نظمت وزارة الدولة للإعلام، مؤتمرا حول مستقبل الإعلام، بهدف عرض التوجهات الإعلامية العالمية فى تطورات الإعلام وارتباطها بالتطور في التكنولوجيا الحديثة، ووضع تصور للإعلام محليًا وَدَوْلِيًّا في ظل التحولات الذكية في صناعة الإعلام.
أدار الجلسة الأولى الإعلامية المصرية سمر نجيدة، وتضمنت كلمات لكل من الصحفية الأمريكية والمراسلة الأمريكية جوديث ميلر، والصحفية ومسئولة تحرير الإندبندنت العربية في مكتب القاهرة منى مدكور، والأستاذ المساعد ونائب رئيس قسم الصحافة والإعلام بكلية الشئون الدولية والسياسات العامة بالجامعة الأمريكية رشا علام، والصحفية والنائبة بمجلس النواب اللبناني نيلا تويني، ومؤسس موقع "كوريا ريسك" في الولايات المتحدة الأمريكية تشاد كورال.
بدأت جودث ميلر كلمتها باستعراض التغير الذي طرأ على حال الصحافة في الولايات المتحدة الأمريكية من حيث اختفاء ربع الجرائد الورقية، ومن يعملون بها؛ نظرا لاستبدالهم بواسطة مواقع التواصل الاجتماعي الأمر الذي كانت له مزايا وعيوب.
تابعت ميلر أن مواقع التواصل الاجتماعي أظهرت أصواتا لم يكن لها أن تظهر بدون تلك المواقع، ولكنها أدت على جانب آخر إلى تهميش وقتل الكثير من الصحف اليومية وتخفيض أرباحها كما أنها أدت إلى تغيير كلي وجذري في نموذج العمل المعتاد، أي أن الإنترنت أدى إلى تدمير الإعلام التقليدي.
وأوصت "ميلر" بتوحيد الإرشادات والقواعد المهنية على كل من الإعلام التقليدي والجديد، كما أوصت باستمرار مواقع التواصل الاجتماعي الرئيسية في التحكم في المحتوى المنشور كنوع من أنواع تحمل المسئولية عما ينشر.
ثم بدأت منى مدكور حديثها بالتأكيد على أن مصر لازالت على درب الخطوات الأولى للدمج ما بين التكنولوجيا الحديثة والصحافة التقليدية، مشيرة إلى أن استخدام المنصات الجديدة كوسائل التواصل الاجتماعي يساعد على تفاعل الجمهور مع الخبر أو القصة وأن ذلك شكل من الدمج بين الإعلام التقليدي والأدوات الجديدة للإعلام.
وأشارت مدكور إلى أن العوامل المادية ليست هي أكبر عائق أمام الصحافة المصرية، حيث إن العنصر البشري هو حجر الأساس في العملية الإعلامية وأن الصحفي يجب أن يطور أدواته ويواكب التطور عالميا.
وأوصت منى مدكور، في سياق محاولة الدمج تلك، بالاهتمام بأمانة الكلمة والتوازن في تقديم المعلومات ونزع عباءة الآراء الشخصية بهدف كسب ثقة الجمهور، فضلاً عن ضرورة تدريب الصحفيين العاملين بمجال الإعلام بشكل يخدم المحتوى الإعلامي ليقدم بشكل أكثر جاذبية.
وركزت رشا علام على تأثير استخدام الذكاء الاصطناعي على الإعلام، وأكدت أن هناك نماذج محدوودة في بعض البلدان يشارك فيها الروبوت كمذيع إخباري وكذلك كتابة الخبر الصحفي في بعض الصحف، ولكن هذا لا يعني الاستغناء عن العامل البشري حيث أن إدارة الذكاء الاصطناعي يحتاج لفنيين وصحفيين لصناعة المحتوى.
وتوقعت "علام" أنه قد تحل قوالب إعلامية جديدة مؤثرة على أنماط الاستهلاك وهو الأمر الذي يعتمد على مدى توافر الإماكانيات.
وأكدت رشا أننا مازلنا نخطو خطواتنا الأولى فيما يتعلق بالدمج بين الروبوتات والشكل التقليدي للصحافة والإعلام.
وطرحت رشا علام فكرة صحافة الحلول والصحافة البنائية والتي تعتمد على أن يكون للإعلامي والصحفي دور توعوي، وكذلك طرح الأمور السلبية والإيجابية بتوازن وطرح المشكلات بهدف إيجاد واقتراح حلول لها بشكل تشاركي مع الجمهور وهو الأمر الذي يمكن الاستفادة منه من خلال استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.
وأوضحت رشا فيما يخص دخول الإعلام والصحافة لنظام يعتمد على فكرة تقديم اشتراكات، أن ذلك يعتمد على القيمة التي ستيضفها المنصة الإعلامية أو الصحفية ليدفع المتابع أو القارئ للاشتراك والمتابعة. وأشارت إلى إمكانية استخدام التطبيقات مع الإعلام التقليدي بشكل تشاركي حيث يمكن المشاركة مع التطبيقات التي تقدم محتوى فني لتقديم الأخبار التي تتناسب مع الجمهور المتابع لها.
ودارت كلمة نيلا تويني حول شرح تجربة جريدة النهار في مواكبة التحول الرقمي والتكنولوجيا؛ فقالت إنه رغم أن تأسيس جريدة النهار تم عام 1933، إلا أنها أخذت تتطور مع كل تطور إعلامي وصحافي، بدءاً من الملاحق الثقافية والفنية والرياضية والاقتصادية وصولاً لنزول نسخة إلكترونية للقارئ على الموقع الرسمي لها.
أوضحت تويني أنه كانت هناك صعوبات واقفة أمام التحول الرقمي لجريدة النهار منها عدم تعود الصحفيين على تلك الطريقة في العمل وضرورة مواكبتهم للسرعة المطلوبة في التعامل مع الأخبار والمحتوى بشكل عام إلكترونياً ووجوب التحقق من المحتوى قبل نشره في الوقت نفسه، ولكن التحول المتدرج نحو مواكبة الجريدة للتطور التكنولوجي هو ما أنجح التجربة إلى أن أصبح دور الجريدة مكملاً للجهد الإلكتروني.
ثم تحدثت نادية البلبيسي مراسل قناة العربية بواشنطن، وأكدت أن وسائل التواصل الاجتماعي تمثل تحدياً للإعلام المرئي والمكتوب لكن المرئي بشكل أكبر؛ فالإعلام التقليدي والمرئي اضطر أن يواكب الإعلام الجديد، حيث إن غالبية النشرات الإخبارية تنقل عن طريق تويتر، تلخيص ما يقوله الضيوف ع الهواء على تويتر.
أكدت البلبيسي أن التليفزيون لن ينقرض في فترة قصيرة ولكن يجب أن تحدث مواكبة للتطور الإعلامي الحادث، ولكنها أشارت إلى أن هذا التوجه أدى إلى البعد عن الموضوعات العميقة والمهمة وهو التحدي القادم الذي يجب أن تتم مواجهته.
أشار تشاد أوكارول في كلمته إن المنظمات الإعلامية الناشئة غير قادرة على مجاراة المنظمات الموجودة بالفعل في مجال تغطية الأخبار العامة، وبالتالي يجب أن تركز على فكرة التخصص، وأضاف أن هناك ارتفاع متواصل في عدد المؤسسات الإعلامية القائمة على فكرة التخصص في موضوعات أو مناطق بعينها.
ذكر أيضاً أننا بدأنا نشهد تحولا من الإعلام الذي يحاول أن يتعامل ويجاوب على كل الأسئلة وكل الموضوعات إلى إعلام يركز بشكل أكبر ويخصص عدد ساعات لموضوع بعينه. وإلى أن النمط الإعلامي القائم على فكرة التخصص يرتبط عادة بوجود رسوم معينة للحصول على منتج إعلامي متميز، وقد برر فكرة وجود اشتراك مادي للنفاذ للمؤسسات الإعلامية الناشئة يحررها من ضغوط الممولين والمعلنين.