الأوروبيون اهتموا بالموسيقى الشرقية لشغفهم الكبير بالجذور - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 1:35 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الباحث الموسيقى طارق عبدالله من قلب فرنسا:

الأوروبيون اهتموا بالموسيقى الشرقية لشغفهم الكبير بالجذور

أمجد مصطفى:
نشر في: السبت 11 يوليه 2020 - 10:33 م | آخر تحديث: السبت 11 يوليه 2020 - 10:33 م

أسطوانة «وصلة» صنفت ضمن أفضل 50 إصدارًا موسيقيًا فى الفترة من 2013 إلى 2018
ظلمنا كل التجارب التى سبقت سيد درويش.. والفرنسيون يعلمون عن الموسيقى المصرية أكثر مما نعرف
الحياة فى مارسيليا تشبه الإسكندرية وخسائر الفنون من الكورونا فى فرنسا وصلت 5,4 مليار يورو

لم يكن عازف العود طارق عبدالله يعلم أن رحلته لفرنسا وبالتحديد مارسيليا سوف تمتد وتطول حتى تصبح تلك المدينة مقر إقامته الدائمة. عندما خرج من مصر كان الأمر بالنسبة له مثل أى شاب مصرى، عدد قليل من السنوات يعيشها فى الغربة من اجل ان يكون نفسه، ثم يعود ليستكمل مشواره فى بلده مع الفن، لكن طارق عبدالله اكتشف أن أحلامه مع مشوار الفن مقرها انتقل من القاهرة عاصمة الفن العربى إلى مارسيليا المدينة التى تحتضن اغلب العرب فى فرنسا. قرر أن يستمر هناك خاصة أن أفكاره الفنية التقت مع الذين التقاهم هناك، حيث البحث فى جذور الموسيقى للوصول إلى اسباب النبوغ المصرى فى هذا الفن.
وجد طارق عبدالله هناك فرنسيين يعلمون عن الموسيقى الشرقية والعربية وبالتحديد المصرية اكثر مما نعرف نحن العرب، وتحول الامر بالنسبة له من مجرد عازف عود وملحن إلى باحث يوكل اليه بعض المشاريع البحثية الكبرى فى عدد من الجامعات والمعاهد الفرنسية والأوروبية. وهنا سار فى طريقين الأول البحث العلمى الموسيقى والسكة الثانية هى حفلاته موسيقية وتسجيل عدد من الأسطوانات يبرهن من خلالها على عظمة موسيقانا المصرية.
طارق عبدالله ابن مدينة الاسكندرية، درس العود فى بيت العود بالقاهرة وقبلها التحق بكونسرفتوار الإسكندرية، ثم أسس فريق اسكندريللا مع حازم شاهين عازف العود المعروف. حتى اصبح الآن حاملا للدكتوراه من كبرى الجامعات الفرنسية فى الآداب والفنون (تخصص موسيقى وعلوم موسيقية) من جامعة لوميير ليون، وهى نفس الجامعة التى حصل فيها على درجة الماجستير، إلى جانب ورش عمل والتدريس فى عدد من الدول العربية والاوربية.
فى هذا الحوار تحدثنا معه عن رحلته مع الموسيقى فى فرنسا.

< كيف بدأت رحلتك مع العمل فى فرنسا؟
ــ فى نوفمبر 2001 قررت السفر مع زوجتى إلى مارسيليا، وكانت النية هى العمل هناك بضع سنوات ثم العودة لمصر، لأننى كنت أعلم ان السفر إلى بلد غريب ليس بالأمر السهل، كنت أعى صعوبة الوضع خاصة أننى لم أكن أتحدث الفرنسىة، والثقافة مختلفة، كانت اول تجربة للحياة فى الخارج بعيدا عن وطنى، لكننى وجدت نفسى اتأقلم مع الوضع هناك، فقررت الاستمرار.

< كيف تأقلمت وقررت التراجع عن العودة؟
ــ عندما سافرت عشت فى مارسيليا، وهى تشبة الاسكندرية بلدى، ووجدت هناك بلد يضم ثقافات مختلفة، اكثر من 30 لغة محلية مختلفه عن اللغة الفرنسية التى نعرفها، هناك وجدت الاسبان والعرب والايرانيين ومن ينحدرون من دول امريكا الجنوبية.

