نبي الله (17).. موسى عليه السلام.. عندما فرط بنو إسرائيل في القدس وأرسل الله الخضر معلما له - بوابة الشروق
الإثنين 12 مايو 2025 12:17 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

نبي الله (17).. موسى عليه السلام.. عندما فرط بنو إسرائيل في القدس وأرسل الله الخضر معلما له

بسنت الشرقاوي
نشر في: الخميس 29 أبريل 2021 - 2:25 م | آخر تحديث: الخميس 29 أبريل 2021 - 2:26 م

يقول الله تعالى في كتابه العزيز "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب"، من هذا المنطلق تستعرض "الشروق" مجموعة قصصية عن سير أنبياء الله، خلال شهر رمضان الكريم، بهدف استخلاص الموعظة والحكمة.

نستعرض في الحلقة السابعة عشر من هذه السلسلة، الجزء الثاني من قصة النبيين موسى وأخيه هارون عليهما السلام مع بني إسرائيل، الوراد ذكرها في القرآن الكريم، وذلك من خلال كتاب "البداية والنهاية" عن قصص الأنبياء، لمؤلفه الإمام الحافظ أبي الفدا إسماعيل ابن كثير القرشي، المتوفى عام 774 هجريا،

والنبي موسى من الرسل الذين خصهم الله بصفات أولى العزم، وهو ابن عمران بن لاوي بن نفتالي بن جاد بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن سام بن نوح بن إدريس بن شيث بن ادم عليهم السلام، وهو من أنبياء بني إسرائيل، حيث يرجع أصل بين إسرائيل إلى جدهم النبي يعقوب أو (إسرائيل) عليه السلام، لذا فكل من أتى بعده من الأنبياء هم انبياء بني إسرائيل.

وولد النبي هارون أولا ثم أخوه النبي موسى عليهما السلام على أرض مصر، وشبا وكبر من خيرها، وهما من بني إسرائيل، أي أنهما أحفاد أخوة سيدنا يوسف عليه السلام، عندما دعاهم يوسف برفقة أبيه النبي يعقوب للعيش في مصر خلال السنوات العجاف التي ضربت الأرض، لتتحقق رؤية يوسف بسجود إخوته له، الذين عاشوا في خير مصر بعد فراق بينهم وبين أخيهم.

* (الحلقة الأولى).. معجزات موسى وغرق فرعون وخروج بني إسرائيل من مصر

نبي الله (16).. موسى: علاقة صيام عاشوراء بخروج بني إسرائيل من مصر ونجاتهم من فرعون

* ضلال بني إسرائيل ومتاعب موسى معهم

بعدما هرب بنو إسرائيل ومعهم نبي الله موسى وهارون عليهما السلام من مصر خوفا من فرعون وجنوده، لحق بهم فرعون، فلما بلغ قوم موسى البحر ضربه موسى بعصاه فانشق فعبر موسى وقومه إلى الشط ولما لحق بهم فرعون وجنوده أُغلق البحر عليهم فهلكوا.

وما أن خرج بنو إسرائيل من البحر ونجاهم الله من فرعون واستقروا في بلاد الشام والأقرب فلسطين، حتى بدأت ضلالاتهم تظهر بدل شكر النعم، فلما مروا على قوم وثنيين يعبدون الأصنام، قالوا يا موسى اجعل لنا آلهة مثلهم، فبدأت متاعب نبي الله معهم.

* الامتناع عن دخول بيت المقدس وعبادة العجل

بعد الكثير من تعنتهم وضلالهم دعاهم موسى أن يحاربوا لفتح الأرض المقدسة (فلسطين)، وما كان منهم إلا أنهم رفضوا الأمر الإلهي وتمنعوا وقالوا له، كما ذكر في القرآن الكريم: "اذهب انت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون".

وهنا يؤكد الدكتور أحمد ممدوح، امين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، في لقاء تليفزيوني أن الأرض المقدسة في فلسطين، فيما يؤكد ذلك أيضا الدكتور يونس الأسطل، الرئيس الأسبق للجنة الفتوى في رابطة علماء فلسطين أمين، الذي قال إن فلسطين كانت وجهة موسى بعد الخروج من مصر، لكن الله تعالى حرمها عليهم بسبب جبنهم في دخولها، بحسب لقائه في الموقع الرسمي لهيئة علماء فلسطين، كما أن رسول الله محمد (صلى) وصف فلسطين بالأرض المقدسة، فيما وصف ما حولها من بلاد الشام بالأرض المباركة.

ولما نجى الله بني إسرائيل من أعدائهم رغم تخليهم عن نبيهم موسى، أكرمهم الله ففجر لهم عيون الماء وأنزل عليهم من السماء طيور المن والسلوى يأكلونها متى شاءوا، فرفضوا النعم وقالوا لموسى، إنهم لن يصبروا على طعام واحد وألزموه بأن يدع الله أن يطعمهم مما تنبت الأرض من قثائها وفومها وعدسها وبصلها، فقال الله تعالى لهم كما ذكر في القرآن الكريم: "اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم".

وهنا يفسر العلماء "أهبطوا مصرا"، بأن الله تعالى لم يقصد أن يأمر بني إسرائيل الدخول إلى أرض مصر، لأن كلمة مصر ممنوعة من الصرف أي لا يوضع عليها تنوين، وفي حال جاءت منونة بالفتحة كما قال الله (مصرا) فالمقصود بها رقعة أرض وليس دولة مصر.

ولما تمكن العناد ببني إسرائيل، زين لهم الشيطان الشرك بالله، فعبدوا عجلا كبيرا من الذهب، صنعه لهم السامري وهو رجل كافر عاش أيام النبي موسى وتسبب في فتنة كبيرة وضلال بني إسرائيل عن عبادة الله وقت غياب النبي موسى، حيث انبهروا بهيئة العجل وخاصة أنه كان يصدر صوت خوار بفعل الهواء فكان يهيأ لهم أن فيه الروح وأنه إله حقيقي حشا لله، حتى أتى النبي موسى وأحرقه.

* عناد بني إسرائيل (قصة ذبح البقرة)

يقول ابن عباس رضي الله عنه، إنه كان هناك رجلا في بني إسرائيل كثير المال وكان شيخا كبيرا وله بنو أخ، وكانوا يتمنون موته ليرثوه، فتخفى أحدهم في الليل فقتله، ثم أنكر فعلته، فجاء القوم إلى النبي موسى وقصوا عليه ما حدث، فرد عليهم بأن الله يريدهم أن يذبحوا بقرة، فدخلوا في جدالهم المعتاد مع نبي الله، وبعد ثلاثة مرات من الشك والتردد ذبحوا البقرة، ثم ضربوا الرجل المقتول بجزء منها فرد الله عليه روحه، وقال قتلني ابن أخي ثم عاد ميتا كما كان.

يقول الله تعالى في كتابه العزيز، سورة البقرة: "وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً ۖ قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا ۖ قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (67) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ ۚ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَٰلِكَ ۖ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ (68) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا ۚ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69)قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِن شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (70) قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَّا شِيَةَ فِيهَا ۚ قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ ۚ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ (71)". صدق الله العظيم.

* موسى والخضر

خطب النبي موسى يوما ما في قومه، فسألهم أي الناس أعلم، ثم قال أنا، فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه، فأوحي إلى موسى أن له عبدا أعلم منه، وأن عليه أن يذهب إليه ليتعلم منه، وأشار الله تعالى في كتابه العزيز إلى أن ذلك الرجل كان يعيش عند مجمع البحرين، أو ملتقى بحرين، وهنا اختلف العلماء حول مكان مجمع البحرين لكن بعضهم يقول إنه بحران يلتقيان عند منطقة الروم، أو بحري المشرق والمغرب.

فانطلق سيدنا موسى ومعه فتاه (بن يوشع)، هو من سيصبح نبيا بعد وفاة موسى، حتى انتهينا إلى صخرة فوجدا رجل ينتظرهما هو سيدنا الخضر، وقد اختلف العلماء حول ما إذا كان نبيا أم رجلا صالحا أم ولي من أولياء الله الصالحين، خاصة وأن القرآن لم يذكر ذلك، فسلم موسى عليه قال له "اتيتك لتعلمني مما عُلمت رشدا"، فشرط عليه الخضر ألا يسأل عن شيء إلا إذا أخبره بنفسه، فوافق سيدنا موسى.

وركب الثلاثة سفينة فخرقها الخضر فاعترض موسى، يقول الله في كتابه العزيز: "فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰٓ إِذَا رَكِبَا فِى ٱلسَّفِينَةِ خَرَقَهَا ۖ قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْـًٔا إِمْرًا"، فذكره الخضر بالشروط فاعتذر موسى.

ثم خرجوا من السفينة فرأى الخضر غلاما يلعب مع الغلمان فقتله، فاعترض موسى ثانية كما تقول الآية الكريمة، سورة الكهف: "فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا"، فذكره الخضر مرة ثانية بالشروط فاعتذر موسى وقاله له أنه لو عارضه في المرة الثالثة يحق له إنهاء الصحبة، يقول الله تعلى: "قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (75) قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي ۖ قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا".

ثم دخلوا قرية فطلبوا من أهلها طعاما فرفضوا، ثم شاهد الخصر جدارا مائلا في طريق الانهيار فأقامه، فقال له موسى يجب أن تأخذ على ذلك المال، فكان الفراق بين موسى والخضر، يقول الله تعالى: "فَانطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ ۖ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77) قَالَ هَٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ۚ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا".

وفسر الخضر لسيدنا موسى ذل ما تعجب من فعله، فقال له كما في الآيات الكريمات: "قَالَ هَٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ۚ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا (78) أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79) وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81) وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ ۚ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ۚ ذَٰلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا (82)".

* موسى وفجر قارون

كان قارون رجلا ذو مال كثير، وهو من بني إسرائيل لكن لم يتبع هدى النبي موسى عليه السلام، فبيت لنبي الله مكيدة سيئة، فاستدعى امرأة وأعطاها مالا كثيرا على أن تقول أمام الملأ أن موسى عليه السلام فعل بها منكرات، فلما قالت ذلك ارتعش موسى من الخوف، وذهب يصلي لربه، ثم أقبل عليها فاستحلفها بأن تفصح على من دلها على فعل ذلك، فاعترفت له أنه قارون، ثم استغفرت الله وتابت إليه.

خر موسى لله ساجدا ودعا على قارون فابتلعته الأرض، عندما قال بعض بنو إسرائيل إن موسى يطمع في مال قارون، فقال موسى يا أرض خذيه وخذي ماله، فابتلعته الأرض وكنوزه تحت التراب.

وحرم الله على قوم موسى، الأرض المقدسة وحكم عليهم بالتيه أربعين سنة في الصحراء يبحثون عن مخرج فيأتي عليهم الغروب وهم عند مبدأهم، ويقال إن سيدنا موسى عليه السلام توفي في عمر مائة وثمانية عشر عاما أو مئة وعشرون والله أعلم.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك