اعتبر الدكتور محمود محيي الدين، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل التنمية والمدير التنفيذي السابق بصندوق النقد الدولي، أن افتتاح المتحف المصرى الكبير لحظة شديدة التميّز فى مسيرة مصر الثقافية والحضارية، ليس فقط لما يمثله من صرح عالمى يليق بعظمة التراث المصرى، ولكن أيضًا لما يعكسه من إصرارٍ على صيانة الفكرة واستمرارها عبر الزمن.
وأوضح محيي الدين في منشور على حسابه بمنصة "لينكد إن" أن "كثير من الأفكار تولد ثم تذبل وتختفى مع تغيّر الأنظمة والأولويات، إلا أن فكرة المتحف المصرى الكبير استطاعت أن تصمد لما يزيد على عشرين عامًا، بفضل إيمان القائمين عليها بأهميتها وجدارتها بالدعم والرعاية".
وأضاف: "لقد أثبتت التجربة أن الأفكار العظيمة تحتاج إلى تراكم مؤسسى ودعم مستمر لتُثمر، فحين تتوافر الإرادة والاستمرارية يصبح من اليسير تأمين التمويل والمصادر اللازمة لإنجازها، لأن الفكرة الناضجة والقيمة تجذب الموارد المطلوبة لتحقيقها".
وأكد محيي الدين أن "أهمية المتحف لا تكمن فقط فى حداثة تقنياته أو روعة تصميمه المعمارى ، بل فى قيمته الحضارية والفكرية العميقة. فهذا الصرح يمثل فرصة فريدة لاستئناف مكونات الحضارة المصرية، تلك الحضارة التى قامت على ركيزتين أساسيتين هما العلم والفن وتسخيرهما للنهوض بالإنسان".
وأشار إلى أن "استعادة هذا التوازن بين المعرفة والإبداع هو ما تحتاجه مصر اليوم لتحقيق نهضتها المعاصرة. فكما كان المصرى القديم يجمع بين دقة العلم وجمال الفن فى كل إنجازاته، فإن ربط الماضى بالحاضر من خلال هذا المتحف يعيد إحياء روح الحضارة المصرية فى صورتها الحديثة، ويدفعنا إلى تأمل العلاقة الوثيقة بين التراث والإبداع كطريق لبناء المستقبل".
وتابع: "مع سعادتنا الغامرة بأن المتحف المصرى الكبير سيصبح وجهةً للسائحين من مختلف أنحاء العالم، فإن من المهم أن يكون أيضًا منبرًا لإلهام المصريين أنفسهم، خاصة الأجيال الجديدة. فزيارته ينبغى لها أن تكون تجربة وطنية وثقافية متاحة لجميع المصريين من كل المحافظات، بما فى ذلك طلاب المدارس والجامعات. ففى زيارتى الأخيرة إلى المتحف البريطانى فى لندن في الأسبوع الماضي، لفت نظرى — إلى جانب أن أكثر أجنحته جذبًا للزوار هو القسم المخصص للحضارة المصرية القديمة — أن كثيراً من زائريه من أبناء بريطانيا أنفسهم. ومن هنا، ينبغى أن يكون المتحف المصرى الكبير مصدر إلهامٍ ومعرفةٍ لمواطنى مصر قبل غيرهم.