< تلك هى الأسباب فقط؟
ــ أضف إلى ذلك ان الله رزقنى فى 2006 بأول مولود وهنا النظرة اختلفت بالنسبة لى، وكان صعبا اطلب من زوجتى العودة، وهى فرنسية كانت تعمل بالمركز الفرنسى بالاسكندرية، الولد سوف يكبر مع الوقت ومحتاج مدرسة فرنسية فى مصر، فقررت الاستمرار.

< لكنك عندما قررت الاستمرار كان اهتمامك الفنى متعلقا بالأبحاث الموسيقية؟
ــ بالفعل، بل قررت الدراسة هناك، وفى 2007 حصلت على دبلوم دراسات موسيقية من فيلر بان ثم التحقت بجامعة ليون للحصول على الماجيستير فى علوم الموسيقى وحصلت عليه فى 2009 (تخصص موسيقى وعلوم موسيقية) ترجمة عنوان الرسالة: (تطور البراعة فى فن العود المصرى خلال النصف الأول من القرن العشرين. دراسة تحليلية)
و فى عام 2010 تقدمت للحصول على درجة الدكتوراة، والجميل ان الجامعة فى هذا العام غيرت نظامها واصبح النظام عبارة عن عقد بينك وبين الجامعة لمدة 3 سنوات، وعملت هناك كمشرف على الطلاب اساعدهم فى كيفية عمل بحث من 10 صفحات. ومن هنا توطدت علاقتى بالعالم الأكاديمى.

< ماذا عن رسالة الدكتوراه؟
ــ ناقشت أطروحة دكتوراه فى الآداب والفنون (تخصص موسيقى وعلوم موسيقية) من جامعة لوميير ليون تحت عنوان (فن العود المصرى من علم الآلات الموسيقية إلى الممارسة.

< هل كونك مصريا مهتما بالموسيقى الشرقية ساعدك على ذلك؟
ــ بالطبع، لكننى وجدت الناس هناك تعرف عن موسيقانا اكثر مما نعرف نحن عنها. كل شىء عن موسيقانا موثق هناك بداية من شركات انتاج الأسطوانات إلى الفنانين، والعازفين. قليل من سمع باسم أمين بك المهدى، وأقل القليل من أتيحت لهم فرصة الاستماع والاستمتاع بتسجيلات العزف المنفرد التى وصلتنا لأحد أهم عازفى العود الأفذاذ على الأسطوانات الحجرية ذوات ٧٨ لفة. ربما كان السبب الأساسى وراء ذلك أن فن العود المصرى خلال النصف الأول من القرن العشرين، وما سبقه من إرهاصات، لم يحظ بوافر الحظ من الدراسة والتحليل والنشر مقارنة بفنون الغناء، ولعل الإصدار الذى أطلقته مؤسسة التوثيق والبحث فى الموسيقى العربية بمناسبة خمسينية وفاة سلطان العود محمد القصبجى عام ٢٠١٦ هو الأول من نوعه. أما مشاهير فن العود خلال النصف الثانى من القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين فنذكر منهم الحاج سيد السويسى الذى وصلنا عددٌ من تسجيلاته، الحاج حسن بيرم العواد، الشيخ على القصبجى (١٨٥٤–١٩٢٤)، إبراهيم القبانى (١٨٥٢–١٩٢٧) وأحمد أفندى الليثى (١٨١٦–١٩١٣) الذى أجمعت المصادر على أنه كان أعظم أهل عصره ولقب بأمير العود. ويقترن اسمه دوما بالعازف محمود أفندى الجمركشى. كتب عنه محمد كامل الخلعى فى مطلع القرن الماضى: «له فى ضربه فنون مطربة وذلك لخفة أنامله على أوتاره وحسن حركاته». وتلامذة الليثى كثيرون لكن أشهرهم كامل بك رشدى (من مواليد القاهرة عام ١٨٧٩) وإبراهيم أفندى المصرى (الحلبى المولد) الذى هاجر واستقر فى تركيا. كما كان العواد الهاوى حسين باشا السيوفى من تلامذته. كل تلك الاسماء وصلت اليها بالاحتكاك فى الخارج.

