تحل اليوم -23 يونيو- ذكرى رحيل المخرج المصري عاطف الطيب، الذي كانت رحلته السينمائية قصيرة المدة غزيرة الإنتاج والإبداع، تلك الرحلة التي عاشها الطيب ببساطة مع أسرته فى حى بولاق الدكرور، ثم التحق بالمعهد العالي للسينما وتخرج منه عام 1970، عمل مساعد مخرج مع عدد من المخرجين المصريين والأجانب، حتى عام 1982 ليخرج أول أفلامه "الغيرة القاتلة".

ومن 1982 إلى 1995 قدم فارس الواقعية للسينما أكثر من 20 فيلمًا تعاون فيهم مع كثير من النجوم على رأسهم نور الشريف وأحمد زكي، في أفلام مثل ضد الحكومة والهروب وسواق الأتوبيس والزمار، ليضع الطيب 3 أفلام ضمن أفضل 100 فيلم مصري.

كان عاطف الطيب مخرجاً مميزاً بشهادة النقاد وجمهوره المحب للأفلام التي أخرجها من قصصهم وقدمها لهم حتى لقب بـ«مخرج الغلابة»، وتمتع أبطال أفلامه بسمات خاصة، جعلت لمن أداها على الشاشة بصمة خاصة، وقد أظهرت شخصياته قدرات ومواهب فنانين قد تم حصرهم في نمط معين من الأدوار، قبل أن يعملوا مع الطيب، ونرصد في السطور التالية بعض منهم..

- مديحة كامل

جسدت مديحة كامل شخصية موظفة بسيطة، تعيش في غرفة فقيرة بجوار المقابر، ولعبت دور فتاة تسمى "مديحة" في فيلم "ملف في الآداب"، تعمل في أحد الشركات وتتعرض للقهر، نتيجة لاستغلال أحد الأفراد القانون لظلم الآخرين، فتجد نفسها في قفص الاتهام ولديها ملف في شرطة الآداب بتهمة ممارسة أعمال مخلة بالشرف.

والفيلم اجتماعي يناقش قضية هامة في المجتمع المصري، وهي الوصم الاجتماعي، ونظرة الناس للفتاة التي تدخل السجن بتهمة مخلة بالشرف، حتى وإن برأتها العدالة فيما بعد.

ويوضح المصور سعيد شيمي في كتابه "أفلامي مع عاطف الطيب" الفكرة الأساسية للعمل بشكل أوضح قائلاً: "كان عاطف الطيب محب للأعمال التي تكشف عن مشاكل قهر الإنسان واضطهاده، ومن خلال هذا الفيلم يتحدث عن تطبيق القانون بدون روح العدالة أو باستغلال الإنسان البسيط".

وكانت شخصية "مديحة" غير مألوفة على الفنانة الراحلة، حيث اعتادت تقديم أدوار خفيفة بين الكوميديا أو الإغراء، ولكن عاطف الطيب اعتاد تغيير جلد الممثلين العاملين معه، فظهرت كفتاة بسيطة من الطبقة التي تعاني داخل المجتمع المصري.

- صلاح السعدني

أما الفنان صلاح السعدني فقد اشتهر في أغلب أدواره بتقديم الجانب الإنساني أو التعبير عن الأخلاق أو العدل، وغيرهام من القيم، والتي ظهرت في شخصية وكيل النيابة في فيلم "الغول" على سبيل المثال، أو شخص سلبي مثل "أبنائي الأعزاء شكراً"، وقد قدم أدواراً قليلة كان يمثل فيها جانب الشر أو الشخصية غير السوية، ومن هذه القلة كانت مشاركته في فيلم "ملف في الآداب".

حيث جسد دور ضابط في شرطة الآداب، ولكنه منعدم الضمير، ويتسبب بما فعل في ضياع مستقبل وتشويه سمعة مجموعة من الشباب والفتيات، ورغم حصولهم على براءة إلا أن المجتمع لا يزال ينظر لهم كمتهمين.

ويقول الناقد حسن حداد في مقال له عن الفيلم في مجلة هنا البحرين: "ومن المهم الإشارة الى أن عملية التلفيق والتجريم التي قام بها الضابط، والتي ركز عليها السيناريو في هذا الفيلم، تختلف اختلافاً كلياً عن الإضطهاد البوليسي من قمع وإرهاب وتعذيب، فالفيلم تطرق هنا إلى سوء استخدام القانون والذي يؤدي إلى التجريم، وهذا بالطبع أخطر بكثير من تصوير الإضطهاد البوليسي، حيث أن الفيلم يشير بإصبع الاتهام إلى النظام القانوني نفسه وليس إلى مجرد شريحة اجتماعية معارضة له".

- لبلبة

اشتهرت الفنانة لبلبة بكونها ممثلة استعراضية في بداية حياتها، ثم شاركت في العديد من أفلام الكوميديا مع نجوم مختلفين خاصة الفنان عادل إمام، وجاءت مشاركة لبلبة في فيلمها الأول مع الطيب الذي رشحها لدورها في فيلم "ضد الحكومة" بصورة مفاجئة للجميع.

وتلعب دور محامية تعويضات لديها الكثير من الصفات السيئة مثل الطمع والتلاعب بالقانون واستغلال الضحايا للحصول على أموال من خلفهم، وهي شخصية مختلفة تماماً عما قدمته لبلبة فيما سبق.

وبعد 3 سنوات اختار عاطف الطيب لبلبة مرة أخرى لدور البطولة في فيلم درامي أمام الفنان نور الشريف، وهو "ليلة ساخنة" والذي تجسد فيه دور فتاة ليلة من الطبقة الشعبية، تريد التوبة ولكنها تحتاج إلى المال.

وتدور أحداث الفيلم حول سيد سائق التاكسي الذي يسعى لتدبير 200 جنيه كمصاريف لإجراء عملية جراحية ضرورية لحماته التي تعتني بابنه الوحيد المعاق ذهنيًا، وفي نفس الليلة تحاول حورية العاهرة التائبة أن تدبر المبلغ اللازم لتنكيس المنزل الذي تعيش به ويلتقيان.