«الطريق إلى الحرب»: كتاب إسرائيلي جديد عن حرب أكتوبر - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 12:05 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إسرائيل رفضت مبادرة السلام التي عرضها السادات في فبراير 1973 وفضلت الدخول في الحرب

«الطريق إلى الحرب»: كتاب إسرائيلي جديد عن حرب أكتوبر

«الطريق إلى الحرب» كتاب يجأل كيفنيس عن حرب أكتوبر
«الطريق إلى الحرب» كتاب يجأل كيفنيس عن حرب أكتوبر
محمد حامد
نشر في: الجمعة 21 سبتمبر 2012 - 2:45 ص | آخر تحديث: الجمعة 21 سبتمبر 2012 - 2:45 ص

"لن نقبل ذلك" هذه الجملة قالتها جولدا مائير- رئيسة وزراء إسرائيل، لهنري كيسينجر- مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن القومي، حين توسل إليها أن تقبل مبادرة السلام التي عرضها الرئيس المصري الراحل أنور السادات، في الـ28 من فبراير عام 1973, أي قبل نشوب الحرب بثمانية أشهر. ولكن مع وصول الأنباء عن نشوب حرب السادس من أكتوبر كان كلام جولدا مائير مختلفًا، إذ قالت "هذا ما ينقصني".

 

 

بهذه القطعة يفتتح "يجأل كيفنيس" كتابه عن حرب أكتوبر، الذي صدر هذا الأسبوع بمناسبة حلول ذكرى حرب أكتوبر, ويحمل عنوان "الطريق إلى الحرب". ويتناول الكتاب الأخطاء التي ارتكبتها القيادة السياسية الإسرائيلية في تلك الفترة وأدت إلى هزيمة إسرائيل في الحرب. فإذا كانت الحرب قد فاجأت الجيش الإسرائيلي كما يقول المؤلف, فإنها لم تفاجئ القيادة السياسية, إذ تابع كل من جولدا مائير- رئيسة الحكومة، ووزير الدفاع موشيه ديان، والوزير بلا وزارة يسرائيل هجاليلي مبادرة السلام السرية التي طرحها السادات في واشنطن, ولم يكن لدى الثلاثة سوى أمل واحد هو أن تختفي تلك المبادرة. ويركز الكتاب على مبادرة السلام المصرية السرية التي طرحها حافظ إسماعيل- مبعوث الرئيس السادات، على هنري كيسنجر في فبراير 1973.

 

 

جولدا مائير اعتبرت المبادرة مناورة خادعة لإلهاء إسرائيل عن الحرب

 

نشرت المعلومات الأولى عن تلك المبادرة في يوم الجمعة الموافق 16 من أكتوبر 1973, وقد نشرها الصحفي الإسرائيلي يوسف حاريف، في عموده السياسي بصحيفة معاريف, حيث تحدث عن مكالمة هاتفية طويلة وقاسية بين رئيسة الحكومة جولدا مائير وإسحاق رابين، الذي أنهى في ذلك الوقت عمله كسفير لإسرائيل في الولايات المتحدة. حاول رابين -كما يروي حاريف- إقناع جولدا بأن مبادرة السلام المصرية الجديدة هي فكرة تستوجب بحثًا جديًا. وردد على مسامعها كلام هنري كيسينجر- مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون الأمن القومي، بأن المبادرة المصرية تضم أمورًا جديدة ومهمة, وأن على إسرائيل أن تدرسها بجدية. ولكن جولدا رفضت بشدة وقاطعت رابين، قائلة إنها لا تضم أي شيئ جديد, والسفير الذي سيحل مكانك سيهتم بأن يخفي الأمريكيون هذه الأفكار غير المقبولة. إنها مناورة سياسية من جانب المصرين لإلهائنا عن مخاطر الحرب.

 

 

وفي اليوم التالي امتلأت الصفحات الأولى في الصحف بتفاصيل عن المبادرة المصرية, وعن المناوشات بين رئيسة الحكومة والسفير السابق في الولايات المتحدة. وتحدث المعلقون السياسيون عن إمكانية أن تفسد هذه المناوشات فرص رابين في دخول الحكومة بعد إجراء الانتخابات في شهر أكتوبر.

 

 

مبادرة السادات كانت تقبل بوجود إسرائيلي لفترة محدودة في شرم الشيخ

 

كان موضوع المبادرة معروفًا لدى الإسرائيليين في ذلك الوقت, لكنهم كانوا يجهلون تفاصيلها والطريقة التي تعاملت بها القيادة السياسية الإسرائيلية معها, وهو ما يكشف عنه الكتاب. تقوم المبادرة على فتح قناة للتفاوض بين مصر وإسرائيل بواسطة الولايات المتحدة, وأن تنسحب إسرائيل من قناة السويس وتعترف بسيادة مصر على كل سيناء, وأن تقبل مصر بتسويات أمنية, وعلى ما يبدو وافقت مصر على وجود إسرائيلي لفترة محدودة في شرم الشيخ وفي أماكن أخرى, وأخيرًا الإعلان عن "حالة السلام" بين الدولتين التي ستتحول إلى سلام كامل عندما توقع إسرائيل على اتفاقيات مع الدول العربية الأخرى.

 

 

ومن المهم في تفاصيل المبادرة المصرية، أن حافظ إسماعيل حدد موعدًا ينبغي التوصل قبله إلى تفاصيل التسوية الشاملة، وهو سبتمبر 1973. وقد اتضح فيما بعد أهمية هذا الموعد, إذ كان جزءًا من محاولة السادات تحريك المسار السياسي الذي سيعيد له سيناء فإذا لم يكن بالطرق السلمية كانت الحرب.

 

 

ويقتبس مؤلف الكتاب من عدد من الوثائق لكي يثبت بما لا يدع مجالاً للشك بأن جولدا مائير كانت مقتنعة بأن المقصود مناورة سياسية خادعة من قبل المصريين، وغطاء لاستعداداتهم للحرب. وكانت جولدا تخاف من حرب يموت فيها آلاف اليهود, فقد اعترفت في مقابلة مع صحفي أمريكي في ذلك الوقت، بأن اليهود يعانون من "عقدة معسكر أوشفيتس" ومن عقدة مذابح روسيا.

 

 

جولدا مائير أخفت مبادرة السلام عن الوزراء والاستخبارات من أجل استمرار الوضع

 

وحتى لا تؤدي المبادرة إلى تسويات سلمية تعرض سياسة الوضع الراهن للخطر ولكي لا يكون لهذه المبادرة تأثير على الانتخابات الإسرائيلية, فقد عملت جولدا في جبهتين: الأولى الضغط على الإدارة الأمريكية حتى لا تسرع بدفع تلك القناة الجديدة التي اقترحها السادات، وهو الموقف الذي تبناه كيسنجر ونيكسون لسبب ما, والثانية هي محاولة تقليل عدد من يعرفون بأمر هذه المبادرة. وبالفعل أطلعت جولدا وزيرين في حكومتها على تفاصيل المبادرة، هما وزير الدفاع موشيه ديان، والوزير بلا وزارة يسرائيل جاليلي, ولم تطلع وزير الخارجية أبا إيفين أو رئيس الأركان أو رئيس شعبة الاستخبارات في الجيش إيلي زعيرا أو رئيس الموساد تسفي زامير. والأخيران فوجئا عندما عرض عليهما مؤلف الكتاب الوثائق التي تتحدث عن اتصالات بشأن المبادرة, وأقرا بأنهما لم يضطلعا عليها من قبل.

 

 

لقد اتضح بالنسبة للإسرائيليين فيما بعد، أن السادات فضل في عام 1973 مسار السلام حتى يستعيد السيادة الكاملة على سيناء, ولكن بعد أن وصل هذا المسار إلى طريق مسدود بسبب الرفض الإسرائيلي, وتجنب نيكسون وكيسنجر ممارسة الضغط على إسرائيل, فقد اتجه السادات إلى مسار الحرب؛ حيث حقق رؤيته ولكن بثمن باهظ بالنسبة للإسرائيليين, فقد استعاد السيادة على سيناء وحدث السلام بين الدولتين.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك