متقدما ببطء شديد.. مرتكزا بيده على عصا، والأخرى على ساعد أحد الموظفين، أدلى الدكتور مختار التهامى الأستاذ المتفرغ وعميد كلية الاعلام الأسبق بصوته فى انتخابات الكلية الأخيرة، سنه تعدت الثمانين عاما، ويعانى من أمراض الشيخوخة، إلا أنه بدا أصغر بكثير من سنه وهو يتحدث مع «الشروق» بفرحة وقوة شاب فى العشرين عن أول تجربة ديمقراطية تشهدها الكلية بعد ثورة 25 يناير، ومشاركته فى انتخابات الكلية التى جرت على مستوى العميد ورؤساء قسمى الصحافة والعلاقات العامة والإعلان، قائلا: «رضيت ضميرى وانتخبت من أراه كفئا لإدارة الكلية».
يرى أستاذ الرأى العام بقسم الصحافة أن الانتخابات أحسن أسلوب لانتخاب القيادات بالجامعة، ويرد على ما كان يردده بعض المسئولين بالجامعة بأن الانتخابات تؤدى الى الشللية وفساد العملية التعليمية قائلا «كلام خاطئ، لقد عانينا من الشللية فى الجامعات قبل تطبيق الانتخابات والبلد كله عانى، إحنا أصلا كنا بلد الشللية».
رابع عميد للكلية ــ بعد الدكاترة عبداللطيف حمزة وإبراهيم إمام وعبدالملك عودة وسمير حسن ــ يوضح رأيه «أنا مع الانتخاب المباشر، لأنه يحمل العميد المنتخب مسئولية كبرى أمام ناخبيه وسيعمل على خدمة من انتخبه، وليس تحت رحمة قوى سياسية أخرى»، ويستدرك قائلا «وليس معنى ما أقول إن كل من جاءوا بالتعيين سيئون، ولكن الانتخاب يخلق شعبية والفائز سيعمل على الحفاظ على شعبيته».
التهامى ليس راضيا عن إجراء الانتخابات فى الجامعات على الأماكن الشاغرة فقط، واعتبر ذلك تلاعبا والتفافا على الثورة، قائلا «التغيير يجب أن يكون شاملا، لذلك يجب أن تتم الانتخابات على كل المواقع»، وتابع «أما من رفضوا تقديم استقالاتهم، فالحل أن نعتبر أماكنهم شاغرة ونجرى عليها انتخابات، وينطبق هذا على رؤساء الجامعات الذين رفضوا الاستقالة»، ولا يعترض التهامى على آليات الانتخابات التى اعتمدها المجلس الأعلى للجامعات ولكنه يراها ضوابط مؤقتة، «يمكن أن يتم تعديلها لتجاوز سلبياتها فيما بعد».
«انتخابات القيادات مطلب قديم قدم انشاء الجامعات لأنه ضمان لاستقلالية الجامعة» يضيف التهامى، شارحا كيف وصل الى عمادة الكلية عن طريق الدكتور حلمى نمر رئيس جامعة القاهرة الأسبق «لم يكن بالكلية فى ذلك الوقت سوى اثنين حاصلين على درجة الأستاذية، أنا ودكتور كان تلميذى، وجرى نوع من التصويت بين أساتذة الكلية واختارونى بالاجماع عميدا للكلية فى ذلك الوقت»، ويرى أنها تجربة استثنائية لأن فيما عدا تلك التجربة فإن «الانتخابات كانت تجرى على الورق فى الجامعة، والتعيين كان هو المتحكم فى المناصب القيادية».
وحول رأيه فى التغييرات التى طرأت على الجامعة بعد الثورة قال «من الصعب تحديد ذلك خاصة أننا نصنع حاليا التغيير عبر الانتخابات»، ويتابع «لست راضيا عن الأوضاع الحالية لأنها لا تليق بالثورة»، واعتبر أن عدم تفضيل البعض تقديم استقالته من القيادات هم أفراد أنانيون لا ينظرون إلا لمصلحتهم الفردية وليس للمصلحة العامة»، رغم أن لهم حق الترشح مرة أخرى»، مستدركا «طالما لم يصدر قرار بحرمان أعضاء الحزب الوطنى من الترشح فى الانتخابات».
تطرق التهامى فى حواره مع «الشروق» إلى ما وصفه بالتعديل الخاطئ الذى أضافه الدكتور مفيد شهاب وزير التعليم العالى الأسبق على قانون الجامعات، قائلا «لا يصح ان نفرط فى الاساتذة فوق السبعين، ولا يصح أن يكون العامل المادى سببا لإقصائهم عن الحياة الجامعية بتحويلهم الى أساتذة غير متفرغين وأضاف موضحا «الفرق الضئيل بين المرتب والمعاش لا يستحق التضحية بكبار الاساتذة الذين لهم فضل على جامعتهم»، وتابع: «أن ينتظر الأساتذة قرارا من وزارة المالية لرجوعهم الى جامعتهم وحصولهم على مرتب لائق بالكاد يكفى مصاريف المرض أكبر إهانة لهم من الجامعة والدولة».
وكان التهامى قد استطاع أن ينتزع حكما قضائيا فيما سبق ضد الجامعة ووزارة التعليم العالى، سمحت له بالبقاء أستاذا متفرغا، رغم قانون مفيد شهاب، وتبعه فى ذلك عدد من الاساتذة حصلوا على أحكام ضمنت بقاءهم فى الجامعة، دون أن يتأثروا مثل آخرين تحولوا إلى أساتذة غير متفرغين واستغنت الجامعة عن خدماتهم فعانوا من نقص فى مرتباتهم بخلاف ابتعادهم عن الجامعة بدون ارادتهم.
أما بالنسبة لرأيه فى أداء الإعلام الرسمى المصرى أثناء الثورة، فرفض تهامى التعليق إلا بعد ثلاث سنوات على الأقل، وبرر ذلك «لان هذا يحتاج الى دراسة عميقة مطلوبة من تلامذته فى الكلية»، وحول رأيه فى انصراف المواطن المصرى الى بعض القنوات العربية والأجنبية لمتابعة أخبار بلده اعتبر التهامى هذا نوعا من الخلل مصدره عدم استقلالية الاعلام قائلا: «أصلا وجود وزارة للإعلام المقصود منه توجيه الاعلام وفقا لسياسة من يوجهونها، وليس ما يحتاجه المواطنون بشكل فعلى»، مشيرا الى أن القنوات العربية أو الأجنبية نجحت فى أن تنقل الاخبار بطريقة جيدة، وأن تركز على تقديم معلومات يحتاجها المصريون، دون تحيز، ويرى أن مسئولية تراجع أداء بعض وسائل الاعلام الرسمية يتحملها النظام السابق وليس الاعلاميين أنفسهم.