أصدرت مكتبة الإسكندرية فيلمًا وثائقيًا جديدًا بعنوان "مقياس النيل"، وذلك ضمن سلسلتها الوثائقية "عارف"، حيث يُسلط الفيلم الضوء على معلم تاريخي وهندسي فريد، هو مقياس النيل بجزيرة الروضة، الذي يُعد شاهدًا حيًا على العلاقة الأزلية بين المصريين ونهر النيل، شريان الحياة لمصر، الذي يحمل الخير بفيضانه المعتدل، أو يُنذر بالجفاف والغرق إذا ما اختل منسوبه.
من هنا، نشأت الأهمية القصوى لقياس منسوب النيل بدقة، ليصبح جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للبلاد.
يستعرض الفيلم كيف أدرك المصريون منذ فجر التاريخ أهمية مراقبة منسوب النهر، واستمرت تلك الجهود في العصور الإسلامية، حيث أمر عمرو بن العاص ببناء مقياسين للنيل، وتوالت الإضافات لاحقًا من الخلفاء والولاة، لكن مقياس جزيرة الروضة هو الوحيد الذي بقي صامدًا، شاهدًا على تلك الحقبة.
وتُعد جزيرة الروضة مركزًا لصناعة السفن في العصر الإسلامي، واحتضنت هذا الصرح العظيم المعروف بأسماء عدة، منها: "المقياس الكبير"، و"المقياس الجديد"، و"المقياس الهاشمي"، والذي شُيّد عام 861 ميلادية على يد المهندس أحمد بن محمد الحاسب، في عهد الخليفة العباسي المتوكل على الله جعفر بن المعتصم.
ويُبرز الفيلم هذا المقياس الفريد ليس فقط كبناء معماري، بل كرمز لقرون من الحكمة والعلم في فهم نبض النيل والتحكم فيه؛ النهر الذي كان المصريون القدماء يطلقون عليه اسم "حابي"، رمز الخير والوفاء لمصر.