• أحد الملحدين: رئيس الجمهورية يمثلني.. والظلم والفساد ليسا السبب الوحيد في الخروج عن الدين
• وكيل الأوقاف السابق: خطاب السيسي في ليلة القدر يعبر عن رأي ديني وسطي وحكم يتسم بالحس الوطني
«عدد من الشباب المصري قرروا الإلحاد لأنهم لم يستطيعوا تحمل حجم الفتنة والإساءة العارمة للإسلام والديانات المختلفة التي شهدناها خلال الفترة الأخيرة، أنا مش قلقان مش لأني مش غيور على الله لكن لأني عارف أن هذا الأمر سينتهي بإذن الله».. مقتطفات من خطاب الرئيس السيسي الذي ألقاه بمناسبة ليلة القدر ولاقت اهتمامًا واسعًا لدى علماء الدين حول فكرة الإسلام الوسطي وتسليط الضوء على ملف الإلحاد في مصر.
«الشروق» حاورت عددًا من الملحدين لمعرفة آرائهم وردود أفعالهم حول تصريحات رئيس الجمهورية، ومدى اتفاقها أو اختلافها مع توجهاتهم ومعتقداتهم.
أحمد حرقان، الشاب الذي يبلغ من العمر 28 عاما، والمنتمي لأصول سلفية، كان والده أحد المشايخ القراء، ترك الدين الإسلامي وأصبح ملحدًا، رأى أن "تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي حول ما يتعلق بالإلحاد إيجابية جدًا فضلا عن أنها تدعوا للتفاؤل".
وقال الحرقان، في تصريحات خاصة لـ«الشروق»: "على الرغم من اختلافي مع السيسي في فكرة أن الظلم والفساد على الأرض هما السبب الوحيد في الخروج عن الدين، فهناك أسباب عدة ومختلفة للإلحاد إلا أن تصريحات رئيس الجمهورية تهدف إلى السلم المجتمعي".
وأضاف: "الموضوع ليس مرتبطًا بالإلحاد ولكن حديث الرئيس السيسي يرتكز على فكرة عامة وهي المواطنة والتعايش مع الجميع وقبول الآخر بمختلف توجهاتهم ومعتقداتهم دون تعرضهم لأي أذى أو تهديدات من بعض الطوائف المتشددة فكريًا، وهذا هو المطلوب في ذلك التوقيت الراهن".
وذكر إسماعيل محمد، أحد الشباب الملحد ومقدم برنامج «البط الأسود» على «يوتيوب»، أن "بعد ما ذكره الرئيس عبد الفتاح السيسي في خطابه، أمس، في ليلة القدر أرى كملحد أن رئيس الجمهورية يمثلني ولا يمكن أن أقول كلام أحلى مما أشار إليه السيسي فيما يتعلق بالشباب الملحدين".
وأوضح إسماعيل في حديثه لـ«الشروق»، أن "الرئيس السيسي على مدار عام كامل كان يدعو إلى ثورة وتغيير شامل في الخطاب الديني، لكن لم يكن هناك من مستجيب من الفئات المجتمعية المختلفة وبعض المشايخ حول فكرة «قبول الآخر، دون تعصب أو تشدد"، مضيفًا: "ما لمسته من خطاب رئيس الجمهورية عبر التليفزيون يوضح أن الموضوع ليس له علاقة بمسلم أو مسيحي أو يهودي أو حتى ملحد إنما يركز ويسلط الضوء على أن لكل شخص حريته ومعتقداته الشخصية التي يؤمن بها لحين محاسبته يوم القيامة".
وتابع: "الرئيس فرد في منظومة كاملة يحاول أن يغير الصورة النمطية عن الإسلام تحديدًا بالنسبة لأوروبا ودول الغرب، فجميعنا نشاهد ما يحدث لأي شخص مسلم عندما يقرر السفر إلى أي دولة غربية ويتم اتخاذ كافة الإجراءات الأمنية القوية معه بسبب الأفكار المتشددة التي روجها تنظيم القاعدة وما أعقبها من حادث 11 سبتمبر الإرهابي، وكذلك الأفكار المتعصبة التي يروج لها داعش والذين يدعون رفع راية الإسلام وهو ما يرفضه رئيس الجمهورية"، بحسب قوله.
واستطرد: "أتمنى من المؤسسات الدينية في مصر على غرار الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف أن يستجيبوا ويطبقوا كلام رئيس الجمهورية ويدعوا للتسامح مع أصحاب المعتقدات الأخرى غير الإسلام حفاظًا على النسيج المجتمعي والتعايش مع الآخر ولا نريد أن نرى الدعوات التي ظهرت من قبل لقتل المرتدين، وما حدث للشيخ حسن شحاته معتنق المذهب الشيعي الذي تعرض للقتل. كل ما نريده كملحدين في مصر هو تحقيق دولة المواطنة ليس أكثر ولا أقل، ويجب أن نرى أوروبا التي تقدمت عنا بآلاف السنوات بعد الثورة الصناعية وبعد أن تخلصت من فكرة السيطرة الدينية للكنيسة في الغرب على السياسة في عصور الاضمحلال والتخلف".
واختتم إسماعيل حديثه، قائلا: "بكيت من حديث السيسي عندما أشار إلى أن الناس ليسوا موكلين بقتل الملحدين أو أصحاب المعتقدات الأخرى حتى يتعرضوا لعذاب آخر على الأرض بغض النظر عن عذاب يوم القيامة".
من جانبه، رأى الدكتور سالم عبد الجليل، وكيل وزارة الأوقاف السابق، أن "خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي في ليلة القدر يعبر عن رأي ديني وسطي وحكم شرعي وسطي يتسم بالحس الوطني المدرك لطبيعة الأشياء واختلاف الناس وفقا لآيات الذكر الحكيم «من شاء فاليؤمن ومن شاء فليكفر».
وأضاف وكيل وزارة الأوقاف السابق، في تصريحات خاصة لـ«الشروق»: "دورنا كعلماء دين مجادلة هؤلاء بالتي هي أحسن وألا نتركهم لأهوائهم حتى لا يكون لهم حجة أمام الله سبحانه وتعالى يوم الحساب، ومحاولة إقناعهم بوجود حساب وثواب وعقاب في الدنيا والآخرة لمحو الصورة الذهنية المرتبطة بهم والمتعلقة بعدم وجود إله لا سمح الله".
وناشد عبد الجليل أناشد الأزهر الشريف، أن "يلتفت إلى تلك الظاهرة «الإلحاد»، وينظر لها بعين الاعتبار حتى يكمل واجبه كمؤسسة دينية عريقة أمام الله والمجتمع والمواطنين في مصر".