هل التفكير في الموت يجعل حياتنا أفضل؟ أساتذة علم النفس والفلسفة يجيبون - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 10:23 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل التفكير في الموت يجعل حياتنا أفضل؟ أساتذة علم النفس والفلسفة يجيبون

الشيماء أحمد فاروق
نشر في: الإثنين 11 مايو 2020 - 11:53 م | آخر تحديث: الإثنين 11 مايو 2020 - 11:53 م

كان لدى أصحاب مذهب الفلسفة الرواقية رؤية مفادها أن التفكير في احتمالية الموت يمكن أن يجعل حياتنا أكثر سعادة، وأنه من المفترض أن تسمح لنفسك بالتفكير في الموت، وأنه في يوم من الأيام سيموت الأشخاص الذين تحبهم، ولقد برزت الرواقية كمدرسة للفلسفة في القرن الثالث قبل الميلاد في اليونان، ثم هاجرت إلى الإمبراطورية الرومانية، وتطورت هناك خلال عهد الإمبراطور ماركوس أوريليوس.

ولكن هل بالفعل التفكير في الموت يمكن أن يجعل حياتنا أفضل؟

يقول إيرفين أستاذ الفلسفة في جامعة رايت ستيت الأمريكية في كتابه "دليل الحياة الجيدة في الرواقية القديمة" إن فلسفة الرواقية تقدم وصفة لراحة الإنسان في حياته من خلال التفكير في الأشياء السيئة التي قد تحدث، وأكبرها الموت، خلال يومنا، وعندما لا تقع نستطيع أن نشعر بالسعادة لأننا أخذنا فرصة جديدة بحياة يوم جديد".

وكان ماركوس أوريليوس يقول في كتابه التأملات: "من الممكن أن تموت الآن، دع هذا يُحدد ما تقوله وتفعله وتفكر فيه"، وذلك دعوة منه للتأمل في الموت وليس من باب السوداوية أو التشاؤم، ولكنه إدراك لخطورة نسيان كم هي قصيرة الحياة.

وذكر موقع "ذا أتلانتيك"، في تقرير له عن أثر التفكير في الموت على الحياة، أنه أظهرت دراستان أن الأفكار الواعية بالموت تزيد من الحياة الصحية، مثل السعي لممارسة الرياضة وإجراء الفحوصات الطبية، ولكن لم توضح الدراستان ما هي الدوافع ونوايا الناس أثناء تفكيرهم في ذلك، هل يحاولون اتباع استراتيجية صحية لضمان حياة أفضل أم إنها مجرد تفكير تشاؤمي!

- الفنون والموت في عصور مختلفة

إذا تأملنا كل الآثار التي تركتها الحضارة المصرية القديمة، فسوف نجد أنها مرتبطة بشكل كبير بالموت، فلم تتبق المنازل التي عاشوا فيها، ولكن تبقت المقابر والمعابد، ولذلك كان اهتمامهم بالموت ذي درجة كبيرة وفي المرتبة العليا لديهم.

وإذا قفذنا عبر الزمن وجئنا إلى العصور الوسطى، فسنجد أن الناس في هذه الحقب الزمنية اهتمت بالموت وعبرت عنه في رسوماتها وفنونها المختلفة، ومنها ما يسمى برقصة الموت، وهي رقصة شهيرة في ذلك العصر، يتشابك فيها مجموعة من الأشخاص من الأعمار والطبقات الاجتماعية كافة الأيدي، يتقدّمهم رجل يرتدي زيًّا أسود يرمز للموت، ويقودهم إلى القبر، وذلك وفق ما ذكره موقع "أطلس أبوسكيورا".

ومن رقصة الموت، إلى الجماجم، التي كانت إحدى الرموز الأساسية في لوحات القرون الوسطى، ففي القرن السابع عشر، ازدهر نوع من الرسم "المظلم" في أوروبا، ولا سيما هولندا، في وقت يتسم بالثروة التجارية العظيمة والصراع العسكري المتكرر، كانت هذه اللوحات، المعروفة باسم "فانتياس"، ناضجة بأشياء رمزية تهدف إلى التأكيد على أن الحياة عابرة، وعبث المتع الأرضية، والسعي غير المجدي إلى السلطة والمجد.

و"فانتياس"، وفق ما ذكره موقع "أرستي" المتخصص في عرض اللوحات الفنية، هي تقليد فني ارتبط ارتباط وثيق بعبارة لاتينية شهيرة هي "ميمنتو موري" وتعني تذكر أنك ستموت، وبدأ في الظهور في القرن الخامس عشر.

وظهرت ملامح الاهتمام بالتفكير في الموت في أكثر من منحى في الحياة، فزُيِّنت مكاتب نبلاء العصور الوسطى بمجسمات لجماجم، وفوق الساعات الضخمة في الميادين العامة نقشت عبارة "ربما كانت تلك هي ساعتك الأخيرة"، وحتى الملوك لم يدعوا سلطانهم يُنسيهم أنهم أيضا فانون، فحملت ماري، ملكة اسكتلندا، معها دائما ساعة على شكل جمجمة كُتب عليها: "يطرق الموت الشاحب بالإيقاع نفسه على أكواخ الفقراء وبيوت الملوك".

- التفكير في الموت وأثره على الحياة

لا يُغيِّر تأمل الموت فقط منظور الإنسان لما يريده أن يكون، بل يؤثر على نظرته لما هو كائن، حيث تبدو الكثير من المخاوف والهواجس ضئيلة غير ذات وزن حقيقي، ولا تستحق أن يعاني الإنسان كل تلك المعاناة بسببها، وفي النظر للموت أيضا يبرز الجمال المخفي لتفاصيل الحياة الصغيرة ونعمها الكبيرة التي يؤثر انشغالنا على رؤيتنا لها، بحسب "ذا اتلانتيك".

وذكرت لورا كينج، أستاذة العلوم النفسية في جامعة ميسوري الكولومبية، أنه من المفترض أن يكون الإنسان خائفا من الموت، لكن هذا يمكن أن نراه شيء جيد، لأن التفكير في الموت سيجعل الإنسان يتجاوز كل ما يمر به لأنه يعلم مدى قصر الحياة، فلا يترك مجال طويل للحزن.

وأجرت كينج دراسة في عام 2009 قدمت خلالها منظوراً بديلًا للموت ومعناه، وأوضحت أنه عند تذكر الموت، يقدر الناس الحياة بشكل أكبر، وهذا هو مبدأ الندرة، وهو سهل وبسيط؛ إذ كلما قل ما لديك شيء، زادت قيمته، وبالتالي كلما تذكر الإنسان أن الحياة قصيرة زادت قيمتها في نظره.

وقد قدمت ميجان برونو، طبيبة نفسية وكاتبة في مدينة نيويورك، حصلت على بكالوريوس الآداب في علم النفس والدراسات الأسرية من جامعة كولومبيا البريطانية، مجموعة من الأسباب التي تفسر ارتباط التفكير في الموت بحياة أفضل:

- التفكير في الموت يحفزنا

تخيل لو كنت تعلم أنك ستعيش إلى الأبد، هل كنت ستشعر بالرغبة في التجربة والإنجاز والتواصل مع الآخرين؟ فقد لا نشعر بنفس الرغبة في القيام بأي أنشطة أو العمل من أجل هدف صحي أو مهني، إن معرفة وقتنا هنا أمر يحفزنا على أن نعيش حياتنا حقًا، وألا نضيع الوقت.

- عدم الالتفات للخلافات

التفكير في الطبيعة غير المستقرة للحياة يعطينا منظور أوسع للنظر في المواقف الصعبة والخلافات التي نمر بها، بل ويدفعنا لتجاوز الخلافات الصغيرة، لأنه لا يوجد وقت كافْ لها.

- تقدير الحاضر

إذا كان اليوم هو اليوم الأخير من حياتك، فقد تتفاعل بشكل مختلف مع كل الأمور التي تمر بها، هذا هو تقدير الحاضر، لأنك لا تعلم ماذا سيحدث غدا، هل تبقى من الحياة شيء أم لا؟، لذلك تنظر للحاضر على أنه نعمة يجب استغلالها.

- اختيار المهم في دائرة حياتنا

التفكير في الموت يجعلنا أقرب إلى القيم والأشياء الجيدة، والأمور التي تجعلنا سعداء، للحفاظ عليها والاستمتاع بها قدر الإمكان، وقضاء الوقت الأكبر مع الأشخاص الذين نحبهم دون التطرق لخلافات صغيرة يمكن أن نتجاوزها.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك