عادل اللبان يضع حلولا للخروج من الأزمة الاقتصادية: الاهتمام بالتصنيع والتعليم والزيادة السكانية - بوابة الشروق
الخميس 26 يونيو 2025 8:53 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

ما توقعاتك لمعارك إسرائيل مع إيران؟

عادل اللبان يضع حلولا للخروج من الأزمة الاقتصادية: الاهتمام بالتصنيع والتعليم والزيادة السكانية

محمد فوزي
نشر في: الإثنين 11 مارس 2024 - 9:49 م | آخر تحديث: الإثنين 11 مارس 2024 - 9:52 م
العنصر البشرى هو المحرك الأساسى لتحقيق أى نهضة وتنمية فى المجتمعات
سوء إدارة ملف العاملين بالخارج يفقد الدولة العقول والطاقات المصرية
الحكومة تشجع على استمرار المغتربين لضمان تحويلاتهم دون الاهتمام بالاستفادة من عقولهم
امتلاك قاعدة صناعية عريضة يساعد فى زيادة حجم الصادرات لمئات المليارات من الدولارات سنويًا
مقولة التعليم كالماء والهواء، أصبحت مقولة «قديمة» ..والتعليم الجامعى لا يمكن ان يكون حقا للجميع
عدم وضوح الرؤية فى اتخاذ القرارات يزيد احتمالية الخطأ

نظم صالون جامعة النيل، برئاسة الدكتور طارق خليل نهاية الأسبوع الماضى، ندوة بعنوان «خارج الصندوق اقتصاديا.. رؤية بديلة»، للخبير الاقتصادي المرموق عادل اللبان، نائب رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى المتحد (البحرين)، وعضو مجلس أمناء الجامعة، الذى أشار خلال الندوة إلى 3 ملفات يجب أن تكون على رأس أولويات الدولة للخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة، تشمل التصنيع والتعليم والزيادة السكانية.
فى سياق عنوان الندوة، بدأ اللبان حديثه قائلًا: «إن البعض يعتقد أن التفكير خارج الصندوق هو بمثابة عصا سحرية لكن العكس صحيح، فالتفكير خارج الصندوق قد يكون أبسط ما يمكن.. اتخاذ قرار اقتصادى سليم يحتاج إلى عناصر أساسية كفهم قانون الندرة النسبية»، مشيرا إلى أنه فى أى دولة أو مؤسسة أو هيئة هناك فجوة بين الاحتياجات والإمكانيات، ودائما تكون تلك الفجوة لصالح الاحتياجات، وهى سلبية لأنها تتطلب أشياء تفوق «إمكانياتنا»، وهذا ينطبق على اقتصاديات الدول والمجتمعات مهما كانت درجة ثرائها أو حجمها.
واستطرد بالقول إن الدول الغنية لديها طموحات تفوق قدراتها المتاحة، فعلى سبيل المثال دول الخليج التى تعتمد على الموارد البترولية نجد لديها عجزا ما بين المستهدف والمتاح من مواردها الذاتية، بينما المجتمعات الفقيرة تكون احتياجاتها أساسية أكثر، والعجز كبير ما بين مواردها والقدرة على تغطيتها مقارنة بالمتاح لها من موارد.
وأوضح اللبان، أن الاقتصاد هو علم المشكلة، ومع عدم وضوح الرؤية فى اتخاذ القرارات فإن احتمالات الخطأ تزيد، لافتا النظر إلى أن إهدار الموارد فى اختيار ما لا يؤدى إلى النتيجة المطلوبة يزيد الأزمة.
وتابع: «الخطأ فى السياسات الاقتصادية هو سمة فيها لأنه لا توجد سياسة اقتصادية صحيحة بالكامل«، مشيرا إلى إلى أهمية ملف التعليم فى حل الأزمة الاقتصادية خاصة أن نحو 30% من الشعب المصرى «أميون»، ونحو 32% تحت خط الفقر، وهو ما يشير إلى وجود احتمالية كبيرة بأن الناس الأميين هم نفس الناس الذين تحت خط الفقر، لأنه ليس لديهم الإمكانات البشرية التى تجعلهم يحسنون من حالهم ولو بمستوى بسيط، مؤكدا أن برنامج محو الأمية والاهتمام بالتعليم لا يحتاج إلى عملة صعبة.
واستعرض اللبان، خلال الندوة مقترحات وحلولا تساهم فى الخروج من الأزمة الاقتصادية التى يمر بها الاقتصاد المصرى منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، ثم نشوب الصراع الجيوسياسى فى منطقة الشرق الأوسط.
وركز اللبان فى مقترحاته على العنصر البشرى، مؤكدا أنه المحرك الأساسى لحدوث أى نهضة وتنمية فى المجتمعات المختلفة، مشيرا إلى «حلول خارج الصندوق» لتنمية العقل البشرى لكى يقود قطار التنمية الاقتصادية فى مصر خلال السنوات المقبلة.
ويرى اللبان أيضا أن معالجة المنظومة التعليمية يجب أن تكون من أولويات الدولة للخروج من الأزمة الاقتصادية، مضيفا: «عندما نقول إن لدينا مجانية للتعليم فكأننا نضع رءوسنا فى الرمال دون مواجهة الحقيقة».
وأضاف أن مقولة التعليم كالماء والهواء، أصبحت مقولة «قديمة»، موضحا أن تكلفة التعليم أصبحت مرتفعة جدا فى السنوات الأخيرة، كما أنه لا يوجد مجانية حقيقية للتعليم بسبب اعتماد الطلاب على الدروس الخصوصية، مضيفا أن معنى التعليم نفسه اقتصر على الحصول على الشهادة العلمية دون الاستفادة من قيمة العلم، وتعلم كيفية خلق قيمة مضافة من كل شىء.
وشدد اللبان على ضرورة حدوث تغيير فى المنظومة التعليمية، فلا يمكن أن يكون التعليم الجامعى حقا للجميع، موضحا أنه يجب تحديد فئة عمرية محددة هى التى تحصل على التعليم المجانى حتى عمر الـ15 عاما على سبيل المثال، وتوجيه أفضل الموارد وأكفأ المعلمين لهذه الشريحة، ومن ثمة تقتصر موارد الدولة لاحقا على الطلبة المتفوقين بعد اجتيازهم عدة اختبارات، ومن ثم يكونون هم أصحاب الحق فى دخول التعليم الجامعى، وما دون ذلك يتم توجيهه لسوق العمل أو التجنيد.
ولفت إلى أن هذا النظام المقترح للتعليم، يطبق قانون الندرة النسبية، أى تقليل عدد المستفيدين والتركيز على المتفوقين، لزيادة نسبة الكوادر والكفاءات كل عام، حتى تستطيع هذه الكفاءات إدارة موارد الدولة بشكل جيد يعطى قيمة مضافة لكل شىء.
فى سياق متصل، قال اللبان، إن هناك عقولا وطاقات مصرية غير مستغلة، بسبب سوء إدارة ملف العاملين بالخارج، من وجهة نظره، حيث إن إدارة الدولة لهذا الملف تفقدها قيمة مضافة تقدر بمليارات الدولارات سنويا.
وأوضح أن الحكومة تنظر للعاملين بالخارج على أنهم أموال وتحويلات عملة صعبة فقط لا غير، دون النظر إلى عقول هؤلاء العاملين، قائلا إن المؤسسات الأجنبية فى الخارج لا تعطى أجرا للعامل إلا إذا كان يقدم لها قيمة مضافة حقيقية، وهذا يدل على أن هذا العامل لديه إمكانيات عقلية وفكرية تمكنه من تحقيق جدوى اقتصادية تبلغ أضعاف أجره.
وتابع: «أنا لا أرى أى خطة فى هذا الملف تضمن إعادة توطين للعاملين بالخارج»، واستطرد: «أنا أرى أن الحكومة تشجع على استمرار المغتربين لضمان تحويلاتهم، وهذا أمر خاطئ».
وأشار إلى أنه لا بد من خلق خطة تهدف إلى استعادة الناجحين فى الخارج للاستفادة من قدراتهم وخبراتهم وعقولهم التى هى السبب فى تحويلاتهم المالية من الأساس، مشيرا إلى أن هذه الخطوة تضمن تحقيق إيرادات أضعاف تحويلات هؤلاء العاملين من الخارج.
وأكد أنه «لا يجوز أن تكون مصر أرض التقاعد»، مشددا على ضرورة استهداف إعادة توطين الشباب الناجح أفضل من متقدمى السن، نظرا لفارق الإنتاجية بينهما، مشيرا إلى ضرورة توافق الشركات العامة والخاصة وجميع الهيئات بالدولة المصرية مع القرن الـ21، موضحا أن العالم من حولنا أصبح يعتمد على تكنولوجيات حديثة ومتقدمة تساهم فى زيادة حجم الإنتاجية.
وتابع أنه عادة ما توقفنا كلمة «الهوية المصرية» عند استحداث بعض الأمور، وهذا الأمر ضار، قائلا: «العلم والمنطق يطبقان فى جميع أنحاء العالم ومن ضمنهم مصر»، متسائلا: «ما المانع من تقليد نموذج أجنبى ناجح بطريقة تناسبنا؟».
ويرى فى هذا السياق أنه من الضرورى تغيير شكل الشركات والهيئات المصرية من الداخل، بدخول تقنيات تكنولوجية حديثة ومتوافرة، تسمح للآلة والبرمجيات بإنجاز العديد من المهام، والسماح للعنصر البشرى بتوفير طاقته لأعمال أخرى.
وأضاف أن الوقت الحالى يشهد اقتحام الذكاء الاصطناعى فى جميع المجالات وهو ما سيقضى على العديد من الوظائف النمطية، متابعا أنه يجب تطوير المؤسسات والشركات المصرية فى أسرع وقت.
وأشار إلى أن هذا التحول فى شكل المؤسسات لن يكون صعبا، قائلا: «إحنا مش هنبتكر بل سنسير على النهج المتواجد بالفعل خارج البلاد»، وهو ما يعطى ظروف تشغيلية لأكثر من 105 ملايين مصرى أفضل من الظروف الحالية.
وتطرق اللبان لمسألة الدين، مشددا على ضرورة تجديد الخطاب الدينى من منطلق مختلف تماما، يحافظ على المعايير الأمنية للدولة، ويحض المواطنين على إرساء مكارم الأخلاق.
وفى هذا السياق، يوضح اللبان أن العنصر البشرى هو القادر على تعزيز موارد الدولة وتقوية اقتصادها، خاصة أن الخطاب الدينى هو من أكثر العناصر المؤثرة على عقلية البشر.
واستطرد أن مفاهيم الصدق والعمل والأمانة تختفى من عقليات ونفوس البشر، ما لم يتم تكرارها بشكل مستمر، وهو ما يهدم أى أمة أخلاقيا واجتماعيا واقتصاديا، وضرب مثالا فى هذا الشأن، بعصر النهضة الأوروبية، قائلا: «فى العصور الوسطى كانت الكنيسة الكاثوليكية تسيطر على المجتمع وهى فى الأساس كانت معادية للعلم، ولم يتم كسر هذه الهيمنة إلا بظهور الطائفة البروتستانتية».
وأشار إلى أن البروتستانتية كانت تغرس عدة مفاهيم فى عقول المواطنين مثل العمل والصدق والإدخار، الذى يمثل مفهوما اقتصاديا فى غاية الأهمية، «والشاهد من هذا المثال، أن المجتمع المصرى يحتاج إلى خطة من وزارة الأوقاف تعيد زرع قيّم ومفاهيم بشكل مستمر تهدف إلى إرساء مكارم الأخلاق عند العنصر البشرى، الذى يمثل أساس أى نهضة وتنمية للمجتمع، وخاصة أن هذا الحل لا يتطلب أى نفقات دولارية ولا يمثل تكلفة على الدولة».
ويرى اللبان أن هناك ثلاثة ملفات يجب أن يكونوا على رأس أولويات الدولة للخروج من الأزمة الاقتصادية بشكل نهائى، مؤكدا أن التصنيع على رأس هذه الملفات.
وقال إن امتلاك قاعدة صناعية عريضة ستساعد فى زيادة حجم الصادرات إلى مئات المليارات الدولارات سنويا، مشددا على ضرورة دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتسهيل جميع الإجراءات على المستثمرين.
وأضاف أن الملف الثانى من حيث الأهمية، هو التعليم، مرجعا ذلك إلى أن تطوير المنظومة التعليمية هو الحل طويل الأجل للأزمة الاقتصادية، حيث يضمن خروج كوادر كل عام فى مختلف القطاعات تستطيع تحقيق القيمة المضافة من كل موارد الدولة.
أما الملف الثالث، فهو إدارة الزيادة السكانية، قائلا: «إن الزيادة السكانية تعوق عملية النمو وتؤدى إلى تآكل الموارد دون استغلالها».


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك