يوميات مرشد سياحى فى انتظار «الفرج»: هتفنا للعيش.. و«دلوقت مش لاقى لقمة» - بوابة الشروق
الثلاثاء 1 يوليه 2025 2:41 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

من أفضل فريق عربي في دور المجموعات بمونديال الأندية؟

يوميات مرشد سياحى فى انتظار «الفرج»: هتفنا للعيش.. و«دلوقت مش لاقى لقمة»

غادة على
نشر في: الثلاثاء 24 يناير 2012 - 9:00 ص | آخر تحديث: الثلاثاء 24 يناير 2012 - 9:00 ص

ثلاثة أشهر من العمل المتواصل لم تتضمن إجازات، سجلها محمد على خلف، المرشد السياحى، على أجندة العمل، خلال مارس وأبريل ومايو، لكن الحال انتهى به فى منزله، ينظر بندم إلى طفله وزوجته، «لأننى بهدلتهم معايا».

 

الأمل كان فى ميدان التحرير: «لما هتفنا عيش، ما بقتش لاقى أكل وما عرفتش أجيب لابنى لبس العيد، وبقيت أوفر فلوس كشف الدكتور».

 

 تمر ذكريات يناير الدموية على ذهن محمد، والذى كان أحد الشهود عليها، حين كان عائدا من رحلة سياحية مع أسرة كانت تزور الأهرامات ومنطقتى سقارة وممفيس: «شاهدت بعينى عنف الشرطة، حين كنت مارا عبر شارع الهرم، والذى تحول إلى ساحة قتال ضد المتظاهرين السلميين.. الشارع كان محجوبا تحت ستار من ضباب الغاز لمسيل للدموع.. والحجارة كانت متناثرة على الطريق».. يقول محمد: «حسيت وقتها إنى فى فلسطين.. وكنت معزولا عن العالم، ما فيش شبكة (هاتف)، ومعايا سياح».

 

ويعيد محمد تدهور قطاع السياحة إلى أربعة أسباب: «ناس تسلقت على الثورة، مسئولين لا يعرفون الرحمة، وفوضى أمنية بفعل فاعل، وتصريحات باسم الدين غير مسئولة».

 

محمد واحد من مئات المرشدين السياحيين، الذين عاشوا على الأمل طوال عام: «مرة فى انتظار تعويضات الوزارة التى لم تظهر حتى الآن.. ومرات فى انتظار موسم السياحة الشتوى، الذى قضت عليه ثلاثة مواقع قتالية بين الجيش والشعب، وهى أحداث ماسبيرو، أحداث محمد محمود، وأحداث مجلس الوزراء.

 

سافر مع صديقه المرشد السياحى، يوسف إلى الأقصر، للبحث عن فرصة عمل فى الصعيد العامر بالأماكن السياحية.. نزل الشابان فى فندق صغير يملكه أحد أصدقائهما، واتفقا معه: «لو كسبنا فلوس هندفع حق المبيت»، لم تمر سوى ساعات قليلة من الراحة، واستيقظ محمد وصديقه على فاجعة ماسبيرو: «منتهى الحرية.. قتلوا المسيحيين عشان طالبوا بحقوقهم.. كل ما تمناه الثوار حدث عكسه.. ولحد دلوقت لسه أنا ويوسف علينا فلوس لصاحب الفندق».

 

كل صباح يبحث محمد على الإنترنت عن أخبار للسياحة أو قرار التعويضات، بعد أن أصبح لا يغادر المنزل نهائيا، تطالعه تصريحات المسئولين «العائمة» عن التعويضات، وضياع مظلمة مئات من المرشدين بين أروقة وزارتى المالية،

 

والسياحة، والنقابة التى لم تساند حقوقهم، ونقيبها (السابق) محمد غريب «اللى سابنا نخبط راسنا فى الحيط».

 

وزارة السياحة لم تستعد أبدا للأزمات، بالرغم من إن قطاع السياحة الذى يعتبر من أهم مصادر الدخل الحيوية لمصر، وهو أيضا أكثر القطاعات التى تتأثر بالأحداث خاصة الأمنية، لا يوجد صندوق كوارث: «كان ممكن ينقذنى أنا وبقية المرشدين»، وهذا يعنى بالنسبة لمحمد، إن «النظام القديم عمره ما عمل حساب للشعب الغلبان».

 

حتى بعد الثورة ظلت الأحوال كما هى لم يتحرك ساكن فى أى مكان: «ولقمة عيشنا ضاعت فى مطحنة روتين الحكومة».

 

مع ظهور التيارات الدينية بقوة فى الشارع المصرى، دق ناقوس الخطر فى قلوب المرشدين السياحيين، خوفا على مجالهم من الاندثار، فى ظل التصريحات غير المسئولة التى يطلقها بعضهم. «تصريحاتهم قسمت ظهورنا وضيعت كرامتنا». انفعال شديد يظهر فى لهجة محمد،: «الجاهل اللى مش عارف المرشد السياحى، أرجوك لا تطعن فيه بجهلك».

 

لا يدرى أحد من هؤلاء المعاناة الحقيقية للعامل باليومية «إحنا أرزقية على باب الله»، يعتبر محمد نفسه أفضل حالا من غيره.

 

نظر محمد إلى الأرض سارحا، قبل أن يقول «هى دى العدالة الاجتماعية»، بعت سيارتى، واشتريت أخرى صغيرة مستعملة لترشيد النفقات «وأبويا هو اللى بيأكلنى أنا ومراتى وابنى».

 

إحساس بالحسرة وألم ظهر فى صوت محمد، بعد أن روجت الثورة لمصر بشكل مشرف، «خسرنا دعاية بمليون جنيه خصوصا لميدان التحرير».

 

 كل هذا ذهب مع طلقة عسكرية طائشة، مع إصرارهم على سحل المتظاهرين فى الميدان بشكل مستمر، ومدرعة دهست المتظاهرين.

 

المشاركة فى الثورة بالنسبة لمحمد كانت طوق النجاة للتخلص من «الفساد اللى كان مغرق البلد»، الذى كان ينفث عنه محمد وزملاء مهنته على صفحة خاصة عبر موقع فيس بوك، هى «يوميات مرشد سياحى»، بحكايات كوميدية ساخرة.

 

شهر ديسمبر 2010 ظهرت صفحات على فيس بوك تدعو إلى اعتصام، من أجل عشرة مطالب أولها التحقيق فى أى اعتداء على كرامة أو عمل المرشد السياحى أثناء عمله من قبل أى مسئول فى قطاع السياحة أو الشرطة، وثانيا تثبيت يومية المرشد السياحى، وثالثا التأمين على المرشد السياحى أثناء عمله.

 

«علشان كده روحنا التحرير»، يتذكر محمد وقوفه فى ميدان التحرير خلال 18 يوما، «اتمنيت الدنيا تتعدل، وتقريبا محتاجين ثورة».  



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك