مدير مشروعات مياه بهيئة البيئة في أبو ظبي لـ«الشروق»: مصر على أعتاب حد الندرة المائية المطلقة - بوابة الشروق
الجمعة 21 نوفمبر 2025 12:59 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

كمشجع زملكاوي.. برأيك في الأنسب للإدارة الفنية للفريق؟

مدير مشروعات مياه بهيئة البيئة في أبو ظبي لـ«الشروق»: مصر على أعتاب حد الندرة المائية المطلقة

الدكتور أسامة سلام
الدكتور أسامة سلام
حوار ــ محمد علاء:
نشر في: الأحد 10 نوفمبر 2019 - 2:11 ص | آخر تحديث: الأحد 10 نوفمبر 2019 - 2:17 ص

- التغيرات المناخية تؤثر سلبا على نهر النيل.. وترفع استهلاك المياه
- نحتاج إلى إقرار منظومة تسويق ذكية تضمن ربح للمزراع وسعر مناسب للمستهلك
- تطوير نظم الري يوفر المياه ويزيد الإنتاجية حتى 50%
- تغذية المدن الساحلية مثل مطروح بالمياه المحلاة أرخص من النيلية
- الأمطار في مصر غير منتظمة ولا تشجع على إقامة منشأت لحصادها
- مياه الصرف الصحي المعالج توفر 10 مليارات متر مكعب سنويا

قال الدكتور أسامة سلَّام، الباحث في المركز القومي لبحوث المياه ومدير مشروعات مياه بهيئة البيئة في أبوظبي، إن موارد مصر من المياه لا تكفي احتياجاتها من الطعام والشراب، وإنها على مشارف حد الندرة المائية المطلقة.

وأوضح سلّام، في حواره مع «الشروق»، أن ارتفاع درجات الحرارة جرّاء التغيرات المناخية يؤثر سلبًا على نهر النيل من خلال زيادة معدلات تبخر المياه والحاجة لكميات أكبر منها في الزراعة والصناعة.

وعدّد سلّام الموارد غير التقليدية الممكن اللجوء إليها، ومنها: معالجة مياه الصرف الزراعي والصحي، الذين يمكنهما توفير نحو 30 مليار متر مكعب..

وإلى نص الحوار:

- كيف تؤثر التغيرات المناخية على الموارد المائية المصرية؟

* التغيرات المناخية أصبحت واقعا ملموسا، وتعتبر مصر من أكثر دول العالم تعرضًا لتهديدات ومخاطر هذه التغيرات، والمتوقع أن تشمل: ارتفاع مستوى سطح البحر المتوسط بما يعني غرق أجزاء من الدلتا وتداخل مياه البحر مع الخزان الجوفي مما يسبب تملح التربة والمياه؛ وهو ما ينعكس سلبا على الأمنَين المائي والغذائي.

كما سيتأثر نهر النيل بالتغيرات المناخية؛ نتيجة لارتفاع درجة الحرارة التي ستؤدي إلى زيادة معدلات تبخر المياه والحاجة لكميات أكبر منها في الزراعة والصناعة والاستخدامات الأخرى كافة.

- ماذا يعني وصول مصر إلى مرحلة الفقر المائي؟

هناك توصيفات عديدة لتقييم وضع الموارد المائية اعتمادا على نصيب الفرد من المياه المتجددة والمتاحة للاستخدام. وقد حددت الأمم المتحدة مستوى 1000 متر مكعب للفرد في السنة خطا فاصلا بين الوفرة والفقر المائي.

وتراجع نصيب الفرد في مصر من المياه إلى نحو 540 متر مكعب سنويا يعني أنها تخطت مرحلة الفقر وصولا إلى الندرة المائية، وفي خلال سنوات قليلة جدا ستصل إلى حد الندرة المطلقة، وهو ما يجعلها غير قادرة على تلبية المتطلبات المعيشية للمواطنين وتحقيق الأمن الغذائي، ومن ثم تتجه لاستيراد الغذاء.

