أثارت خطوة تعيين «دييلا» كأول وزير للذكاء الاصطناعي عالميًا، جدلًا كبيرًا في ألبانيا، ما بين الطموحات الحكومية في القضاء على الفساد، واتهامات من المعارضة بشأن مخالفة الدستور.
القصة بدأت، عندما أعلن رئيس الوزراء الألباني إدي راما، الخميس الماضي، عن تعيين وزيرة مولّدة بالذكاء الاصطناعي ضمن حكومته المقبلة، في خطوة تُعد الأولى من نوعها على مستوى العالم.
وأُسندت إلى دييلا – التي تعني «الشمس» بالألبانية، وتجسدها شخصية رقمية على شكل امرأة ترتدي لباسًا ألبانيًا تقليديًا - مهمة الإشراف على الصفقات الحكومية في خطوة تهدف إلى محاربة الفساد.
قٌدمت «دييلا» لأول مرة في يناير كمساعدة افتراضية مدعومة بالذكاء الاصطناعي على منصة «إي-ألبانيا»، لمساعدة المواطنين والشركات في الحصول على الوثائق الرسمية.
ووفقًا للأرقام الحكومية الألبانية الرسمية، ساعدت «دييلا» حتى الآن في إصدار 36 ألف وثيقة رقمية، وقدمت ما يقرب من 1000 خدمة من خلال المنصة.
وبعد إعلانها كوزيرة في التشكيل الجديد لمجلس الوزراء، لم تُقدّم الحكومة أي تفاصيل عن الإشراف البشري المُحتمل على «دييلا»، أو عن مخاطر التلاعب بروبوت الذكاء الاصطناعي. وهو ما أثار شكوك المواطنين في جدوى تعيين روبوت، وتخوفهم من احتمال استمرار الفساد بطرق جديدة يصعب كشفها.
ويرى البعض أن خطوة تعيين «دييلا» كانت «رمزية» أكثر منها رسمية، بسبب التساؤلات المثارة حول دستورية تعيينها وفقًا للمواد 96 و97 و102 و103 من الدستور الألباني.
وبحسب النسخة الإنجليزية من الدستور الألباني، والذي اطلعت عليه «الشروق»، ينص باب الحقوق والحريات السياسية، على أن الوزراء في الحكومة يجب أن يكونوا «مواطنين ألبانيين يتمتعون بالأهلية العقلية وألا يقل عمرهم عن 18 عامًا».
وانتقد رئيس المجموعة البرلمانية للحزب الديمقراطي الألباني جازمينت باردي، الذي شغل منصب وزير العدل سابقًا، قرار تعيين «دييلا» كوزيرة في الحكومة، مؤكدًا أنه «سخيف وغير دستوري بالمرة».
وكتب عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «بالنسبة لتعيين الوزراء، ينص الدستور على أن يكونوا مواطنين ألبانيين، ولا يقل عمرهم عن 18 عامًا، ويتمتعون بالأهلية العقلية. أي من هذه الصفات تمتلكها (دييلا)؟!».
من جهته، اعتبر النائب عن الحزب الديمقراطي تريتان شيخو، تعيين دييلا، وزيرًا افتراضيًا للذكاء الاصطناعي، يجعل المرسوم الرئاسي بشأن تعيين الحكومة «غير دستوري».
وأشار عبر صفحته الرسمية بموقع «فيسبوك» إلى أن استمرار العمل بهذا المرسوم «سيؤدي إلى تعميق المخالفات الدستورية».
وأضاف: «لا يمكن أن يكون تشكيل الحكومة لعبة سريالية، افتراضية، وغير واقعية!».
أما الرئاسة الألبانية، فأصدرت بيانًا للإجابة عن التساؤلات بشأن ما إذا كانت الفقرة الثانية من المرسوم تتعارض مع المواد 96 و97 و102 و103 من الدستور.
وقالت إنها لم تصدر المرسوم الخاص بتعيين الوزراء الجدد حتى الآن، مؤكدة أن «رئيس الوزراء المكلف يستوفي جميع المعايير الدستورية المنصوص عليها في هذه المواد».
لكن رئيس الوزراء الألباني إدي راما، لم يعبأ بعاصفة الهجوم التي تعرض لها بسبب القرار.
ونشر تدوينة ساخرة لحوار دار بينه وبين «دييلا» عبر صفحته الرسمية بمنصة «إكس»، سأل فيه مساعدة الذكاء الاصطناعي عن رأيها بشأن جلسة البرلمان التي عُقدت أمس، لتناول المسألة وانتهت باحتجاج نواب المعارضة.
وردت المساعدة بقولها إن «سقوط الإنسان ليس فشلًا، ولكن الفشل أن يبقى حيث سقط»، ليسألها راما عن كيفية التعامل مع الموقف، وأجابت دييلا: «لا توقف خصمًا يرتكب خطأً أبدًا».