أشاد الكاتب والروائي أشرف العشماوي، برواية "سقوط أوراق التين" لمينا عادل جيد، والصادرة حديثًا عن الدار المصرية اللبنانية.
وكتب العشماوي في مستهل تدوينته: "يتقدم مينا عادل جيد بخطى واعية داخل منطقة وعرة من الكتابة، منطقة لا تحتفي بالبطل بل تفتنه، ولا تحتفل بالخلاص بل تشكك فيه. يكتب لا من أجل تتويج قديس بل لاختبار هشاشته لحظة بلحظة وعثرة بعثرة. يبتعد عن النموذج الملائكي الذي يؤنسن الراهب ليقترب من نموذج إنساني يتقدس وهو يدرك أنه ينهار، ويتطهر عبر التورط لا الترفع."
وأضاف العشماوي أن الرواية "من الصفحة الأولى ترفض لعبة التخييل السهلة، لا تكتفي بتقديم السرد كمنتج جاهز بل تفككه عبر طبقات من الحكي تنكشف تباعا، بداية من "المترجم" الذي يقف على تخوم النص لا بوصفه ناقلاً محايداً بل مشاركاً في صناعته عبر لغته وقراءته واختياراته."
وأشار إلى أن المكان في الرواية: "لا يقدم بصفته ديكورا تاريخيا بل حالة نفسية وروحية تعكس ما يجول في قلب الراهب كما تعكس تحولات مصر نفسها من زمن الرومان إلى زمن العرب ومن مركزية الكنيسة إلى هامشيتها."
وتابع واصفا الراهب شيشاي في الرواية بأنه: "لا يظهر في الرواية كصاحب رسالة بل كمرآة مكسورة تعكس في كل شظية منها محاولة للتواجد كضحية. يغلب على السرد صوت التأمل لا التقرير، صوت السؤال لا الجواب، وهذا ما يجعل من الرواية أقرب إلى الرحلة الداخلية منها إلى المغامرة الخارجية، فنحن لا نتتبع أحداثاً بل يقيناً يتآكل خطوة بخطوة مع الصفحات، ومعتقدا يتصدع ليس على وقع تجربة روحية خالصة بل بفعل التكرار والوحدة والصمت."
كما نوه العشماوي ببراعة مينا جيد قائلا: "ما يلفت النظر في رواية مينا جيد هو صموده أمام إغراء الإسهاب أو الحشو رغم أن الرواية تلعب على أكثر من مستوى، فلغة التاريخ والسيرة الذاتية والتصوف واللاهوت والهوية القبطية كلها حاضرة، لكن الكاتب لا يغرق في التفاصيل ولا يرهق النص بالشرح، بل يعتمد على الإيماءة لا الخطابة، وعلى الرمزية لا الصياغة المباشرة، فيترك فجوات صامتة في المتن تنتظر أن يملأها القارئ" .
واختتم إشادته بالرواية بقوله: "هذه رواية تقرأ لا للاستمتاع بل للتساؤل، لا لتكرار ما نعرف بل لخلخلته. رواية تبدأ من باب بيت في صعيد منسي لتفتح أبوابا كثيرة في ذاكرة الأدب القبطي، وتجعل من كاتبها اسماً واعداً لا لأنه يقدم الأجوبة بل لأنه يجرؤ على طرح الأسئلة بصوت حتى لو كان خافتاً فإنه يليق بحكاية لم يكتب لها المجد بل كتب لها أن تروى."