وهنا يجدر الإشارة إلى معاناة مصر من شح المياه؛ فمواردها الحالية لا تكفي احتياجاتها من الطعام والشراب، وهي تلبي جزء كبير من احتياجها بإعادة تدوير واستخدام مياه الصرف الزراعي والصحي المعالجة أما الجزء المتبقي فيتم استيراده على هيئة محاصيل زراعية وحبوب ومنتجات زيوت ولحوم فيما يعرف بالمياه الافتراضية.

- وما المطلوب للتعامل مع هذه المرحلة؟

مطلوب تنفيذ سرعة العمل على: تحسين نوعية المياه المتاحة، وتنمية الموارد المائية التقليدية وغير التقليدية، مع ترشيد الاستخدامات وتأهيل البيئة المناسبة من قوانين وتوعية وخلافه، وهي المحاور الأربعة التي ترتكز عليها الخطة القومية للموارد المائية، التي أطلقتها الحكومة في عام 2017 لتلبية الاحتياجات حتى عام 2037.

- وكيف يمكن تحسين نوعية المياه المتاحة؟

هناك خطوات يجب إتباعها، أولا: معالجة مياه الصرف الصحي، ولا سيما في المناطق الريفية التي تصرف في نهر النيل والترع والمصارف الزراعية. ثانيا: تطوير منظومة جمع المخلفات والقمامة التي تلقى في المياه. وثالثا: ترشيد استخدام الأسمدة والمبيدات ومنع صرف المخلفات الصناعية على المجاري المائية.

- وما هي أنسب الحلول لترشيد استخدام المياه؟

المستخدم الأكبر للمياه في مصر هو القطاع الزراعي يليه المنزلي، ومن ثمَّ يكون الترشيد في هذين القطاعين مؤثرا جدا؛ فعلى سبيل المثال فإن تطوير نظم الري في الأراضي القديمة بجنوب الدلتا ووادي النيل وكذلك في الأراضي المستصلحة حديثا يوفر من المياه المستهلك كما يزيد الإنتاجية الزراعية بأكثر من 30% وقد تصل إلى 50% لبعض نظم الري ولبعض المحاصيل.

والقطاع الزراعي يحتاج لنقلة كبيرة باتجاه النظم الزراعية الحديثة واختيار المحاصيل ذات المردود الجيد من حيث استخدام المياه والإنتاجية مما يتطلب عودة المرشد الزراعي بصورة أكثر تطورا ليتماشى مع متطلبات الزراعات الحديثة.

أيضا من أهم أدوات ترشيد وحسن استخدام المياه في الزراعة هو العمل على تجميع الزمامات الزراعية وتطوير نظم الري بها لمجابهة ما تعانيه الأراضي القديمة بالدلتا والوادي من تفتت الملكية الزراعية، الذي تزيد من هدر المياه ويقلل من الإنتاجية الزراعية على أن يتم ذلك في إطار تشريع ما.

أما في القطاع المنزلي فمن الضروري تقليل التسربات والفواقد في شبكات نقل المياه المنزلية وكذلك الوقف بشدة أمام الإهدار والاستخدام غير الرسمي لهذا المصدر.

- تحدثت عن أهمية تنمية الموارد المائية المتاحة.. كيف يكون ذلك؟

من الضروري الاعتماد على تحلية مياه البحر لتغطية احتياجات المدن الساحلية من المياه المنزلية ومياه الشرب، ولاسيما بعد انخفاض أسعارها مقارنة بما كانت عليه من قبل، وهناك بالفعل نشاطا ملحوظا في هذا الاتجاه مؤخرا بإقامة عدد من محطات التحلية في جنوب سيناء والبحر الأحمر ومرسى مطروح.

والاعتماد على مياه البحر المحلاة لتغذية المدن الساحلية ذي جدوى اقتصادية؛ فتغذية محافظة مطروح مثلا عن طريق التحلية أرخص من نقل مياه النيل إليها عبر مضخات وطلمبات وصيانة دورية للشبكات.

كما يجب الاستفادة القصوى من مياه السيول والأمطار؛ من خلال التوسع في إنشاء السدود والخزانات لتجميع هذه المياه واستخدامها في الشرب أو الزراعة.

- ألا يمكن الاستفادة من مياه الأمطار داخل المدن القائمة كتلك التي شهدتها القاهرة مؤخرا والمقدرة بنحو 650 ألف متر مكعب؟

من الصعب حصاد مياه الأمطار في المدن والأحياء القديمة لأنها لم تصمم على ذلك، وحتى المدن الجديدة الجاري إقامتها مثل العاصمة الإدارية والعلمين الجديدتين، واللتين تشتملان على شبكة صرف أمطار وسيول فالمياه المجمعة غير صالحة للاستعمال المباشر؛ تحتاج إلى المعالجة.

كما أن الأمطار في مصر غير منتظمة ولا تشجع على إقامة منشأت لحصادها، والتي تحتاج إلى تكلفة ضخمة جدا.

وحصاد أمطار المدن في المناطق الجافة مثل مصر والسعودية وليبيا وباقي دول المنطقة غير مجدٍ بالقدر المعقول، الأولى درأ مخاطرها ثم الاستفادة منها سواء مباشرة عن طريق ري الحقول أو بشكل غير مباشر من خلال تغذية المجاري المائية.

- وماذا عن باقي الموارد المتاحة؟

يجب كذلك الاستفادة المثلى من الخزانات الجوفية، التي تتواجد معظمها في الصحراء، والتي يصعب وصول مياه النيل إليها، وتستخدم مصر حاليا نحو 8 إلى 9 مليارات متر مكعب سنويا، والجزء الأكبر من هذه الكمية يجري سحبه من خزان الدلتا والوادي المتجدد نتيجة لتغذيته من خلال مياه النيل سواء عن طريق الري أو التسرب المباشر من الترع والقنوات، وهناك أيضا خزان الحجر الرملي النوبي، ومياهه ذات جودة عالية، لكنه غير متجدد وبالتالي يجب السحب منه في إطار خطط مدروسة حتى لاينفذ وتتدهور نوعيته.

هناك أيضًا مياه الصرف الزراعي، التي تعتبر مصدرا متاحا للاستخدام، ومصر بالفعل تعيد استخدام المياه ثلاث وأربع مرات، وهي من أعلى الكفاءات بالعالم في هذا المجال، ومن المتوقع الوصول بنسبة إعادة الاستخدام حتى 40% من الموارد المتاحة (بما يعادل نحو 20 مليار متر مكعب في السنة) خلال سنوات قليلة.

ويجب كذلك التوسع في إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة، والتي يمكن أن توفر 10 مليارات متر مكعب في السنة، ورغم التكلفة العالية لهذا المحور لكنها ضرورية ولا يمكن إهمالها.

وكيف يمكن الاستفادة من مياه الصرف الصحي المعالجة؟

هناك درجات من معالجة مياه الصرف. والمياه المعالجة ثلاثيا يمكن استخدامها مباشرة في الزراعة، مثل دولة الإمارات العربية التي تضع خطة لاستخدام كل مياه الصرف الصحي المعالجة ثلاثيا في الزراعة بحلول عام 2021. كما يمكن استخدامها في الشرب إذا جرت عليها بعض التحسينات، كما تفعل سنغافورة، لكن هذا مكلف جدا.

أما المياه المعالجة ثنائيا فيمكن استخدامها في مجال زراعة الأعلاف، أما المعالجه ابتدائيا فتستخدم لزراعة الغابات الخشبية.

- مع أم ضد دعوات تحصيل مقابل عن مياه الري لترشيد الاستهلاك؟

المياه سلعة لا تباع طبقا لمواثيق الأمم المتحددة وللدستور، وإنما قد يتم تحصيل بعض الرسوم مقابل توصيل أو معالجة المياه لبعض الاستخدامات.

وأرى أنه لابد من تقديم الحوافز الممكنة كافة للفلاح من مدخلات الزراعة ووسائل الإرشاد الحديث وتحسين وضبط حالة السوق ضمن منظومة تسويق ذكية تضمن ربح معقول للمزارع وسعر مناسب للمستهلك، بالتوازي مع وضع غرامات إهدار وسوء استخدام للمياه.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك