القاهرة للدراسات يناقش كتاب «شاهد على الدبلوماسية المصرية في نصف قرن» - بوابة الشروق
الأربعاء 1 مايو 2024 1:29 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

القاهرة للدراسات يناقش كتاب «شاهد على الدبلوماسية المصرية في نصف قرن»

تصوير داليا مصطفى
تصوير داليا مصطفى
شيماء شناوي
نشر في: الجمعة 10 سبتمبر 2021 - 6:27 م | آخر تحديث: الجمعة 10 سبتمبر 2021 - 6:27 م

زهران: لا تزال آثار عدوان 67 المدمرة جاثمة على أنفاس العالم العربى حتى الآن
ــ تمكنا بفضل «السادات» من تحريك العملية الدبلوماسية فى حرب أكتوبر حتى العبور للضفة الشرقية لقناة السويس
المسلمانى: الكتاب ثرى بالمعلومات ويكشف خبايا متعلقة باستراتيجيات نزع السلاح وآليات العمل داخل هيئة الأمم المتحدة

شهد مركز القاهرة للدراسات الاستراتيجية ندوة لمناقشة أحدث كتاب مذكرات للدبلوماسى المصرى، منير زهران، الصادر عن دار الشروق بعنوان: «شاهد على الدبلوماسية المصرية فى نصف قرن»، والكتاب من تحرير وتوثيق الكاتب الصحفى خالد أبو بكر.
أدار الندوة الكاتب الصحفى والإعلامى أحمد المسلمانى، رئيس مركز القاهرة للدراسات الاستراتيجية، بحضور السفير عزت سعد، المدير التنفيذى للمركز المصرى للشئون الخارجية، ومجموعة من طلاب كلية الاقتصاد والعلوم السياسية. وأشاد «المسلمانى» بأهمية الكتاب لمن يريد أن يطلع على دور الدبلوماسية المصرية أثناء حروب مصر المتعاقبة منذ حرب 1967 حينما كان السفير فى طريق إدارة الأزمة فى وزارة الخارجية، وحتى حرب 1973.
وأضاف أن الكتاب ثرى بالمعلومات عن الخبايا المتعلقة باستراتيجيات نزع التسلح، بالإضافة إلى كشف آليات العمل داخل هيئة الأمم المتحدة، وآلية الرقابة والتفتيش فى مؤسستيها فى نيويورك وجينيف.
السفير منير زهران استهل الندوة بتوجيه الشكر لمركز القاهرة للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة لاستضافته وإتاحة الفرصة للحديث عن مذكراته الجديدة الصادرة عن دار الشروق بعنوان: «شاهد على الدبلوماسية المصرية فى نصف قرن»، وذكر أنه لم يخطط أبدًا لكتابة المذكرات، كما أن انخراطه فى الدبلوماسية المصرية كان عن طريق الصدفة؛ فقد كان مثل «زهران» الأعلى والده الذى عمل محاميا فى البنك العقارى المصرى، ثم فى وزارة الأوقاف، وقد تشرب منه حب مهنة المحاماة، وقد نصحه والده بعد التخرج بالعمل فى نفس مجاله والابتعاد عن الوظيفة الحكومية، إلا أن الأقدار شاءت أن يتقدم لامتحان السلك الدبلوماسى وينجح فيه ليتقلد بعد ذلك عدة مواقع مرموقة مكنته من صنع أدوار استثنائية لعبها فى الدفاع عن المصالح المصرية والعربية.
وذكر «زهران» أن حصوله على درجة الدكتوراة أيضا كانت من قبيل المصادفة؛ حيث تقرر ذهابه إلى باريس من أجل دراسة الاقتصاد والقانون الدولى، ولم يخف سرا أن أسعد أيام حياته قد عاشها فى عاصمة النور والجمال؛ حيث نال قسطا ثريا من العلم والتعلم والثقافة والمسرح؛ حيث تأتى له أن يشهد شخصيات مرموقة فى أوج مجدها؛ مثل قائد الجمهورية الفرنسية الخامسة، شارل ديجول، الذى طرد الناتو من باريس، وتحدى سطوة الرأسمالية الخاصة بالشركات الأمريكية فى فرنسا، وأيضا وزير المالية، فاليرى جيسكار ديستان، الذى علمه التواضع حيث كان يذهب لعمله مستقلا المترو مثل أى فرد عادى بدون حراسة مشددة أو تأمين، وأوضح أن رسالة الدكتوراة الخاصة به كانت عن القروض الميسرة، وخلص فيها إلى ضرورة إصلاح البنك الدولى.
واستعرض «زهران» خلال حديثه بعض فصول الكتاب، وتحدث عن الحروب التى مرت على الدولة المصرية سواء فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ومحمد أنور السادات. وانتقد قرار جمال عبدالناصر فى تأميم قناة السويس فى 26 يوليو 1956، والذى أدى فيما بعد إلى العدوان الثلاثى على مصر، وأضاف أن «ناصر» ــ بحنكته السياسية ــ كان يجب أن يتوقع رد فعل قوى من الإنجليز، وهو ما كان وأدى فيما بعد إلى خسائر فادحة لمصر اقتصاديًا وعسكريًا، بالإضافة إلى ما تمخضت عنه الحرب من احتلال شبه جزيرة سيناء وغلق قناة السويس أمام الملاحة الدولية مرة ثانية، واحتلال قطاع غزة والضفة الغربية لنهر الأردن بما فيها القدس الشرقية.
وقال إنه بعد العدوان الثلاثى انبرى كل من الاتحاد السوفيتى والولايات المتحدة الأمريكية ضد إنجلترا وفرنسا لمطالبتهما بالجلاء عن مصر حتى تم الجلاء يوم 23 ديسمبر عام 1956، غير أن إسرائيل لم تنسحب؛ لأن نيتها كانت مبيتة لاحتلال سيناء، وقد تدخلت جهات دبلوماسية عدة لحل الأزمة حينذاك من أجل انسحاب إسرائيل، مثل وزير الخارجية فى هذا الوقت، محمود فوزى، الذى قام بتقديم المشورة والنصيحة، ولكن إسرائيل لم توافق على الانسحاب إلا بعد عدة ضمانات خاصة بحرية الملاحة فى خليج العقبة، وتمركز قوات الطوارئ الدولية فيها، وقد تم توقيع الاتفاقية فى نيويورك بالتعاون مع رئيس وزراء كندا، ليستر بيرسون، ومجلس الأمن.
وبين «زهران» أن ما حدث عام 1967 يجب أن يشار له بـ «الكارثة»؛ فالأمر أكبر من مجرد نكبة والتى لا نزال نشهد تبعاتها حتى اليوم. وأكد أننا تمكنا بفضل حكمة وبعد نظر الرئيس «السادات» من تحريك العملية الدبلوماسية فى حرب أكتوبر حتى العبور للضفة الشرقية لقناة السويس.
وعدد «زهران» جهود «السادات» فى عملية السلام؛ بدءا من الجهود التى قام بها بالتعاون مع الأمريكان: كفض الاشتباك الأول والثانى، وانتهاءً بمبادرة السلام التى مكنت المصريين من تحرير سيناء الغالية وحتى طابا، وبرغم كل ذلك، لازالت آثار عدوان 67 المدمرة جاثمة على أنفاس العالم العربى جميع، ولنا فيما نشهده اليوم من استمرار الاحتلال للضفة الغربية، وضم القدس إلى إسرائيل، وانتشار المستوطنات خير مثال.
وبالحديث عن حرب أكتوبر المجيدة، أشاد «زهران» بالدور الباسل الذى قام به وزير الخارجية آنذاك، الدكتور محمد حسن الزيات، فى الجمعية العامة للأمم المتحدة فى نيويورك وفى مجلس الأمن، وهو لم يكن يعلم أنه سيتم تحرير سيناء فى السادس من أكتوبر.
وقال إنه قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة بعدة شهور، عقد مجلس الأمن جلسة لمحاولة مراجعة ما تم إنجازه بشأن قرار مجلس الأمن الدولى التابع لمنظمة الأمم المتحدة رقم 242 الذى صدر فى 22 نوفمبر عام 1967 من أجل وضع نهاية لحرب 67، وجلاء إسرائيل عن جميع الأرض المحتلة، وتطبيق الحقوق الفلسطينية، وعودة الملاحة فى الممرات الدولية بعد أن ظل القرار معلقا حتى منتصف عام 1973، وكان «الزيات» على وشك أن يترأس وفد مصر فى نيويورك ولكنه قبلها طلب من جميع أفراد الوفد المصرى إعداد مشروع خطاب لمجلس الأمن الذى سوف يلقيه وزير الخارجية، وقد ساهم فى المشروع عدة سفراء ودبلوماسيين؛ منهم: وزير خارجية مصر السابق، نبيل العربى، وأمين عام جامعة الدول العربية السابق، عمرو موسى، وسفير مصر فى باريس، عبدالله العريان، وعبدالحليم بدوى وسمير أحمد، وكان هناك فقرة اعتبرها «زهران» مهمة؛ لأنها تحدد موقف إسرائيل من المطالبة بسيناء؛ فكيفما ارتأت رئيسة الوزراء آنذاك، جولدا مائير، ووزير الدفاع، موشى ديان، كانت حدود إسرائيل الآمنة ليست فلسطين؛ ولكن الضفة الشرقية وقناة السويس عملا بالقرار رقم 181 لتقسيم فلسطين الذى صدر فى نفس السنة التى قامت فيها دولة إسرائيل (1947)، ووفقا لهذ القرار، فإن إسرائيل لا يحق لها أن تتعدى ما أعطته لها الأمم المتحدة، وأى تعديلات أخرى لا يمكن أن تقبل إلا بالتشاور مع الطرف الثانى فى الوثيقة؛ أى الفلسطينيين.
وقد انتقد «الزيات» هذه الفقرة فى مشروع خطاب «زهران» ووصفها بـ «الكلام الفارغ»، إلا أن «زهران» فوجئ بوقوع الاختيار على خطابه لإلقائه فى مجلس الأمن، بل وقام «الزيات» بالارتجال أثناء الخطاب مشيرا لوجهة نظر «زهران» فى قرار 181، مما أثار حفيظة الصحف المصرية والفلسطينيين ضده بعدها؛ حيث طالبوا بإقالته ــ بل وبقطع رأسه ــ لاعترافه ضمنيا بتقسيم فلسطين، وقد تمت إقالته فيما بعد إرضاء للجانب الفلسطينى.
وبالتطرق للحديث عن الرئيس الراحل «السادات»، قال «زهران» إنه يرى أنه زعيم عظيم قاد مصر نحو النصر بخطى ثابتة، وأصر على تطبيق مشروع القرار الذى تم إعداده فى يوليو عام 1973 عن ضرروة تنفيذ إسرائيل لجميع أحكام قرار 242، وصوتت لصالحه 14 دولة بينما صوتت أمريكا ضده باستعمال حق الفيتو، وقد استعمله «السادات» كدافع قوى لشن حرب أكتوبر 1973.
كما انتقد «زهران» الرئيس السادات فى أحد المواقف عبر كتابه؛ حيث قال إنه كان من الأفضل للرئيس الراحل أن يقايض على طرد الخبراء السوفييت من مصر، وهو الأمر الذى لم يوافق عليه الدكتور مراد غالب بعد أن صار وزيرا للخارجية، وأردف «زهران» إن كان على «السادات» مقايضة الخبراء الأمريكان بعد توجيه الشكر اللازم للسوفيت على مساعدتهم فى أعقاب نكسة 67 للجانب المصرى؛ حيث أمدونا بالتسليح اللازم وقطع الغيار، وأشار إلى أن هذه المقايضة ــ إن تمت ــ كان من شأنها أن تغير وجه القضية الفلسطينية جذريا.
يذكر أن كتاب الدبلوماسى منير زهران هو شهادة نابضة بالحياة لواحدٍ من أهم وأنبغ رجالات الدبلوماسية المصرية على مدار تاريخها الطويل؛ فقد كان مشاركًا وشاهدًا على أكبر الأحداث التى انغمست فيها وزارة الخارجية المصرية عبر النصف الثانى من القرن العشرين، يقدِّم فيها لأول مرة شهادة موضوعية تكشف عن الكثير من أسرار وزارة الخارجية خلال فترة الوحدة بين مصر وسوريا، ومدى إيمان رجال الدبلوماسية فى البلديْن بالوحدة، كما يقدِّم سردًا نادرًا عن الكواليس الخاصة بالعلاقات المصرية ــ الأمريكية خلال عقدى الستينيات والسبعينيات من القرن الماضى. ويعرض فى الكتاب فهما لآليات عمل الأمم المتحدة ومنظماتها وبرامجها، والمعارك التى تدور داخلها فى سياق مساعى القوى الكبرى للسيطرة عليها، من واقع عمله عشر سنوات مندوبًا دائمًا لمصر لدى الأمم المتحدة بجنيف.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك