صفوان المصري نائب رئيس المراكز العالمية بجامعة كولومبيا لـ«الشروق»: ما شهدته المنطقة لم يكن ربيعا عربيا - بوابة الشروق
الإثنين 13 مايو 2024 9:37 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صفوان المصري نائب رئيس المراكز العالمية بجامعة كولومبيا لـ«الشروق»: ما شهدته المنطقة لم يكن ربيعا عربيا

صفوان المصري
صفوان المصري
حوار - محمد خيال
نشر في: الجمعة 1 يونيو 2018 - 9:52 م | آخر تحديث: الجمعة 1 يونيو 2018 - 9:52 م

جماعة الإخوان كانت ترى أن أجندتها السياسية منزلة من السماء.. ومرسى كان مقتنعا أنه رئيس بإرادة إلهية
النهضة التونسية كانت أكثر واقعية ومرونة من الإخوان.. الإسلام فى تونس يختلف عن غيره.. ودستورهم الوحيد الذى يسمح بالإلحاد
أمريكا لن تدرج الجماعة على قائمة المنظمات الإرهابية لأسباب براجماتية

* لماذا ترى فى التجربة التونسية تفردا عن غيرها من التجارب والثورات العربية؟
ــ الثورة بدأت فى تونس، وبعدها الشباب العربى غاروا وتحمسوا لتجربتها، وكانوا يرغبون فى نقل التجربة التونسية لبلادهم نظرا لوجود عوامل مشتركة كثيرة بين البلدان العربية فى ذلك الوقت منها ما هو متعلق بالحريات والأوضاع الاقتصادية.
وهنا لابد أن نتوقف عند أمر مهم وهو تسمية ما حدث بالربيع العربى، فأولا هو لم يكن ربيعا، وأيضا لم يكن عربيا، بمعنى أن الشباب الذين نزلوا للميادين، شكواهم والأمور التى دفعتهم للتظاهر، كانت محلية وليست عروبية أو قومية، فلم تكن التظاهرات على سبيل المثال ضد الاحتلال الإسرائيلى، أو من أجل القضية الفلسطينية، أو قضايا عربية وإسلامية، وكانت كلها لأسباب محلية مثل العيش والحريات والأوضاع الاقتصادية.
الربيع العربى بدأ فى تونس وانتهى فى تونس، لأنه باستثناء مصر، حتى فترة زمنية معينة النتيجة كانت مختلفة للغاية، فى باقى الدول العربية، أما تونس ومصر، فالأولى أخرجت زين العابدين بن على من الحكم، ومصر، انهت حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك، وقامت انتخابات برلمانية فى البلدين، وفى تونس أدت إلى أن حركة النهضة ذات التوجه الإسلامى سيطرت على البلد، ونفس الشىء الإخوان فى مصر.
المشهد كان متشابها لحد كبير وفى نفس الشىء فى 2013 النهضة فى تونس والإخوان فى مصر فقدوا ثقة الشعب، وانتهى عهد الإسلاميين ولكن بشكل مختلف، ففى تونس تدخل المجتمع المدنى بقيادة اتحاد الشغل، وانسحبت النهضة من الحكم بشكل سلمى وجاءت حكومة تكنوقراط تولت الأمور.
فى تونس استمر صياغة الدستور لمدة ثلاث سنوات حتى تمت كتابته، والموافقة عليه، وصار هناك انتخابات نزيهة للبرلمان، فى سنة 2013 انتهى التشابه بين تونس ومصر.

* ما العوامل التى أدت لنجاح التجربة فى تونس وفشلها فى غيرها؟
ــ مصر وتونس هما الدولتان الوحيدتان فى العالم العربى اللتان تمتلكان تاريخ دولة، بمفهومها من حدود، وهوية قوية، وتراث عميق، ولكن الفرق الجوهرى هو أن تونس دولة صغيرة ومهمشة، وهذا ربما كان لصالحها، وجعلها بعيدة عن مناطق النزاعات، إضافة إلى أن هناك 99% من سكانها مسلمون سُنة، وليس عندهم نفط أو موارد طبيعية تجعلهم مطمعا أو محل اهتمام دولى وهو ما ساعدها أن تكون بعيدة عبر التاريخ عن النزاعات، إضافة إلى أن جيشها صغير، على عكس مصر فجيشها منذ عهد محمد على باشا، وهناك استثمار كبير فى قوة الجيش، ووصل الجيش فى عهده إلى حدود اسطنبول.
فى تونس فى القرن الـ19 كان هناك استثمار فى الجيش بشكل كبير، ولكن تم بعد ذلك تقليص الاستثمار لأن تكلفته كانت عالية جدا، فى حين أنها فى منطقة ليست منطقة نزاعات فهى على سبيل المثال لم تكن مجاورة لإسرائيل، حتى جاء الحبيب بورقيبة الرئيس التونسى الأسبق، ولم يكن عنده استعداد لبناء جيش قوى، فوجه جميع الاستثمار إلى التعليم، وبرأيى أن أهم الأمور التى ميزت التجربة التونسية هو التعليم والمرأة والمجتمع المدنى، وحداثة الدين.

* لماذا استمرت تجربة النهضة فى تونس وانتهت تجربة الإخوان فى مصر؟
ــ حركة النهضة فى تونس مختلفة تماما عن الإخوان فى مصر، فهى تأسست عام 1981، وجاءت بعد نحو 51 سنة من تأسيس الإخوان فى مصر، والاختلاف الأبرز هو أن الأساس والفكر الإسلامى الذى قامت عليه حركة النهضة كان نابعا من جامعة الزيتونة ومشايخها، وليس من فكر الإخوان، فكانت النهضة حركة تونسية وتفكيرها الإسلامى يتسق مع المنظور التونسى للإسلام (الإسلام التونسى)، والذى يختلف كثيرا عن الفكر الإسلامى فى العالم العربى، إضافة إلى أن راشد الغنوشى مؤسس حركة النضهة، كان استاذ فلسفة وهذا أثر بشكل إيجابى كبير على الحركة، حيث كان يدرس فى سوريا وفرنسا، ثم جاءت فترة المنفى فى أوروبا لمدة 22 سنة، قضاها فى دراسة التنوير.
وفى المقابل الإخوان نشأت على يد بعض المتشددين مثل سيد قطب، ثم جاءت مرحلة الوهابية، عندما خرجوا إلى الخليج فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، والجماعة كان لها منذ نشأتها أجندة سياسية مقدسة تعتبرها منزلة من السماء، فمحمد مرسى كان مقتنعا قناعة تامة بأنه كان رئيسا بإرادة إلهية، بعكس النهضة.
وقدمت حركة النهضة أطروحات متشددة عقب دخولها البرلمان، ووجدت أن الشعب لم يتقبلها فتراجعت عنها فورا، وأيضا فى 2012 الرئيس الأسبق محمد مرسى أعطى نفسه سلطة أكبر من الدستور، كما تم كتابة الدستور فى فترة قصيرة للغاية تقريبا أسبوعين، فى حين أن النهضة كانت مرنة، وذكية، ودخلت فى نقاشات طويلة لكتابة الدستور فى 3 سنوات.
وعندما صوت مجلس شورى حركة النهضة بنسبة 80% لصالح أن تصر الحركة على إدراج الشريعة الإسلامية كى تكون هى أساس الدستور، تحدث معهم الغنوشى، مؤكدا أن هذه خطوة غير ذكية ولن يقبل بها الشارع التونسى، فكون أن الشريعة تكون أساس الدستور هذا أمر لن يحدث تماما، وأبلغهم أنه لو تمسكوا بنتيجة التصويت فسيخسرون، وأعيد التصويت فصوتوا ضد أن تكون الشريعة أساس الدستور، كما حولت النهضة نفسها إلى حركة مدنية ووضعت أطرا ديمقراطية داخلية لها، وفى 2016 اسقطت التوصيف الإسلامى من تعريفها.

* كيف تابعت نتيجة الانتخابات البلدية الأخيرة التى تقدمتها النهضة؟
ــ نتيجة الانتخابات البلدية الأخيرة تؤكد أن النهضة استطاعت أن تقنع المواطن التونسى أنها ليست حركة إسلامية، وأنها حركة شمولية، فوجدنا مثلا أن من نجحت لمنصب عمدة تونس هى نهضاوية غير محجبة.

* هل ترى أن التجربة التونسية غير قابلة للاستنساخ؟
ــ بالفعل.. ولكن يمكن الاهتداء والاقتداء بها، وبشكل عام لا يمكن استنساخ تجربة دولة وتطبيقها بحذافيرها فى دولة أخرى، البعض يرى أن هناك تناقضا كبيرا فى المجتمع التونسى، فكما أوضحت أن الغالبية العظمى مسلمون سُنة، وفى نفس الوقت نرى الحديث عن المساواة بين الرجل والمرأة فى المواريث، وزواج المسلمة من غير المسلم.

* كيف تفسر هذا التناقض إن صح التعبير؟
ــ هذا ليس تناقضا تماما، لأن نوعية الإسلام الموجود فى تونس له تاريخ من الحداثة والتطور، فتاريخ تونس الحديث لا يوجد به أى أمور تم فرضها جبرا، فعلى سبيل المثال فى عام 1930 الشيخ طاهر الحداد وهو شيخ من مشايخ جامعة الزيتونة، كتب كتابا اسمه «امرأتنا فى الشريعة والمجتمع»، ناقش فيه تحرير المرأة من خلال الدين الإسلامى، واستنتج أن تعدد الزوجات شىء غير إسلامى، مع أن الإسلام سمح به، ولكن أثبت أن الشروط المحددة لذلك فى الإسلام لا يمكن للإنسان أن يحققها.
وفيما يخص مسألة زواج المسلمة من غير المسلم فقد سألت الرئيس باجى قايد السبسى، شخصيا عن ذلك، فكان هدفه من وراء ذلك أن يتيح جميع الحقوق والواجبات على الجميع كمواطنين متساوين فى الدولة دون تفرقة بين جنس أو دين، ثم من أراد بعد ذلك أن يطبق قواعد ما يؤمن به على نفسه فهو حر فى ذلك، فنجد أنه وإن كان هناك 99% من التونسيين مسلمين سنة، إلا أن كلهم ليسوا مسلمين فالدستور التونسى هو الدستور الوحيد، الذى يسمح بالإلحاد ويمنع التكفير.

* بحكم رؤيتك.. هل هناك قابلية للتصالح مع الإخوان فى مصر فى ظل الجدال المجتمعى؟
ــ لا أعتقد انه من الممكن أن تصير مصالحة، لأن المشكلة الرئيسية لدى الإخوان أنها مبنية على عقيدة، ولا أثق أن الإخوان المسلمين سيكونون جادين، حتى لو حصلت ستكون مصالحة باردة.

* هل يمكن أن تدرج أمريكا الإخوان على قائمة المنظمات الإرهابية فى الفترة المقبلة؟
ــ إدارة ترامب من الممكن أن تقوم بأشياء كثيرة غير متوقعة، وهذ هو الإطار العام لها، ولكنى لا أعتقد أنه من الممكن أن تأخذ تلك الخطوة لعدة أسباب براجماتية، أولها أن الإخوان يشاركون بعدد من الحكومات، وأن الإخوان خدمت أمريكا والغرب خلال الحرب الباردة، وفى المقابل أيضا أمريكا نفسها دعمت الإخوان فى مراحل عديدة، فمثلا الإخوان ما كان لها أن يتعاظم دورها لولا الدعم الأمريكى، وأمريكا تضع فى حساباتها انها ربما قد تحتاج الإخوان فى مرحلة قادمة، خاصة فى ضوء مواجهتها النفوذ الروسى الذى عاد للتصاعد مجددا.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك