نشب حريق في مسجد قرطبة، اليوم السبت، الموافق 9 أغسطس 2025، وهو أحد أشهر المعالم التاريخية في إسبانيا، والذي يعود إلى حقبة الدولة الأموية في الأندلس.
يستعرض التقرير التالي بعض المعلومات التاريخية عن جامع قرطبة، وفقًا لمواقع إخبارية متنوعة.
هرب الأمير عبدالرحمن الأول إلى جنوب إسبانيا، بعد الإطاحة بعائلته "الأمويين" في دمشق على يد العباسيين الجدد، وبعد وصوله إلى هناك، سيطر على شبه الجزيرة الأيبيرية، وحاول إنشاء حضارة تحاكي دمشق في عاصمته قرطبة الجديدة، واهتم بالبناء والزراعة، حيث استورد أشجار الفاكهة من بلاد مختلفة، وخاصة البرتقال بشكل خاص، تمامًا مثل تلك المتواجدة في فناء الجامع الأموي.
-الفكرة والـتأسيس
يعد جامع قرطبة من أكبر مساجد أوروبا وثاني أكبر مساجد العالم في القرن الـ13، وهو من أروع أمثلة العمارة الموريسكيّة، نسبة إلى الموريسكيون أو الموريسكوس، وهم المسلمون الذين بقوا في الأندلس تحت الحُكم المسيحي بعد سقوطها بيد المسيحيّين، وأُجبروا على اعتناق المسيحية.
بدأ بناء جامع قرطبة عام 784م بأمر من أمير قرطبة عبدالرحمن الأول، على أنقاض كنيسة القوط الغربيين، وشهد توسعات كبيرة على يد خلفاء الإمارة المتعاقبين على مدار قرنين من القرن 8-10م، وصولاً إلى آخر التعديلات التي أُضيفت إليه عام 987م على يد المنصور بن أبي عامر.
-قاعة الصلاة
صمم الجامع ليحاكي الطراز المعماري للجامع الأموي في دمشق، ويتألف من قاعة صلاة عرضها 73 متراً ونصف، وعمقها 36.8 متر، كما أنه مُقسّمٌ إلى 11 رواقاً، بواسطة 10 صفوفٍ من الأقواس.
تضم قاعة الصلاة 856 عمودًا من الرخام والجزع والجرانيت، ترتبط بأقواس متناظرة ذات مستويين، على شكل حدوة حصان، والتي كانت شائعة في هندسة القوط الغربيين، وانتقلت إلى العمارة الإسلامية من دول المغرب وحتى مصر، بنيت هذه الأقواس من الحجر الأبيض والطوب الأحمر.
-الفناء
يتواجد في صحن المسجد فناء يتوسطه نافورة ومحاط بأشجار البرتقال والنخيل، بالإضافة إلى ممر ومئذنة.
-المحراب
هو مكان الصلاة للإمام، ويستخدم لتحديد الجدار الذي يواجه مكة المكرمة، ويتميز بقبة مغطاة بفسيفساء ذهبية، محاطة بنقوش قرآنية من سورة النور بخط كوفي مزخرف.
-من جامع إلى كاتدرائية
في أوائل القرن الـ11، أضعفت الحرب الأهلية سيطرة الأمويين على الأندلس، ما أدى إلى سقوط قرطبة في 29 يونيو عام 1236، على يد ملك قشتالة المسيحي، فرديناند الثالث، والذي حول الجامع إلى كاتدرائية مريم العذراء، كما حصل مع مئات المساجد الأخرى في الأندلس، التي استبدلت بكنائس، بعد أن هُدمت.
-عمارة جامع قرطبه تنقذه من الهدم
ظل مسجد قرطبة، على حاله ولم يهدم، إذ شفع له رونقه المعماري الأخاذ، وبدل إسقاطه، بنيت وسطه كاتدرائية خلال تلك الفترة.
-إدراجه في قائمة التراث العالمي
في عام 1984، أُدرج المسجد الكاتدرائية ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، تقديرًا لقيمته التاريخية والمعمارية.
-نزاع حول معبد قرطبة
شكل معبد قرطبة، نقطة خلاف بين المسلمين والمسيحيين في إسبانيا، نظرًا لكونه يضم مسجدًا وكاتدرائية معا، وذلك بعد سقوط الحكم الأندلسي في القرن 13 ميلادي، لكن في شهر فبراير سنة 2014، حولت الكنيسة الكاثوليكية المبنى الديني إلى ملكيتها الخاصة، بعد أن استغلت أسقفية قرطبة وجود قانون يسمح بتسجيل ملكية المعابد بأثمان رمزية، فسجلت المبنى لصالحها بـ36 دولارا.
اعترض مسلمو قرطبة على هذا القرار، باعتباره محوًا للهوية الإسلامية للمبنى الديني، حيث منعت الصلاة فيه لغير المسيحيين، وحذفت كلمة مسجد من على لافتة مدخله، وفي المنشورات التي تقدم للوافدين السياح، بعدما كان يسمى مسجد كاتدرائية قرطبة.