جولة في كتاب يوميات لورد ملنر (4) : فؤاد رحب بعودة سعد زغلول لمصر ليس حبها فيه بل لجعله تحت السيطرة - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 1:20 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جولة في كتاب يوميات لورد ملنر (4) : فؤاد رحب بعودة سعد زغلول لمصر ليس حبها فيه بل لجعله تحت السيطرة

السلطان فؤاد والأمير عمر طوسون
السلطان فؤاد والأمير عمر طوسون
أحمد عبدالحليم :
نشر في: الإثنين 4 مارس 2019 - 11:09 ص | آخر تحديث: الإثنين 4 مارس 2019 - 11:18 ص

الأزهر وبعض أمراء العائلة المالكة حاولوا تأجيج الأزمة
السلطان (فؤاد) دائم الشكوى من كل شيء ولديه جواسيس في كل مكان
موقف بريطانيا ضعيف بسبب عدم امتلاكها لصحيفة في مصر
اللهجة العدائية للصحافة الوطنية ظهرت واضحة تجاه أي شخص يميل لـ(الاتجاه الأكثر تعقلا)
موظفو الحكومة غير متحمسين لتنفيذ أوامر (السيطرة) خصوصا النيابة العامة وقضاة المحاكم المصرية
مندوبو تنظيم الوفد شديد الإحكام أججوا المشاعر في أصغر المدن وقرى الأرياف


بدأت "الشروق" وتواصل على مدار شهر مارس عرض مجموعة من الكتب، الحديثة والقديمة، التي تروي جوانب مختلفة لتأريخ وتوثيق أحداث ثورة 1919 من الأسباب إلى المآلات.
وأول كتاب نتجول بين صفحاته هو ترجمة كاملة لوثيقة إنجليزية عن أحداث ثورة 1919 ضمن الأرشيفات الوطنية للمملكة المتحدة في لندن، ينتمي إلى وزارة المستعمرات في مجلد بعنوان "لجنة ملنر 1919-1920".
لجنة ملنر هي لجنة شُكلت في 22 سبتمبر 1919 من قبل الحكومة البريطانية، للوقوف على أسباب ثورة 1919 في مصر.
المجلد الأصلي يسجل الأحاديث التي أجراها أعضاء اللجنة مع شخصيات ذات نفوذ في مصر، وداخل المجلد وثيقة مكونة من 70 صفحة فولسكاب مكتوبة على الآلة الكاتبة عنوانها "الأحاديث التي أجراها اللورد ملنر خلال رئاسته اللجنة الخصوصية المنتدبة لمصر".
الكتاب هو أحدث ما نشر في السوق المصرية عن ثورة 1919، صدرت طبعته الأولى عن دار الشروق 2019، ويقع الكتاب في 173 صفحة، من القطع المتوسط، أعدته وحررته منى عبدالعظيم أنيس مديرة قسم التحرير بدار الشروق، وترجمه للعربية د. صلاح أبو نار، وكتب مقدمته المفكر والمؤرخ المستشار طارق البشري.

 

•••••

يستمر ملنر في تدوين مذكراته، وإن كانت بتفاصيل أقل (لأنه لا يوجد الكثير مما يمكن تدوينه عن الأيام الماضية)، ولأنه (بمرور الوقت يقل شيئا فشيئا حجم ما هو جدير بالتسجيل، لأننا (اللجنة) نواجه قدرا مروعا من التكرار).

في هذه الحلقة، يستمر ملنر في لقاءاته مع عدد من الشخصيات المصرية والبريطانية والأجنبية في مصر، راصدا أبرز الأحداث التي جرت في شهر يناير 1920، بدءا من بيان الأمراء الستة، مواصلا تسجيلا انطباعاته عن السلطان فؤاد (دائم الشكوى من كل شيء) كما يرصد خطوات تفعيل عودة الزغلوليين، وظهور رأي بضرورة عودة الجمعية التشريعية، مرة أخرى، كما ينقل آراء بعض كبار الموظفين البريطانيين في مصر، بضرورة الاستقلال التام، وكذلك الدور الذي لعبته النيابة العامة في مساندة الثوار.

 

لا جديد باستثناء بيان الأمراء الخديويين الستة :

تستمر الصحافة الوطنية فيما يصفه ملنر بـ(طرح شعاراتها المملة المتكررة) حيث تخلو من الحيوية والحس السياسي الجيد، وإن كان هناك بعض المظاهر الطفيفة الدالة على التحسن.
غير أن حادثة بيان الأمراء الخديويين الستة (عمر طوسون، كمال الدين، يوسف كامل) ومعهم ثلاثة أمراء آخرين وصفهم بـ(الأقل أهمية) الذين أصدروا بيانا نشر في كل الصحف المصرية ربطوا أنفسهم فيه بـ(الاستقلال التام) وهو المطلب الذي يصفه ملنر في مذكراته بـ(أكثر الطرق جرما).
لجأ ملنر إلى عدلي باشا وتحدث إليه عن بيان الأمراء الستة قبل أن يشدد عدلي باشا أن العائلية الخديوية ليست على تلك الدرجة من الشعبية أو الاحترام، وهو الرأي الذي لم يقتنع به ملنر : (ما زالت تلك العائلة فيما أعتقد تمتلك قدرا عظيما من المكانة الرفيعة، وبيان الأمراء وبيان الأزهر، يستهدفان مفاقمة الوضع الراهن).
ويرصد ملنر موقفا ضعيفا لبريطانيا، يتبدى في عدم امتلاكنا (بريطانيا) لصحفية تستطيع التصدي لكل هذه التصورات.

 

ملنر يلجأ للسلطان (المنزعج دائم الشكوى) :

لجأ ملنر لمقابلة السلطان، الذي أخبره أن بيان الأمراء المذكورين، صدر دون علمه، وأنه سبب له انزعاجا شديدا، وهو نفس ما أخبرني به اللورد اللنبي، بأن السلطان منزعج لأبعد الحدود من هذا البيان.
أكد ملنر في تسجيلاته لانطباعاته عن لقاء السلطان ما سبق وذكره في الحلقة السابقة، من حرص السلطان على الإسهاب في الشكوى من كل شيء، وتسفيه كل الشخصيات حتى السلطان الراحل، ومديري السياسات البريطانية : (الذي أذهلني في حديث السلطان، الجمع بين المهارة العالية وضيق الأفق الشديد، واللامبالاة الواضحة تجاه القضايا الكبيرة والاستغراق الشديد في ذم الأشخاص، والتشكك في كل إنسان، بما في ذلك أفراد عائلته، وشعوره بالعزلة).

انطباع آخر خرج به ملنر (من الواضح أن السلطان لديه جواسيس في كل مكان، وأنه يراقب جيدا كل التحركات) وهو الأمر الذي وصفه ملنر بـ(المحبط تماما).

 

موقف السلطان من عودة الزغلوليين :

عرف السلطان بمشاريع إعادة (الزغلوليين) إلى مصر، وعبر عن أمله في نجاح تلك المساعي ليس لأنه يثق في زغلول، ولكن لأن وجودهم في مصر سيجعلهما تحت السيطرة أكثر من جودهما في الخارج.
يتوقف ملنر عن التسجيل في ختام يوم 7 يناير 1920، قبل أن يعود للتدوين مرة أخرى في 19 يناير، 1920، بعد أن تفرق أعضاء اللجنة ذاهبين إلى أماكن مختلفة، إلى الأقصر وأسيوط والمنيا وبني سويف، والدلتا، فيما بقى ملنر في المطرية، وبعدها ذهب إلى الاسكندرية.

 

الأجانب معارضون للتغيير :

في الإسكندرية، أنجز أعضاء اللجنة، دراسة إجراءات المحاكم المختلطة والالتقاء بأعضائها من القضاة والمحاميين، ليترسخ انطباع أن الجماعات الاوروبية في الأجانب معادين تماما لأي تغيير، وأنهم أثرياء مرفهون تماما، في ظل عمل الاحتلال البريطاني على تأمين النظام، فإنهم يشعرون بالأمان.

 

اقتناع بريطاني بالاستقلال التام :

في مقابلة مع مير البنك الأهلي المحلي بالاسكندرية هورنسبي hornsby أخبرني بأن فكرة الاستقلال الوطني التي اجتاحت البلاد لا رجوع عنها، وأنه على اقتناع عميق بالانسحاب الكامل والنهائي للحكم البريطاني، وأن المصريين لن يصبحوا أكثر قدرة على حكم أنفسهم إذا ما ظلوا تابعين خاضعين.

 

أهداف ملنر من عودة زغلول :

جاء عدلي لمقابلتي ومعه البرقية التي تسلمها من زغلول باشا، وخضنا معا نقاشا طويلا حول مضمون تلك البرقية، ومن الواضح بالنسبة إلى ان زغلول يريد العودة، بعد أن يحصل على المزيد من أجل أن ينقذ ماء وجهه عند عودته.

نقل إليّ مظلوم باشا (المتشائم دائما) اقتراحا بضرورة إحياء الجمعية التشريعية الراهنة من أجل التصديق على أي تفاهم يحتمل الوصول إليه، ومن المعروف أن زغلول باشا وصحبه الكبار كانوا أعضاء في الجمعية التشريعية (التي لم تنعقد خلال 5 سنوات) وإذا ما عقدت معاهدة وكانوا أطرافا فيها وجرى تقديمها للجمعية فسوف تحصل على قبولها.

أنفقت جزءا كبيرا من الوقت في الحديث مع عدلي، والتواصل معه من خلال والرند، وكان هدفي هو تزويد عدلي بتصريحات جديدة صادرة عنا، يمكنه استخدامها كحجج إضافية من أجل حث زغلول على العودة لمصر، ودخوله هو ورفاقه في علاقات مع اللجنة (...) إلا أنني لم أعد راغبا في المضي قدما في هذه المقدمات المتهادنة، ذلك أن هؤلاء القوم إن أنت منحتهم بوصة واحدة، شرعوا في أخذ كل ما لديك، وأي تقدم يجري تحقيقه يجري استخدامه مادة من أجل المزيد من الدعاية التحريضية، الإفراج عن بعض المحرضين من الاحتجاز والإقامة الجبرية لم يؤد للتهدئة، بل انتهي إلى تأجيج لهيب المشاعر المعادية للبريطانيين.

ويضيف ملنر: مقاطعة اللجنة واللهجة العدائية للصحافة الوطنية والتهديدات والمضايقات الموجهة إلى أي شخص معروف بميله للاتجاه الأكثر تعقلا، مضت حرة طليقة لا يقيدها قيد.

 

تشكيل حزب كمخرج للأزمة :

في هذه الأثناء طرح ملنر (شعوره القوي) بضرورة وجود حزب وطني يتبنى سياسة التوفيق، ويسعى بقوة من خلال عقد اتفاق ودي مع بريطانيا العظمى، إلى تحقيق آمال مصر.

 

الوفد والتنظيم القوي :

كما ينقل شكوى من وهبة باشا (رئيس الوزراء) أنه ليست لديه قوة أمن كافية، خصوصا أن أغلب موظفي الحكومة متعاطفون مع التحريض وغير متحمسين لتنفيذ الأوامر الصادرة من أجل السيطرة عليه، خصوصا النيابة العامة وقضاة المحاكم المصرية، مؤكدا أنه ليس سوى الجيش، لإخماد تلك (الفتنة، خصوصا مع الدلائل على وجود تنظيم شديد الإحكام لدى أنصار سعد زغلول (الوفد) وإرسالهم المنتظم لمندوبيهم من أجل تأجيج المشاعر في أصغر المدن وقرى الأرياف.

وغداً حلقة جديدة.......

جولة في كتاب يوميات لورد ملنر (2) : لم نتصور أن يثور المصريون.. والسلطان حسين كان يشعر بالقلق قبل وفاته

جولة في كتاب يوميات لورد ملنر (3): لا يمكن فعل أي شيء في هذا البلد دون مساعدة الأزهر



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك