفسى: «كان الله فى عون هذه المستشفيات وعون المرضى الفقراء بطبيعة الحال».
حال المنظومة الصحية فى مصر، الخاص منها والعام الغنى والفقير، معروف للجميع ولا يحتاج وصفا، ومعظمنا له تجارب كثيرة مع هذا الواقع الأليم، لدرجة تدفع البعض للقول إن بعض الفقراء صار يموت فعلا، لأنه لا يملك ثمن علاجه.
وبما أننا لن نضيف جديدا على هذا الواقع فإن السؤال الجوهرى هو: كى يمكن الخروج منه؟!
الإجابة ليست سهلة وتحتاج جهدا وإبداعا من الجميع، وفى مقدمتهم الحكومة وسائر اجهزة الدولة، خصوصا أن واقع المنظومة الصحية فى مصر، محزن وربما يحتاج معجزة لنبدأ السير على الطريق الصحيح.
المادة ١٨ من الدستور العظيم فى عام ٢٠١٤ تقول الآتى:
«لكل مواطن الحق فى الرعاية الصحية المتكاملة وفقا لمعايير الجودة، وتكفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التى تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافى العادل.. وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للصحة لا تقل عن 3% من الناتج القومى الإجمالى تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية. وتلتزم الدولة بإقامة نظام تأمين صحى شامل لجميع المصريين يغطى كل الأمراض، وينظم القانون إسهام المواطنين فى اشتراكاته أو إعفائهم منها طبقا لمعدلات دخولهم. ويجرم الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان فى حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة. وتلتزم الدولة بتحسين أوضاع الأطباء وهيئات التمريض والعاملين فى القطاع الصحى. وتخضع جميع المنشآت الصحية، والمنتجات والمواد، ووسائل الدعاية المتعلقة بالصحة لإشراف الدولة ورقابتها، وتشجع الدولة مشاركة القطاعين الخاص والأهلى فى خدمات الرعاية الصحية وفقا للقانون».
انتهى نص المادة المثالية، والسؤال: هل نحن قادرون على تطبيقها على ارض الواقع، خصوصا فى مسألة التأمين الصحى، وإذا كنا غير قادرين فماذا نفعل؟!.
الموضوع يحتاج لنقاش مفصل لأنه يهم كل مواطن على أرض مصر.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي