عماد الدين حسين يحقق من أديس أبابا: هل تقبل مصر سد النهضة بكل عيوبه؟ - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 5:59 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عماد الدين حسين يحقق من أديس أبابا: هل تقبل مصر سد النهضة بكل عيوبه؟

الشروق
نشر في: الجمعة 30 يناير 2015 - 10:33 ص | آخر تحديث: الجمعة 30 يناير 2015 - 10:33 ص

 دبلوماسى عربى: إثيوبيا تتفنن فى إضاعة الوقت.. وستفرض على مصر أمرًا واقعًا

القاهرة لا تملك أوراق ضغط.. ولن تحصل إلا على مكاسب شكلية

مسئول مصرى كبير: لسنا فى موقف سيئ.. ومصرون على اتفاق مبادئ شامل ومكتوب

السفير المصرى: الدنيا تتغير.. وهناك حلول فى النهاية لكنها لن تكون مجانية

علاقتنا تتطور مع إثيوبيا.. ونراهن على حل يحقق مصالح البلدين فى النهاية

قال مصدر دبلوماسى عربى كبير فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا ان الحكومة الإثيوبية نجحت إلى حد كبير فى معركة استهلاك الوقت مع الحكومة المصرية فيما يتعلق بالوصول إلى اتفاق عادل بشأن ازمة سد التهضة.

وقال المصدر ان إثيوبيا تقترب من انجاز نصف السد تقريبا ولم تستجب للحد الأدنى من المطالب المصرية والمتمثلة فى تقليل سعة السد من ٧٤ مليار متر مكعب من المياه إلى النصف وخفض ارتفاعه البالغ ١٤٥ مترا والاستجابة للمخاوف البيئية المصرية الناتجة عن السد اضافة بالطبع إلى زيادة الفترة المخصصة لملء السد إلى اطول فترة ممكنة حتى لا تتأثر حصة مصر من المياة والبالغة ٥٥ مليار متر مكعب سنويا طبقا لاتفاقية ١٩٢٩ والتى تقول أديس أبابا انها لا تعترف بها.

وكشف المصدر العربى المطلع بدقة على ملف السد ان المتبقى عمليا للتفاوض هو ان تستجيب اثيوبيا للمطلب المصرى الأهم وهو زيادة فترة ملء الخزان. يضيف المصدر ان السد صار حقيقة واقعة وحتى مصر الرسمية سلمت بهذا الأمر وللأسف فإن استمرار التنفيذ بالمواصفات الإثيوبية المعلنة يجعل أى تعديل جوهرى لاحق غير ممكن عمليا والسبب ان أديس أبابا تقول ان الدراسات التى اجرتها سليمة وأى آراء اخرى لن تكون ملزمة لها ولذلك قاتلت من اجل اغراق المفاوض المصرى فى التفاصيل على الطريقة الإسرائيلية والبحث عن ثغرات قانونية فى المفاوضات الثلاثية مع مصر والسودان فى هذه النقطة.

ويعتقد المصدر ان مصر قد تخسر من عشرة إلى اثنى عشر مليار متر مكعب من حصتها اذا قررت اثيوبيا مثلا ان تملأ السد فى خمس سنوات وتنخفض الخسارة إلى النصف اذا زادت الفترة إلى عشر سنوات. اضافة إلى ما نخسره بفعل عوامل التبخر وهى نسبة قد تصل إلى عشرة مليارات اخرى.

هذه الرؤية اكدها لـ«الشروق» أيضا دبلوماسى مصرى خدم فى أديس أبابا سابقا ويعتقد ان اثيوبيا تفننت فى كسب الوقت وتأجيل الاتفاق على اجتماعات الخبراء والمكتب الاستشارى الدولى بأطول فترة ممكنة وساعدها فى ذلك ان السودان صار عمليا يتبنى وجهة نظرها. اضافة إلى ان مصر لا تملك اوراق ضغظ قوية تجبر اثيوبيا على الاستجابة لمطالبها. بل انها لا تستطيع أن تخرج إلى العلن وتقول ان المفاوضات قد فشلت لأنه فى هذه الحالة ينبغى ان تكون لدينا استراتيجية بديلة متكاملة مشيرا إلى ان المفاوضات شهدت قبل اسابيع عقدة مستحكمة على خلفية الاصرار الإثيوبى على تجاهل كل المطالب المصرية الأساسية.

واضاف المصدر ان اثيوبيا استطاعت حشد التأييد الداخلى لمشروع سد النهضة وحولته إلى مشروع وطنى يلتف حوله الجميع وتمكنت من تمويل الجزء الأكبر منه عبر سندات دولارية اشترى معظمها الإثيوبيون المقيمون فى الخارج وذلك حتى لا تجد أديس أبابا نفسها تحت رحمة أى دولة أو شركة اجنبية يمكنها بدورها ان تتأثر بضغوط مصرية.

ويعتقد الدبلوماسى المصرى ان الخيارات المتاحة امام القاهرة فى هذا الملف قليلة وبالتالى فالواقع يقول ان السد سيتم استكماله بالتصور الإثيوبى إلى حد كبير مع استجابة لبعض المطالب المصرية الشكلية. ويضيف انه من الظلم تحميل الحكومة الحالية أو حتى حكومة الإخوان مسئولية هذا الإخفاق رغم الآثار الكارثية التى سببها اجتماع مرسى الشهير مع بعض الشخصيات العامة والذى اذيع على الهواء وتضمن تهديدات صبيانية لإثيوبيا وما زلنا نسعى لعلاجها حتى الآن.

المصدر يعتقد اننا نجنى الآن الإخفاق الممنهج لنظام حسنى مبارك فى كافة الملفات الأفريقية منذ طلب من عمر سليمان ان «يلف ويرجع» عندما تعرض لمحاولة اغتيال فى احد شوارع أديس أبابا عام ١٩٩٥.

يضيف الدبلوماسى المصرى ان اثيوبيا استغلت بذكاء شديد انكفاء مصر على نفسها عقب ثورة يناير ولم تكن صدفة ان الإعلان عن بناء السد تم فى ابريل ٢٠١١ أى بعد الثورة بأقل من شهرين واستطاعت حشد شعبها وغالبية العالم لتأييد المشروع.

لكن دبلوماسيا مصريا رفيعا جدا التقته «الشروق» فى أديس أبابا مساء الأربعاء الماضى قلل كثيرا من هذه الرؤية المغرقة فى التشاؤم وقال اننا لسنا فى موقف سيئ للغاية ونسعى إلى بلورة اتفاق مبادئ ثابتة بشأن كل ما يتعلق بالسد وبالتالى لا يشغلنا كثيرا ما يقال فى وسائل الاعلام. واضاف الدبلوماسى المصرى الكبير انه يعترف بوجود واقع جديد لكن ذلك لا يعنى بأى حال من الأحوال ان نتخلى عن حقوقنا.

وعندما سألته الشروق عن المدة الزمنية التى تقترحها مصر لملء خزان السد قال ان هذا امر ينبغى ان يتم فى اطار اتفاق مبادئ شامل وعلينا ألا نترك الأمر للظروف أو النوايا، مشيرا إلى انه على سبيل المثال لو ان هناك فيضانا لمدة عامين يمكنه ان يملأ السد دون أن تتضرر حصة مصر فإن معظم المشكلة ستكون قد انتهت. وفى تقدير هذا المسئول فإن مصر واثيوبيا قد عادتا إلى المسار الطبيعى فى علاقتهما وبالتالى فسوف تتوصلان فى النهاية إلى حل يراعى احتياجات اثيوبيا للتنمية وحقوق مصر وحاجتها الملحة إلى المياه.

بدوره قال السفير المصرى فى أديس أبابا محمد ادريس لـ«الشروق» ان مسألة فترة ملء الخزان ومدتها وتفاصيلها يحددها خبراء الرى وليس الدبلوماسيون.

واضاف ادريس خلال لقائه الإعلاميين المصريين الذين يتابعون فعاليات قمة الاتحاد الأفريقى الرابعة والعشرين ان الحديث عن الماضى فقط لا يفيد فكل شىء تغير» نحن لم نعد كما كنا وكذلك افريقيا والعالم».

واكد ادريس على ضرورة التركيز على عامل الإحساس وتفهم الذهنية الأفريقية اذا اردنا ان نعود مرة اخرى بقوة إلى أفريقيا.

وقال ادريس انه من الخطأ والخطر البالغ حصر العلاقات بين القاهرة وأديس أبابا فى ملف سد النهضة فقط. بل ان هذا الملف لابد ان يطفو فوق شبكة واسعة من العلاقات المتنوعة فى كافة المجالات. وقال ادريس ان هناك حلولا ولكن هناك اثمانا لهذه الحلول لابد من دفعها. هذه الحلول لن تتم فجأة بمجرد لقاء بين وزيرين أو رئيسين بل عبر عملية اعادة بناء كاملة للعلاقات تتضمن الاستمرارية وبناء المصالح المشتركة.

وكان وزير الخارجية سامح شكرى قد حضر جانبا من حفل الاستقبال الذى اقامه السفير المصرى فى مقر سكنه الواقع داخل السفارة المصرية لرؤساء تحرير الصحف المصرية وكبار الإعلاميين المصريين وحضره غالبية اعضاء السفارة وبعض رجال الأعمال ومسئولو شركة المقاولون العرب فى اثيوبيا واستمر لحوالى ثلاث ساعات.

المعروف ان سد النهضة أو سد الألفية العظيم كما تسميه اثيوبيا يقع على النيل الأزرق بالقرب من الحدود مع السودان ويبلغ طوله ١٨٠٠ متر وارتفاعه ١٤٧ مترا وتقدر تكلفته الإنشائية بنحو اقل من خمسة مليارات دولار بقليل وسعته تصل إلى ٧٤ مليار متر مكعب ما يجعله اكبر سد كهرومائى فى افريقيا أى ضعف بحيرة تانا. وسوف تقام حوالى ١٥ وحدة لتوليد الكهرباء بطاقة تبلغ ٦٢٥٠ ميجاوات الأمر الذى سيحل ازمة الكهرباء فى اثيوبيا بل ويحولها إلى دولة مصدرة للكهرباء.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك