أسدل تقرير المدعى الأمريكى الخاص روبرت مولر، بشأن مزاعم التدخل الروسى فى انتخابات الرئاسة الأمريكية فى عام 2016 (أسدل) الستار على تلك الإشكالية التى أرقت البيت الأبيض على مدى عامين كاملين، حيث خلصت نتائج التقرير إلى عدم وجود دليل على التآمر مع روسيا للفوز بالانتخابات الأمريكية، وبموجب تلك النتيجة أعلنت وزارة العدل الأمريكية، فى رسالة بعثتها لقيادات الكونجرس ووسائل الإعلام، عن ملخص يتضمن نتائج التقرير، جاء فيه "أن مولر لم يجد دليلا على أن حملة ترامب تآمرت عن علم مع روسيا".

وروبرت مولر الذى يوصف بأنه شخص متكتم ومنهجي، هو أول محقق مستقل يغوص في قضية التدخل الروسي المحتمل في الانتخابات الأمريكية، وأجرى تحقيقا بالغ الحساسية في قضية تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، ومنذ تعيينه في مايو الماضى مدعيا خاصا في التحقيق حول تواطؤ محتمل بين مقربين من الرئيس دونالد ترمب وروسيا، لم يدل مولر (72 عاماً) بأي تصريح، وفضل العمل بتكتم مع فريق يضم 12 خبيرا قانونيا في مكاتب وسط واشنطن العاصمة، على مسافة غير بعيدة من البيت الأبيض.

تقرير مولر الذى جاء بأفضل مما توقع رودي جولياني محامى ترامب "بحسب قوله" منح ترامب صك البراءة، وعزز معركته القادمة وحملته الانتخابية المحتملة فى انتخابات الرئاسة الأمريكية 2020، شكل إحباطا لخصوم ترامب إذ لم يوجه اتهامات بوجود مؤامرة بين حملته الانتخابية وروسيا، ولم ينهي معركة شد الحبل بين الديمقراطيين والجمهوريين، حيث هدد الحزب الديمقراطى بمعركة قضائية للكشف عن محتويات التقرير رغم طابعه السرى، وعلت الأصوات مطالبة برفع السرية عن التقرير.

وطالب زعيما الديموقراطيين في الكونجرس، "رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، وزعيم الأقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر" بنشر تحقيق المدعي الخاص كاملا، معتبرين أن وزير العدل بيل بار الذي نشر خلاصة هذا التحقيق ليس مراقبا محايدا، حيث تشير سياسة وزارة العدل إلى أنه لا يمكن توجيه تهم جنائية لأي رئيس في السلطة.

وقالا، في بيان مشترك، إن "رسالة وزير العدل بار تطرح أسئلة بقدر ما تقدم أجوبة"، ولهذا فإنه "من الملح أن ينشر التقرير كاملا وكل الوثائق المتعلقة به"، مشيرين إلى أن مولر لم يبرئ الرئيس ترامب من تهمة عرقلة سير العدالة، وعلق رئيس اللجنة القضائية بمجلس النواب جيرولد نادلر، على نتائج التحقيق، قائلا "المحقق الخاص يشير إلى أنه إذا كان التقرير لا يستنتج أن الرئيس ارتكب جريمة، فإنه أيضا لم يبرئ ساحته".

من جانبه، اعتبر البيت الأبيض تقرير مولر "تبرئة شاملة وكاملة لترامب"، وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز، في بيان، "إن النائب العام لم يجد أي تواطؤ ولا أية عرقلة"، في إشارة إلى احتمال قيام تواطؤ بين فريق حملة ترامب الانتخابية وروسيا، وما إذا حدثت من قبل ترامب أي محاولة لعرقة عمل العدالة، وأضاف البيان "أن خلاصات وزارة العدل هي تبرئة كاملة وشاملة لرئيس الولايات المتحدة".

وعلى إثر ذلك جدد الكرملين، نفيه تدخل موسكو في الانتخابات الرئاسية الأمريكية بعد أن خلص تقرير المحقق الخاص روبرت مولر إلى عدم وجود دليل قاطع على مثل هذا التدخل، وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، إنه لم يطلع على التقرير، لكن "موقف روسيا المبدئي في هذا الشأن معروف تماما، وهو أنها لم تتدخل في الشئون الداخلية لدول أخرى، بما فيها الولايات المتحدة"، معربا عن استعداد موسكو تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة، لكنه أكد في الوقت نفسه، على أن "اتخاذ الخطوة الأولى يعود إلى واشنطن".

على مدار العامين الماضيين وأثناء التحقيق فى تلك القضية اتهم مولر 34 شخصا و3 شركات خلال سير التحقيق، وقد صدرت أحكام بالسجن على بعض مساعدي ترامب السابقين، من بينهم مايكل كوهين محامي ترامب الخاص سابقا، والذي أدين بالفعل، وقد زج باسم الرئيس خلال إقراره بالذنب في تهم مخالفات مالية، وذلك في قضية منفصلة قدمها مدعون اتحاديون في نيويورك، وفى شهر مايو الماضى انتقد الرئيس الأمريكي، الكشف عن الاسئلة التى تريد مولر توجيهها إليه وصف ذلك بأنه كشف "معيب"، حيث نشرت بعض وسائل الإعلام الأسئلة التي يزيد عددها على 40 ، والتى تدور حول سعى مولر إلى معرفة ما الذي يعرفه ترامب عن الصلة بين أعضاء حملته الانتخابية وروسيا، بما في ذلك اللقاء الذى عقد في مبنى ترامب تاور مع محام روسي عرض تقديم معلومات تضر بمنافسة ترامب في الانتخابات هيلاري كلينتون.

وفى شهر أغسطس الماضى وجه ترامب انتقادات جديدة لوزير العدل جيف سيشنز، الذى كان من أوائل الجمهوريين بالكونجرس الذين دعموا ترامب في الانتخابات الرئاسية، ونفذ سياساته المتشددة حيال الهجرة بعد توليه منصب وزير العدل، ودافع سيشنز عن نفسه في مواجهة نقد حاد ومتكرر من الرئيس لأنه نأى بنفسه عن التحقيق في مزاعم تدخل روسيا بالانتخابات الرئاسية، وقال سيشنز "توليت زمام الأمر في وزارة العدل في اليوم الذي أديت فيه اليمين لتولي المنصب، لن تتأثر أفعال الوزارة بالاعتبارات السياسية ما دمت موجودا في منصب وزير العدل".

ورغم انتقاد محيط ترامب بشدة التحقيق، الذي يجريه المدعي الخاص مولر ويشكك في شرعيته، إلا أن ترامب قام بالإجابة خطيا عن أسئلة مكتب مولر، ولم يكن معروفا بعد ما إذا كان واردا لديه المثول شخصيا أمامه.