- دور مصر محوري في إدارة حوار فعال بين حركتي فتح وحماس
- لا مجال للاستقرار الإقليمي أو الدولي دون تسوية عادلة للقضية الفلسطينية
أكد الفريق جبريل الرجوب أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح الفلسطينية، أن الاحتلال الإسرائيلي يستهدف خنق الوجود الفلسطيني للدفع نحو التهجير القسري، معتبرا أن المرحلة الراهنة تفرض تحركًا فلسطينيًا استباقيًا لترتيب البيت الفلسطيني من الداخل لمنع فرض حلول خارجية لا تعبر عن الإرادة الوطنية.
وشدد الرجوب، في تصريحات لـ "الشروق"، على ضرورة التحرك الفلسطيني الوطني في الوقت الراهن، بما يساهم في منع تهميش القرار الوطني الفلسطيني أو مصادرته.
وقال الرجوب، إن مصر تُعد الطرف الأقدر على رعاية هذه التحركات، نظرا لما تمتلكه من خبرة تاريخية، ومكانة إقليمية، وعلاقات موثوقة، إضافة إلى دورها الثابت كضامن للهوية الفلسطينية عبر مختلف المراحل المفصلية من الصراع.
كما أشار للجهود الحثيثة، التي تبذلها أطراف إقليمية ودولية، وفي مقدمتها مصر وقطر والولايات المتحدة، لتهيئة الظروف المناسبة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، منوها أيضا لما تلقاه هذه الجهود من دعم دولي متزايد في ظل تصاعد الأصوات المطالبة بإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، والعودة إلى مسار سياسي يعيد تثبيت الحقوق الفلسطينية على أجندة المجتمع الدولي.
وأوضح الرجوب أن "ما يجري في غزة هو حرب إبادة ممنهجة، تتزامن مع اجتياحات واغتيالات في الضفة الغربية تستهدف من خلالها قوات الاحتلال الإسرائيلي خنق الوجود الفلسطيني ودفعه نحو التهجير القسري".
أما فيما يخص مباحثات تحقيق المصالحة الفلسطينية، قال أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح: لقد بات واضحا للجميع محورية دور مصر من خلال إدارة حوار فعّال بين حركتي فتح وحماس، نظرا لما تمتلكه من الخبرة والمصداقية والعلاقات ما يؤهلها لقيادة هذا المسار.
وأضاف أن المقاربة المطروحة بين فتح وحماس ينبغي أن تبدأ بحوار ثنائي هادئ في القاهرة، من أجل بناء تفاهمات سواء حول طبيعة النظام السياسي في المرحلة المقبلة، أو شكل المقاومة، أو توحيد المرجعيات الوطنية بعد وقف إطلاق النار، مؤكدا أن التفاهم على سلطة واحدة وقرار موحد هو مدخل أساسي لإغلاق صفحة الانقسام الفلسطيني بلا رجعة.
واعتبر الرجوب، أن اللقاء التمهيدي بين فتح وحماس يمثل خطوة أولى يجب أن يتبعه مؤتمر وطني شامل تحت رعاية مصرية، وبمشاركة كل الفصائل الفلسطينية الفاعلة ذات الحضور والتأثير الحقيقي في الشارع الفلسطيني، سواء في الداخل أو الشتات، في ضوء التغيرات التي طرأت على الواقع الوطني، وتراجع دور بعض التنظيمات المرتبطة بأنظمة إقليمية لم تعد قائمة.
وأوضح أن هذا المؤتمر ينبغي أن يخرج برؤية وطنية موحدة تقوم على عدة مرتكزات أساسية، أهمها توحيد المرجعية السياسية لحل الصراع، استنادا إلى قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية، والاتفاق على شكل المقاومة، مع تركيز خاص على المقاومة الشعبية وحق الدفاع المشروع، خصوصا في مواجهة المستوطنين واعتداءاتهم، وبناء دولة فلسطينية بنظام سياسي ديمقراطي وسلطة واحدة، ووضع آليات شراكة وطنية حقيقية، عبر عملية إنتخابية شاملة تعيد تجديد الشرعيات التمثيلية وفقًا لإرادة الشعب.
وأشار الرجوب إلى أن اللحظة السياسية الراهنة تتطلب من القيادة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس البدء في تنفيذ أربع أولويات إستراتيجية لإعادة ترتيب البيت الداخلي، بما يعيد زمام المبادرة إلى الفلسطينيين، ويحصن المشروع الوطني في وجه الضغوط الإقليمية والدولية.
وأوضح الرجوب أن من أبرز هذه الأولويات هو عقد مؤتمر عام لحركة فتح، لتجديد شرعية الحركة، وضخ دماء جديدة في بنيتها القيادية والتنظيمية، بما يستجيب لمتطلبات المرحلة، وإعادة صياغة منظمة التحرير الفلسطينية، عبر تشكيل مجلس وطني جديد على أسس ديمقراطية تضمن التمثيل الفعلي للفلسطينيين في الداخل والشتات، وإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية على قاعدة سياسية وتنظيمية موحدة.
كما أشار لضرورة التوافق مع المجتمع الدولي على مرجعيات سياسية واضحة، ترتكز إلى قرارات الشرعية الدولية وحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، مشيرا للتحولات الجوهرية في أسلوب التعامل مع القضية الفلسطينية، في ظل الوعي العالمي بأن لا مجال لتحقيق الإستقرار الإقليمي أو الدولي دون تسوية سياسية عادلة تستند إلى قرارات الشرعية الدولية، وتؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، بما في ذلك القدس الشرقية عاصمة لها.
ودعا الرجوب إلى ضرورة التحرك الفلسطيني انطلاقا من رؤية متكاملة، تضع في أولويتها تثبيت الفلسطينيين على أرضهم، وذلك في ضوء استمرار العمليات العسكرية، وما يصاحبها من استهداف واسع للبنية التحتية والسكان، بما يمثله من تهديد مباشر للوجود الفلسطيني، مؤكدا أن الأولوية في ظل كل تحركات القيادة الفلسطينية تظل في المقام الأول لوقف التصعيد العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة.
وحول رؤيته للمعضلة الحقيقية أمام اليوم التالي للحرب، أكد الرجوب على أن أي مقاربة سياسية جدية لمرحلة ما بعد العدوان الإسرائيلي لا يمكن أن تكون قابلة للحياة ما لم تستند إلى جملة من المرتكزات الأساسية، أولها وأهمها وحدة الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، بما يشمل قطاع غزة، الضفة الغربية والقدس الشرقية، باعتباره الأساس الجغرافي والسياسي لأي حل عادل وشامل.
كما أشار إلى أهمية إطلاق خطة شاملة لإعادة إعمار غزة، تقوم على نموذج دولي مشابه لـ "خطة مارشال" لمعالجة آثار الدمار الواسع، وإعادة تأهيل القطاع للحياة المدنية، بما في ذلك البنى التحتية والخدمات العامة والقطاع الصحي.