< هل اقتصر عملك على التدريس أو الابحاث داخل فرنسا؟
ــ خلال وجودى شاركت فى مؤتمرات خارجها، كما قمت بالتدريس فى بيت العود بالجزائر فى 2015 لمدة شهرين، وكذلك قمت بالتدريس فى بيت العود بمسقط لمدة شهر. إلى جانب ورش عمل فى بعض الدول ومنها مصرو كنت اقوم ايضا داخل فرنسا بعمل ابحاث والمشاركة فى مسابقات منها مسابقة فى 2015 حيث حصلت على الجائزة العلمية (موزاتيوم دو فرانس FRANCE DE MOZARTUM DU PRIX، وهذه المسابقة تعتمد على مدى قدرة الفرد على شرح محاضرة موسيقية لناس غير متخصصةو لو حصلت على الجائزة تلقى فيما بعد محاضرة مدفوعة الأجر.

< خلال عملك البحثى هل كنت مهتم بنشرها فى موسوعات متخصصة؟
ــ بالفعل عملت مع سيدة انجليزية ريتشل ويلكسون فى موقع متخصص اسمه هجرات العود والموقع يتحدث عن نقل الأعواد من الشرق إلى اوربا منذ بداية الحملة الفرنسية.
ونشرت عليه جزء من اطروحتى من 1800 حتى ثلاثينيات القرن الماضى، والجميل ان هذا الموقع اصبح له نسخة عربية اصبحت انا المحرر المعنى بها من 2018 واصبحت احد الكتاب المساهمين فيه بشكل مستمر. كما اننى اساهم بالنشر مع المؤسسة العربية للتوثيق والبحث بلبنان كباحث.

< ماذا عن اصداراتك فى الكتب؟
ــ فى 2016 اصدرت كتاب عن محمد القصبجى وخلال ايام سوف يصدر اخر عن 34 عازف للعود من 1903 حتى 1937. وهو الاصدار الذى يواكب الاحتفال بمرور 10 سنوات على ميلاد المؤسسة العربية للتوثيق، هناك كتاب ايضا سوف يصدر بالفرنسية والعربية سوف يوزع يوم 22 يوليو الحالى خلال افتتاح معرض يقام بمتحف مارسيليا للحضارات الأوروبية والمتوسطية، وهو واحد من اهم متاحف اوربا. والحمد لله هذا العمل اشارك به ضمن 11 كاتب مختلف متخصصين فى امور مختلفه عن الشرق موسيقيا منهم مدير الدراسات العربية بجامعة السربون وهو يتحدث مصرى افضل من المصريين، ومن امريكا على جهاد الراسى وهو يبدو من اسمه من اصول لبنانى متخصص فى موسيقى الشعوب.

* تحدثنا كثيرا عن علاقتك بالغرب من خلال ابحاثك العلمية فى الموسيقى ماذا عن الحفلات كعازف عود ومؤلف موسيقى وملحن؟
ــ من 2014 وانا اتعاون مع عازف الرق المصرى عادل شمس الدين وهو فنان عظيم بمعنى الكلمة، جاء إلى فرنسا عام 1979 وهو سكندرى مثلى، ومهندس ميكانيكا لكنه تفرغ لآلة الرق، قدمنا سويا حفلات واسطوانات حققت نجاحات كبيرة الحمد لله. وقمنا بجولات فى اكثر من 15 دولة على مدى اربعة سنوات بالولايات المتحدة الامريكية وأوربا.

< حدثنى عن الأسطوانات التى طرحتها؟
ــ أول أسطوانة من مؤلفاتى كان عنوانها «وصلة» على اسم الوصلة المصرية، سلسلة من الالحان الالية والغنائية، وهذا اللون اختفى منذ رحيل صالح عبدالحى، وبالتحديد منذ عام 1940 انتهت من الوجود. والحمد لله فى ٢٠١٥ اصدرت أسطوانة تحمل اسم هذا اللون الغنائى الذى انقرض «وصلة» مع عادل شمس الدين عازف الرق. انتاج شركة بوذا (باريس ــ فرنسا) وتوزيع شركة يونيفرسال.
وفى عام ٢٠١٨ ــ٢٠١٩ اصدرت: أسطوانة (أصول) مع عادل شمس الدين ايضا.

< ماذا يعنى مصطلح أو كلمة الوصلة؟
ــ هى سلسلة من الألحان عبارة عن مقدمة موسيقية ومجموعة الحان متتالية يربطها وحدة المقام الموسيقى، تبدأ بمقدمة وموسيقية ثم موشح ثم ارتجال موال أو ليالى أو تقاسيم ثم ننهى الوصلة بدور، ومدتها حسب المحتوى وقدرة المطرب على الغناء. وكانت السهرات الموسيقية فى مصر تعتمد على الوصلة، وكانت تقوم على ثلاث وصلات بينهم استراحة للجمهور. وهذا التقليد اختفى للأسف.

