- المخرج عصام السيد: اختفاء القطاع الخاص وقلة الأجور جعلت النجوم يهربون من القطاع العام
- المخرج أحمد فؤاد: لدينا إنتاج مسرحي غزير ومتنوع.. الأزمة في ضعف الدعاية والإعلان
- المخرج وليد طلعت: التجارب الجيدة تجذب النجوم على خوضها بأجور رمزية أو إهداء منهم
- مصممة الديكور والأزياء نهاد السيد: نتفادى قلة الإنتاج بإعادة تدوير الخامات وفق متطلبات العملية الإبداعية وآلياتها
على الرغم من أن المسرح المصري شهد في الفترة الأخيرة إقبالًا عليه سواء مسرح الدولة أو المستقل والخاص والجامعي، إلا أن أزمة الإنتاج المسرحي ما زالت تلاحق صُنّاعه.
البعض يرى أن لدينا أزمة بسبب قلة الإنتاج، بينما يرى آخرون أن هناك عوامل أخرى. "الشروق" التقت بعض المتخصصين من صُنّاع العملية المسرحية لتسألهم: هل قلة الإنتاج المسرحي في مصر في الفترة الأخيرة تؤثر على صُنّاعه وعلى العملية المسرحية؟
قال المخرج عصام السيد: "قلة الإنتاج لها أسباب كثيرة، منها اختفاء القطاع الخاص لأن هناك مسارح كثيرة تم غلقها مثل مسرح الجلاء ومسرح رمسيس ومسرح الغرفة التجارية ومسرح نيو أوبرا، ومسرح الليسيه ثم أُعيد فتحه، وكان تأثير ذلك أن المسارح المتاحة أصبحت باهظة الثمن في قيمة إيجارها، والمنتج مضطر لتعويض الفرق من المشاهد، فتصبح تذكرة العرض باهظة الثمن، أيضًا قلة السياحة العربية التي كانت زبونًا دائمًا لمسرح القطاع الخاص، ففي وقت من الأوقات كان لدينا ١٦ عرضًا للقطاع الخاص في موسم واحد".
وأضاف السيد: "موسم الرياض يتعامل مع السوبر ستارز ودول لم يكونوا في الأصل يشتغلون في مسرح القطاع العام، لكن قلة الدعاية وقلة الأجور بعد تعويمين كبار كانت سببًا رئيسيًا في هروب العديد من النجوم من مسرح القطاع العام، بالإضافة إلى الروتين الشديد في تحضيرات العروض وصرف الميزانيات والأجور".
وتابع عصام السيد: "هناك اتجاه جديد بدأ يظهر في فرق شابة تصنع عروضًا منخفضة التكاليف وأحيانًا بدون نجوم وتحقق نجاحًا جماهيريًا، وهذا الاتجاه في تزايد، وهذه الفرق تعرض عدة ليالي وكاملة العدد أغلب الوقت".
ويرى المخرج أحمد فؤاد أن المسرح المصري لا يُعاني تمامًا من ضعف الإنتاج المسرحي، وأن لديه إنتاجًا مسرحيًا غزيرًا جدًا ومتنوعًا ما بين قطاع المسرح في الدولة وقصور الثقافة والمهرجانات الفنية المسرحية، ومنها القومي والتجريبي وشرم الشيخ للشباب والمنيا ومهرجانات المعهد العالي للفنون المسرحية. وأن الأزمة الحقيقية من وجهة نظره أن هذه العروض والمهرجانات لا يتم تغطيتها بالشكل الكافي، بمعنى أن الأزمة في كيفية توصيل المنتج للمتلقي، وتكمن في ضعف الدعاية والإعلان.
وتابع فؤاد: "البعض يحاول أن يتخطى هذه الأزمة، فمع الوقت تتكون علاقة ثقة بين صُنّاع التجارب المسرحية والجمهور، فيذهبون لعروضهم من خلفيتهم السابقة عنهم وليس بسبب الدعاية الخاصة بالعمل. ونحن على مستوى الوطن العربي أكثر دولة تنتج مسرحًا متنوعًا، والقطاعات المختلفة ما بين الدولة والمستقل والهواة والجامعة والخاص تستقطب الجمهور. وفي السنوات الأخيرة أصبح لدينا جمهور عادي غير متخصص يتوافد بشدة على العروض المسرحية، ولكن تظل الأزمة في فكرة تصدير أزمة الإنتاج طوال الوقت دون حل المشكلة الأساسية من وجهة نظري، وهي الدعاية".
وعن فكرة تأثير الإنتاج المسرحي المصري بروافد جديدة خارج مصر، قال: "أرى أن كل رافد جديد داخل أو خارج مصر مفيد للعملية الإنتاجية، بداية من تجربة 'مسرح مصر' والتي أراها من وجهة نظري 'نوّر على المسرح'، جذب شرائح مجتمعية وفكرية مختلفة للمسرح، وجعل بعضهم يبحثون عن العروض المسرحية. وفكرة تواجد أعمال خارج مصر في الدول العربية أو الأجنبية بنجوم مصريين كان انعكاسه أنه رفع سعر سوق العمل المسرحي، وهذا حمس الكثير من المنتجين لتقديم مسرح خاص في مصر بتركيبة إنتاجية مختلفة، وأن نستقطب الجمهور، ونقدم لهم أعمالًا جديدة ومختلفة طوال الوقت. مصر قادرة على تحقيق ذلك بصُنّاعها، الفكرة تكمن فقط في الإرادة والرغبة والمجازفة المحسومة بوعي الجمهور الذي لم يخذل أبدًا تجربة تستحق المشاهدة".
كذلك قال المخرج وليد طلعت: "لدينا قلة في الإنتاج المسرحي الخاص في مصر، لأن طوال الوقت مسرح الدولة بكل أفرعه ومنافذه يقدم دوره على أكمل وجه، ويقدم عروضًا مختلفة ويُقبل عليها الجمهور، على كلٍ، المسارح القومية والكوميدية والشباب وقصور الثقافة استطاعت عروضها أن تنافس في مهرجانات كبيرة ومهمة مثل المهرجان القومي والتجريبي والمهرجان العربي قريبًا في يناير 2026. ولكن في مصر قديمًا كان هناك أكثر من فرقة مسرحية خاصة، وكان المسرح الخاص متواجدًا بقوة بنجوم كبار منهم: عبدالمنعم مدبولي، فؤاد المهندس، عادل إمام، محمد صبحي، سمير غانم، محمد نجم، جلال الشرقاوي، السيد راضي، نجاح الموجي، يونس شلبي، سعيد صالح، سيد زيان وغيرهم من النجوم. أتذكر أنني حضرت في مهرجان المسرح للجميع مسرحية 'لعبة الست' وكانت التذكرة وقتها بعشرة جنيهات فقط. في السنوات الأخيرة حاول بعض المنتجين تقديم بعض التجارب ومنها تجربة 'كايرو شو' للمنتج والمخرج مجدي الهواري، والمؤلف والمنتج أحمد الأبياري قدم أيضًا العديد من التجارب الناجحة مع كبار النجوم وقدم في السنوات الأخيرة تجربة خاصة، ولكن روح المسرح الخاص واستمراره لم يعد متواجدًا بالتأكيد بسبب عدم وجود منتجين مغامرين يرغبون في خوض هذه التجارب".
وتابع طلعت: "نستطيع أن نتغلب على فكرة ضعف الإنتاج بأن نقدم تجارب تجذب النجوم ويوافقوا على خوضها بأجر رمزي مقارنة بأجورهم، وبعضهم يوافق على خوضها إهداءً للعمل. التجربة المميزة تجذب عناصرها والجمهور إليها، والفكرة في أن يُقدّم صُنّاع العمل تجربة برؤية واضحة مختلفة وجاذبة للفنان والجمهور".
فيما قالت مصممة الديكور والأزياء نهاد السيد: "من الممكن أن نتفادى قلة الإنتاج المسرحي في مصر من خلال الفكر والتوظيف الجيد واستخدام بدائل الخامات، أو ما يُطلق عليه إعادة تدوير الخامة وفق متطلبات العملية الإبداعية وآلياتها، وكذلك كما يتراءى للمبدع، ومن ثم أرى أنه في ذلك الوضع قد يؤثر قلة الإنتاج المسرحي في مصر في الفترة الأخيرة على الحركة الفنية بالفعل ولكن على النحو الأمثل والأفضل".
وأضافت نهاد: "موسم الرياض قد يكون أثر بالفعل على الحركة الفنية بشكل عام والمسرحية بشكل خاص، نظرًا لضآلة الأجور الخاصة بالفنانين والفنيين والعاملين داخل مصر في مقابل بزخ إنتاجي كبير وضخم في جميع المستويات، مما يجعل الجميع يذهب إلى موسم الرياض رغم أنفهم نظرًا لمتطلبات الحياة والمعيشة التي تجبر الجميع على النظر إلى المادة".