نبيل نعوم يكتب: احتفالا بالقرع - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 6:00 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نبيل نعوم يكتب: احتفالا بالقرع


نشر في: الجمعة 30 أكتوبر 2020 - 7:57 م | آخر تحديث: الجمعة 30 أكتوبر 2020 - 7:57 م

والقرع هنا هو اليقطين أو القرع العسلى، النبات الذى يشبه البطيخ بلونه البرتقالى وبأحجامه المختلفة، والوفير فى الخريف والذى يدخل فى صنع الفطائر والخبز والكعك والحساء والأطعمة الأخرى، وفى المغرب العربى خاصة فى مكونات الكسكسى. تم العثور على القرع، لأول مرة فى الأمريكتين، وخاصة فى منطقة أمريكا الوسطى والمكسيك، ثم حمل الأمريكيون الأصليون بذور القرع إلى أجزاء أخرى من أمريكا الشمالية. وعندما وصل المستعمرون إلى الولايات المتحدة، بدأوا فى استخدام القرع للطعام. ومع تأثير المهاجرين الأيرلنديين أصبح القرع جزءًا من عيد الهالوين، الذى يحتفل به هذا العام يوم السبت 31 أكتوبر، وذلك بالتفنن فى نحت ثمرة القرع وتحويلها إلى فانوس (فانوس جاك)، بوضع شمعة بداخله بعد إفراغه من الداخل وعمل بعض الثقوب بالقشرة الخارجية على شكل عينين وفم مفتوح بما يوحى بالخوف. يحتوى تاريخ القرع واستخدامه فى عيد الهالوين على مزيج من الحقائق والقصص والأساطير. فقد جلب المهاجرون الأيرلنديون الأوائل إلى الولايات المتحدة تقليد صنع (فانوس جاك) فى عيد الهالوين، وفقًا للفولكلور الأيرلندى، بل ربما أيضا الفولكلور الكلتى. وتقول قصته إن جاك كان حدادًا خدع الشيطان فى عدة مناسبات، وعند موته، مُنع من الدخول إلى الجنة والنار، إذ أبعده الشيطان وأعطاه جمرة مشتعلة. قام جاك بتفريغ ثمرة اللفت لحمل الجمرة وحصوله على الضوء (لم يكن القرع معروفا فى أوروبا فى ذلك الوقت). يتذكر الأيرلنديون هذه القصة كل عام عن طريق نحت وجوه مخيفة على اللفت أو القرع ووضع قطعة من الفحم المحترق أو الشموع فى الداخل. ولكن، عندما هاجر الأيرلنديون إلى الولايات المتحدة، اكتشفوا أن القرع كان متاحًا بسهولة أكبر فاستخدموه بدلا من اللفت. بمرور الوقت، تطورت ممارسة نحت الوجوه المخيفة على القرع إلى أشكال أخرى من نحت الثمار. وإن كانت الفكرة الأصلية لصنع (فانوس جاك) هى تخويف الأرواح الشريرة، إذ كان الأيرلنديون يضعون القرع المنحوت أو اللفت بالقرب من أبوابهم ونوافذهم على أمل أن يحميهم.
ويعتقد الكثير من الباحثين الغربيّين أنّ فكرة عيد الهالوين تعود إلى جذور وثنيّة، فقد عرفت ثقافة الكلتيك قديما مهرجان الحصاد الذى يشبه فى احتفالاته احتفال عيد الهالوين. وقد انتقلت مظاهر الاحتفال بهذا اليوم إلى الكثير من البلدان الأخرى، حيث تزيّن البيوت، وتوقد الشّموع، ويلبس النّاس أزياءً تنكريّة غريبة، ويزورون الأماكن النّائية، كما يذهبون إلى قبور الأموات ليوقدوا عليها الشّموع. وأيضا فى هذا اليوم يتناقل النّاس الرّوايات المرعبة والمخيفة التى تتحدّث عن الوحوش والأرواح التى تسكن البيوت المهجورة، وينسجون القصص والخيالات لاعتقادهم أنّ فى هذا اليوم تنتقل الأرواح الشّريرة من عالمها المجهول إلى عالم الأرض. وحتّى يلتبس الأمر على تلك الأرواح ويتم إخافتها لا بدّ من نشر الرّعب والخوف فى قلوبها، أو محاكاتها فى صورتها وسلوكها المخيف من خلال ارتداء الألبسة السّوداء أو الموشّحة بالسواد، وارتداء الأقنعة التى تحمل شكل رأس الهيكل العظمى. وقد تحول عيد الهالوين وخاصة فى السنوات الأخيرة إلى موسم كببر لاستهلاك العديد من المنتجات الكمالية من الملابس والأقنعة والألعاب المتعلقة بحفلات التنكر التى لم تعد مخصصة فقط للأطفال ولكن أيضا للبالغين.
والاحتفال بالهالوين يوافق أيضا فى المكسيك وبعض الدول اللاتينية الاحتفال بيوم الموتى، يومى الأول والثانى من شهر نوفمبر حيث يتذكر المكسيكيون أسلافهم وأقاربهم الذين فارقوا الحياة. وترجع جذور يوم الموتى إلى حضارات أمريكا الوسطى والجنوبية وبخاصة حضارات الأزتيك، والمايا، حيث ارتبطت تلك الطقوس بالموت والبعث منذ حوالى 3 آلاف عام، وذلك بالاحتفال بحياة الأسلاف والاحتفاظ بجماجم الموتى، ومحاولة فهم سر الولادة والانتقال بين عالمى الحياة والموت. وإلى الآن نجد أن تلك الاحتفاليات تم توجيها إلى الأطفال وإلى ذكرى الأقارب المتوفين. ومع وصول الغزاة الإسبان فى القرن الخامس عشر، تم إدراج عناصر من التقاليد المسيحية المتعلقة بالاحتفاليات الكاثوليكية لعيد القديسين وجميع النفوس، لتتوافق مع الثقافة المكسيكية الشعبية. وكما فى مصر الفرعونية حيث كانت تقام طقوس زيارة المقابر وتقديم القرابين من أجل دوام رفاهية حياة المتوفى، وما زالت بعض هذه الطقوس مستمرة إلى الآن فى بعض المدن والقرى، حيث توزع الفطائر على الفقراء ترحمًا على الموتى، فكذلك فى يوم الاحتفال بيوم الموتى فى المكسيك، تذهب جموع المحتفلين إلى المقابر، ويتم تقديم القرابين التى هى عبارة عن الأطعمة المفضلة للمتوفين وكذلك الشراب. وبعد الانتهاء من الزيارة يأكل المحتفلون الأطعمة التى قدموها كقرابين لاعتقادهم أن أرواح الموتى قد التهمت القيمة الروحية للطعام وما تبقى هو عبارة عن طعام قد فقد قيمته الغذائية.
وأخيرا وبالعودة إلى القرع، فنجده قد دخل ككلمة فى بعض التعبيرات والأمثال الشعبية فى مصر مثل «القرع لما استوى قال للخيار يا كوسة»، بل ونجده كذلك فى الشعر كقول بيرم التونسى:
يا بلدنا يا عجيبة فيكى حاجة محيرانى
نزرع القمح فى سنين يطلع القرع فى ثوانى



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك