الماس وأمراء الحرب والمرتزقة: التواجد الروسى فى إفريقيا - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 8:04 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الماس وأمراء الحرب والمرتزقة: التواجد الروسى فى إفريقيا

نشر فى : الثلاثاء 1 أكتوبر 2019 - 11:45 م | آخر تحديث : الثلاثاء 1 أكتوبر 2019 - 11:45 م

نشرت جريدة نيويورك تايمز مقالا للكاتبة «Dionne Searcey» تناولت فيه لجوء جمهورية إفريقيا الوسطى إلى روسيا لمساعدتها على تحقيق الاستقرار، وقد تمثلت مصلحة روسيا فى ذلك بأن تظهر بوصفها دولة تساعد على تحقيق الاستقرار، وفى الوقت نفسه الانتفاع من موارد إفريقيا الوسطى... ونعرض منه ما يلى:
يقول أحد تجار الأحجار الكريمة فى جمهورية إفريقيا الوسطى إنه فى حين أن بعض الأحجار الكريمة يباع بشكل قانونى إلا أن الكثير منها يباع على أيدى المتمردين الذين يقاتلون من أجل السيطرة على مناجم هذه الأحجار، وهو ما يزيد من الصراع الموجود بالفعل منذ ست سنوات والذى أسفر عن قتل الآلاف وتشريد الملايين. وفى محاولة الحكومة السيطرة على تجارة الألماس اتجهت إلى شريك جديد ــ روسيا ــ بينما أظهر بعض المشرعين الخوف من أن هذه الصفقة ستستبدل خطرا بخطر آخر. وقد رحبت حكومة وسط إفريقيا بالروس وراهنت على أن الاستقرار سيمكنها من بيع المزيد من الماس بشكل قانونى واستخدام الأموال لإعادة بناء الأمة. وقال ألبرت يالوكى موكبيمى، المتحدث باسم رئيس جمهورية إفريقيا الوسطى: «لقد كلفنا التمرد فى بلادنا الكثير... ولم يأت أحد لمساعدتنا باستثناء روسيا». وأضاف أنه بمساعدة الروس ستتمكن جمهورية إفريقيا الوسطى من تأمين مناجمها.
لكن المساعدة الروسية لها ثمن... أبرم الممثلون الروس صفقات مع الحكومة لاستخراج الماس والتجارة فيه بطريقة قانونية ــ وهى واحدة من الدلائل على أن الوجود الروسى مرتبط بشكل كبير بتحقيق الأرباح. وعلى الجانب الآخر يقوم العملاء بالدخول فى شراكات مع المتمردين للحصول على الماس فى المناطق التى تكون فيها التجارة محظورة، ويستفيدون من حالة انعدام القانون هناك.. وهذا وفقا لأعضاء حكومة وسط إفريقيا والمسئولين الغربيين وبعض أمراء الحرب أنفسهم... وعلى نطاق أوسع، أثار واقع قيام المرتزقة الروس بتدريب قوات الأمة القلق، حيث إن انتهاكات حقوق الإنسان فى البلاد منتشرة إلى درجة أن الأمم المتحدة فرضت حظرا على الأسلحة فى إفريقيا الوسطى. إلى جانب توجيه الاتهامات إلى المدربين الروس بقبضهم على الأبرياء فى حملات جماعية.
***
يفجينى بريجوزين، أحد المقربين من الرئيس فلاديمير بوتين والذى اتُهم فى الولايات المتحدة العام الماضى بتهمة المساعدة فى تمويل «حرب المعلومات» وتعطيل الانتخابات الأمريكية لعام 2016، يتمتع بعلاقات مع شركات التعدين والأمن والخدمات اللوجستية التى تم تأسيسها فى البلاد منذ عام 2017، وفقا لمسئولى المخابرات الأمريكيين والدبلوماسيين الغربيين وما قدمه محلل أمنى من تسجيلات تظهر علاقة بريجوزين ببعض من هذه الشركات. كما حضر السيد بريجوزين شخصيا لإجراء محادثات سلام مع مجموعات المتمردين قبل عدة أشهر، وفقا لأحد أمراء الحرب الذين حضر المحادثات.
لقد أثار دور السيد بريجوزين فى البلاد إنذارات دولية وخاصة حين قُتل ثلاثة صحفيين روس العام الماضى فى ظل ظروف مريبة أثناء بحثهم فى علاقات بريجوزين باستخراج الماس والذهب. قالت حكومة أفريقيا الوسطى إنها تقوم بتحرياتها، ونفى المسئولون الروس تورطهم، ورفض المتحدث باسم السيد بريجوزين الإجابة على الأسئلة حول عمليات التعدين أو العمليات الأمنية لشركاته فى البلاد.
كما هو الحال فى الانتخابات الأمريكية، إن المعركة من أجل السيطرة على البلاد يتم خوضها أيضا فى وسائل الإعلام وعلى وسائل التواصل الاجتماعى... فبينما كان المرتزقة الروس المرتبطين بالسيد بريجوزين يتدفقون إلى أفريقيا الوسطى، كانت مواقع فيسبوك ممتلئة بالمواضيع المؤيدة لروسيا، وتظهر صورا للسكان المحليين مرتدين قمصانا تحمل قلبا أحمر وشعار «روسيا 2018»، وظهرت صور الجنود المحليين تحت العلم الروسى فى اللوحات الإعلانية حول العاصمة. وقامت شركة تعدين مرتبطة بالسيد بريجوزين ببناء المستشفيات ورعاية بطولة كرة القدم وعقدت مسابقة «ملكة جمال أفريقيا الوسطى» وأنشأت محطة إذاعية روسية تعدى بثها نطاق الدولة.
فى أوروبا والولايات المتحدة، استخدمت روسيا عمليات القرصنة والتضليل وغيرها من الاستراتيجيات فى محاولة لاختراق الديمقراطيات الغربية وزعزعة استقرارها... ولكن هنا فى جمهورية أفريقيا الوسطى، كما يقول المحللون، يبدو أن روسيا لها هدف مختلف وهو تأكيد أهميتها العالمية وجنى المكتسبات المالية.
***
مع انسحاب الولايات المتحدة من القارة الإفريقية وعدم تقديم أجندة سياسية لها فى القارة، اندفعت روسيا بقوة إلى القارة لتوسيع وجودها فى دول غير مستقرة ومليئة بالموارد الطبيعية.
طلبت عدد من دول أفريقيا جنوب الصحراء المساعدة من روسيا فى مجال الأمن. فى مايو، أعلنت روسيا أنها سترسل متخصصين عسكريين إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية. فى غينيا، تم أخيرا تعيين سفير روسى سابق ــ كان من مؤيدين الرئيس الغينى وأيد التعديل الدستورى للسماح للرئيس بالترشح لولاية ثالثة ــ رئيسا لشركة ألومنيوم روسية كبرى تعمل هناك. كما أعلن السيد بوتين عن أول قمة بين روسيا وأفريقيا والتى من المقرر انعقادها أكتوبر المقبل فى سوتشى.
سادت الاضطرابات فى جمهورية أفريقيا الوسطى منذ عام 2012، عندما سئم المتمردون المسلمون من الحكومة وغزوا العاصمة ونفذوا انقلابا. فى حين حاولت الجماعات المسيحية الوقوف أمام المتمردين وهو ما أشعل مخاوف دخول الدولة فى حرب أهلية وعمليات إبادة جماعية. أجريت الانتخابات عام 2016، لكن الجماعات المسلحة العنيفة ما زالت تثور على كل من يعترض طريقها. وقد أدى هذا إلى فرار ما يقرب من ربع السكان من منازلهم والإضرار بالاقتصاد وزيادة معدلات الفقر...
عام 2013، اعتبرت عملية كيمبرليــ وهى عملية دولية لمنع الجماعات المسلحة من الاستفادة من تجارة الماســ أن أحجار البلاد «ماس دموى» وحظرت جميع عمليات بيع الماس من أفريقيا الوسطى.. ومنذ نحو ثلاث سنوات، وافق مسئولو عملية كيمبرلى على صادرات الماس من مناجم تقع فى مناطق غرب العاصمة، اقتناعا منهم بأن الحكومة سيطرت على المناطق هناك. ولكن تجارة الماس غير المشروعة لا تزال فى ازدهار... حيث عرض رجل فى الشارع بيع الماس لصحفيين من صحيفة نيويورك تايمز. وفى أحد مراكز الشرطة قام أحد الضباط بسحب منديل قال إنه يحتوى على ماس مضيفا أنه استولى عليه من عمال المناجم غير القانونيين.
وفى حين أن هناك دائما عمليات احتيال حتى من جانب جامعى الماس الذين يعملون لصالح الحكومة.. انخرطت روسيا فى هذا السيناريو... فى أكتوبر 2017، أى بعد عام من إعلان فرنسا أن مهمة حفظ السلام الخاصة بها قد انتهت وخرجت من البلاد، سافر رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى إلى سوتشى لطلب المساعدة من روسيا. فبينما بقيت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة فى البلاد، كان جنود بلاده ما زالوا ممنوعين من امتلاك الأسلحة، وقد اشتكى علانية من الفجوة التى تركتها فرنسا. وفى وقت لاحق من نفس الشهر، تم تسجيل شركة Lobaye Invest وهى شركة تعدين فى بانغى عاصمة جمهورية أفريقيا الوسطى وشركة أمنية تدعى Sewa Security Services وفقا لمعلومات التسجيل للشركات... كلا الشركتين مرتبطتان بالسيد بريجوزين، وفقا لمسئولى المخابرات الأمريكية والدبلوماسيين الغربيين ومسئول سابق فى حكومة أفريقيا الوسطى. فى ديسمبر 2017، ضغطت روسيا من أجل ــ وحصلت على ــ إعفاء من حظر الأسلحة الذى فرضته الأمم المتحدة. وفى الشهر التالى، أرسلت الحكومة الروسية خمسة مدربين عسكريين و170 مدرب مدنى إلى بانجى.
يقدر المسئولون الأمريكيون الآن عدد جنود المرتزقة الروس بأكثر من 400 جندى، بعضهم تم رصدهم فى المناطق التى يسيطر عليها المتمردون. ولم تذكر وزارة الخارجية الروسية عدد الروس الذين تم نشرهم فى جمهورية أفريقيا الوسطى، ولكنها أكدت أنهم أرسلوا كمدربين بموافقة الأمم المتحدة. فى اجتماع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فى يونيو، أصر ألكساندر ريبكين، الممثل الروسى، على أن بلاده تأمل فقط فى تطبيع الوضع دون تبنى أى أجندة خفية... ولكن تم رصد عمليات التعدين الروسية فى المناطق التى تعتبر فيها الأحجار الكريمة «ماس دموى»، وفقا للدبلوماسيين والمسئولين المحليين واثنين من أمراء الحرب الذين تعمل مجموعاتهم هناك. وقال مسئولون حكوميون أن هذه المناطق بها وفرة من الأحجار الكريمة ذات جودة عالية ويتم تهريبها بانتظام عبر الكاميرون وتشاد والسودان.

إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى
النص الأصلي:من هنا

التعليقات