< ما أسباب اختفائه؟
ــ ظهور الأسطوانة والتى كانت مدة الوجه الواحد ثلاث دقائق فقط وبالتالى الوجهين 6 دقائق والوصلة تحتاج على الاقل نصف ساعة ثم دخلت السينما وظهرت الاغانى الطويلة مع ظهور ام كلثوم.

< لماذا اخترت اسم وصلة للأسطوانة؟
ــ لأننى اريد التعامل مع كل ما هو مهمل ومنسى، خاصة فيما يتعلق بالايقاعات التى تعد كنز لا نعى قدرها.

< هل احدثت صدى فى اوربا وهل حصلت على جوائز؟
ــ الحمد لله فى ٢٠١٥ تم اختيار ألبوم (وصلة) أفضل إصدارات العام من قناة ميتزو الموسيقية المتخصصة، وفى عام 2015 تم اختيار الأسطوانة كأفضل الإصدارات خلال العام من مجلة سونج ــ لاينز البريطانية، وفى 2018 اختارت المجلة نفسها أسطوانة (وصلة) ضمن أهم خمسين اصدار خلال الخمس سنوات الأخيرة 2013ــ 2015، بالإضافة إلى الجائزة العلمية موزاتيوم دو فرانس FRANCE DE فى 2015.

< حاليا هل هناك مشاريع لأسطوانات أخرى؟
ــ كنت اعد لمشروع اسطوانة اصول 2 لكن اجتياح فيروس كورونا للعالم جعلنى اقوم بالتأجيل، واخترت كلمة اصول لأننى اقصد بالمعنى اختيار ايقاعات تنتمى إلى اصولنا الموسيقية. وهو ايضا مصطلح يستخدم منذ القرن التاسع عشر، سوف اقدم فيها ايقاعات هجرت منذ زمن مثل تلك التى كتبها كامل الخلعى. الذى ابتكر ثلاث ايقاعات وهذا الشغف بالايقاعات هو الذى جمعنى بالاستاذ عادل شمس الدين.

< ماذا عن الحفلات؟
ــ حاولت خلال السنين الاخيرة عمل توازن وفعلا من 2013 حتى 2018 كنت اقدم حفلين فى الشهر بشكل منتظمو الحفلات هنا ليست سهلة لأن منظم الحفلات لا يعمل معك فقط،كما ان المهرجانات هنا لايمكنك المشاركة فيها بشكل سنوى، عليك ان تنتظر عامين على الاقل بعد أى مشاركة لك. وكل شىء هنا يبرمج بشكل سنوى وليس شهريا.

< علمت ان الكورونا تسببت فى خسائر لمن يعملون بالفن؟
ــ الخسائر وصلت إلى 5,4 مليار يورو فى فرنسا فقط.لانهم هنا يهتمون كثيرا بالفنون ويرون انها رقم مهم فى الناتج القومى وبالتالى ينفقون عليها كثيرا لأن المردود اكبر بالنسبة لهم..

< لماذا يوجد عند الأوربيين شغف بالموسيقى الشرقية؟
ــ هم يعشقون الجذور وبالتالى دائما يبحثون فيها ويصلون إلى نتائج لم نصل لها، البحث والاطلاع عندهم فى المقدمة، هم يبحثون دائما فى الثقافة الام لاى شعب. وانا تعلمت منهم هذا الامر لذلك انشغلت بالحث عن أى امور اخرى.الموسيقى الاصيلة القديمة عالم سحرى .هنا تعلمت اشياء لم اكن اتعلمها ولو كنت اعيش فى مصر.

< ما ابرز ما لفت نظرك وانت تبحث فى الموسيقى المصرية؟
ــ حاول الكثيرين ان يثبتوا لنا كعرب ومصريين ان الموسيقى المصرية بدأت من عند سيد درويش، وان كل التجارب التى سبقته كانت تدور فى فلك الموسيقى التركية، وهذا كلام غير دقيق، مصر كان لديها اسماء كبيرة رنانة فى عالم الموسيقى العربية والمصرية ولهم تجارب مهمه. مثل كامل الخلعىو داوود حسنىو عبدالحمولىو سلامة حجازى. وهذا لا يمنع ان سيد درويش قامة كبيرة وله مدرسة لكن لا يجب ان نلغى كل التجارب التى سبقته.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك