ليلة سقوط «التيكتوكرز».. بين القانون وضبط المحتوى الرقمي - صفاء عصام الدين - بوابة الشروق
الإثنين 4 أغسطس 2025 10:10 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع النجاح لنظام الدوري المصري الجديد في ظل مشاركة 21 فريقًا؟

ليلة سقوط «التيكتوكرز».. بين القانون وضبط المحتوى الرقمي

نشر فى : الإثنين 4 أغسطس 2025 - 7:05 م | آخر تحديث : الإثنين 4 أغسطس 2025 - 7:05 م

منذ اللحظة التى وُضعت فيها «التيكتوكرز» مودة الأدهم وحنين حسام فى قفص الاتهام قبل أربع سنوات، بدأت السلطة فى مصر صفحة جديدة فى علاقتها بالفضاء الرقمى، خاصة مع منصة «تيك توك» التى تحوّلت من وسيلة ترفيه عفوية إلى ساحة صدام مع القوانين والأخلاق والتقاليد وما يسمى بالقيم الأسرية. ما بدأ كقضية «فتيات التيك توك» اتسع لاحقًا ليشمل عشرات من صناع المحتوى، أغلبهم من خلفيات اجتماعية بسيطة، يُقدَّمون للرأى العام باعتبارهم رموزًا للانحلال أو التهديد القيم.

 


عادت مؤخرًا حملات الملاحقة القانونية للواجهة من جديد، مع تصاعد وتيرة القبض على تيكتوكرز التى بدأت بمروة التى تدعى أنها ابنة الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، وتروج اتهامات لفنانين ومشاهير على التيك توك بجرائم يعاقب عليها القانون، ثم تبعها القبض على نجوم آخرين، فى مقدمتهم أم سجدة وأم مكة المنتميان لطبقات شعبية وجدت التيك توك منصة للربح السريع والشهرة.
ورغم اختلاف أنماط المحتوى الذى تقدمه كل من أم سجدة وأم مكة، فإن الاتهامات التى وُجهت إليهما جاءت تحت المظلة نفسها «الإخلال بالقيم الأسرية» و«نشر محتوى خادش للحياء العام» و«سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعى»، وهى تهم مألوفة فى قضايا «التيكتوكرز» منذ 2020.

القيم الأسرية والقانون

 


دخل مصطلح «القيم الأسرية» فى القانون المصرى منذ عام 2018 مع صدور قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، الذى وضع الأسس التى تُستخدم كسند قانونى لضبط المحتوى على الفضاء الرقمى. ومنذ مناقشة مواد القانون فى مجلس النواب مرورًا بصدوره وتطبيقه ما زالت نصوصه تثير الجدل بسبب التفسيرات الفضفاضة والمعانى المطاطة لمصطلح «القيم الأسرية».
وتنص المادة 25 من القانون على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تتجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اعتدى على أى من المبادئ أو القيم الأسرية فى المجتمع المصرى، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته، أو منح بيانات إلى نظام أو موقع إلكترونى لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته أو بالقيام بالنشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات، لمعلومات أو أخبار أو صور وما فى حكمها، تنتهك خصوصية أى شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أم غير صحيحة.
كما تنص المادة 27 على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على 300 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أنشأ أو أدار أو استخدم موقعًا أو حسابًا خاصًا على شبكة معلوماتية يهدف إلى ارتكاب أو تسهيل ارتكاب جريمة معاقب عليها قانونًا.

أهداف اجتماعية وسياسية

 


غالبًا ما تكون إثارة هذا النوع من القضايا سواء قضية حنين حسام فى 2020، أو أم مكة وأم سجدة ومجموعة 2025 مرتبطة بسياقات اجتماعية وسياسية .
فى توقيت القبض على حنين حسام ومودة الأدهم، كانت مصر تمر بمرحلة استثنائية من الإغلاق الجزئى بسبب جائحة كورونا، وتصاعد معها معدلات استخدام الإنترنت، وبرز «تيك توك» كمنصة رئيسية لظهور أشكال جديدة من التعبير الشعبى. فى ظل هذا الانفجار الرقمى، وغياب التوجيه المؤسسى أو التثقيف الرقمى، وجدت فتيات من خلفيات اجتماعية بسيطة نافذة للشهرة وتحقيق الدخل، وهو ما أثار حفيظة شرائح مجتمعية محافظة، استدعت السلطة لضبط السلوك العام وحماية «القيم الأسرية».
استخدمت السلطات بدورها قانون الجرائم الإلكترونية وقانون العقوبات لملاحقة «التيكتوكرز»، مع تصاعد خطاب مجتمعى وإعلامى يحاول فرض تصور محدد لـ«القيم»، غالبًا ما يتماهى مع خطاب الدولة الرسمى والدينى.
وفى 2025، تعود الحملة نفسها لكن فى سياق اجتماعى واقتصادى أكثر هشاشة، مع تصاعد الاحتقان الناتج عن الأزمات المعيشية والتوترات السياسية سواء نتيجة الصراعات المحتدمة فى المنطقة .

خيار الحجب

 


فى ظل هذه الأزمة، يظهر النائب أحمد بدوى رئيس لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، متحدثًا عن مهلة ثلاثة أشهر لمنصة تيك توك لمنح التطبيق فرصة لمراجعة محتواه واتخاذ خطوات لتحسينه.
يلوح بدوى بخيار حجب التطبيق لمواجهة المحتوى غير المرضى عنه، مشيرًا إلى القانون الذى يمنح الحق فى حجب المواقع أو التطبيقات المخالفة، وهو ما تنظمه المادة 7 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات فتعطى جهة التحقيق المختصة، أن تأمر بحجب المواقع التى تضع أى عبارات أو صور أو أفلام أو ما فى حكمها مما يعد جريمة من الجرائم المنصوص عليها بالقانون، وتشكل تهديدا للأمن القومى أو تعرض أمن البلاد أو اقتصادها القومى للخطر.

صفاء عصام الدين كاتبة وصحفية متخصصة في الشأن السياسي والبرلماني
التعليقات