الإرهاب عندهم وعندنا - فهمي هويدي - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 11:12 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإرهاب عندهم وعندنا

نشر فى : الإثنين 4 أكتوبر 2010 - 10:39 ص | آخر تحديث : الإثنين 4 أكتوبر 2010 - 12:22 م
شاركت فى ورشة عمل استمرت 48 ساعة حول الإرهاب والمقاومة والراديكالية، استضافها مركز «الجزيرة» للدراسات فى قطر. ولاحظت أن مؤسستين بريطانيتين اشتركتا فى إقامة الندوة، هما مجلس البحوث الاقتصادية والاجتماعية البريطانى ومركز دراسات مسلمى أوروبا بجامعة اكستر. حضر عن المؤسستين نحو عشرة من الباحثين الانجليز والبريطانيين. وفى مقابلهم كان هناك عشرة من الباحثين العرب الذين قدموا من العراق وسوريا وفلسطين والسودان وتونس وموريتانيا ومصر.

عقدت الورشة خمس جلسات لمناقشة الموضوع من مختلف جوانبه، خصصت الأخيرة منها لاستعراض الخلاصات والانطباعات العامة عن الحوار، وكنت أحد الذين طلب منهم الحديث فى تلك الجلسة. وهو ما رحبت به، لأننى منذ اللحظة الأولى وجدت فى نفسى شيئا إزاء الموضوع كله، بمختلف عناوينه. وقبل أن أعرض ما عندى فى هذا الصدد، لا يفوتنى أن أسجل أن الذين دعوا إلى الورشة من أوروبيين وعرب كانوا جميعا من الباحثين الجادين والمحترمين، وقد استفدت كثيرا مما سمعته منهم. وإذا كنت قد سجلت رؤيتى هنا فلا يعنى ذلك أنها أهم ما قيل، ولكنه يعنى فقط أنه الكلام الذى أستطيع أن أتحمل مسئوليته. وربما أتيح لى أن أعرض ما قاله الآخرون حين يصدر الكتاب الذى قيل لنا إنه سيصدر عن الندوة فى وقت لاحق بإذن الله.

وجهة نظرى فى الموضوع تتلخص فى النقاط التالية:

ـ إننى لا أخفى حساسية إزاء التركيز على صورتنا وعلاقاتنا بالغرب وحده، فى تجاهل غير مفهوم وغير مبرر للشرق. والجنوب. ومصدر تلك الحساسية هو ضيقى بالمركزية المفرطة التى أصبح الغرب يحتلها فى حياتنا. صحيح أن تلك المركزية تعكس واقعا سياسيا وثقافيا أرغمنا عليه ولا مفر من الاعتراف به، لكننى مع الداعين إلى مقاومة ذلك الواقع وليس الاستسلام له. لا أطالب بتجاهله، لكن أتمنى أن نذكر دائما أن الغرب هو جزء من العالم وليس كل العالم. وأن لنا مصلحة أكيدة فى إحياء دور الجزء الآخر الذى يمثله الشرق والجنوب. الذى يضم قوى واعدة يمكن التعويل عليها فى تحقيق التوازن مع الغرب والصمود فى التعامل معه.

ـ إن مشكلة المصطلحات لا حل لها. لأن المصطلح يتغير بتغير البيئة والزمن من ناحية، وتبعا لحالة القوة والضعف من ناحية ثانية. فالأصولى فى الثقافة الإسلامية هو شخص يمثل مرتبة رفيعة من مراتب المعرفة الدينية وأدوات الاجتهاد. لكنه فى خطابنا المعاصر صار متهما ومشبوها سياسيا. والمقاومة إذا مارسها الفلسطينيون تعد إرهابا، أما الإرهاب إذا مارسه الإسرائيليون فإنه يغدو دفاعا شرعيا عن النفس. وأبوعمار صنف إرهابيا فى مرحلة، ثم منح جائزة نوبل حين رضى عنه الغرب. وقتله الإسرائيليون بالسم حين لم يستمر فى التنازل لهم.. وفى نظر بعض الأنظمة فإن كل من يعارضها متطرف وكل من يقف فى طريقها يعد إرهابيا.

من ثم فمعادلة القوة والضعف هى التى تفرض مفهوم المصطلح. وعمليا وتاريخيا فإن الأقوياء كانوا هم الذين يكتبون التاريخ ويرسمون الجغرافيا، ويتحكمون فى المصطلحات التى تصف علاقاتهم بالآخرين.

ـ إننى وجدت أن ورشة الحوار تتحرك منذ الجلسة الأولى وفقا للأجندة الغربية، ومنطلقة من أحداث 11 سبتمبر وتداعياتها. فالعالم العربى لا تشغله قضية الجماعات الإرهابية إلا فى قطر واحد أو اثنين لهما أوضاعهما الخاصة. لكن الإرهاب الحقيقى الذى يؤرقه هو ما تمارسه السلطات الإسرائيلية، وما تعبر عنه السياسات الأمريكية، وما يتم على أيدى الأجهزة القمعية فى الأنظمة المستبدة. ثم إن 11 سبتمبر حدث تجاوزه الزمن رغم فظاعته، خصوصا أن الذين قتلوا فى فلسطين خلال السنوات التى أعقبت انتفاضة الأقصى «عام 2000» ضعف عدد ضحايا تفجير مركز التجارة العالمى فى نيويورك (الأولون أكثر من ستة آلاف والأخيرون نحو ثلاثة آلاف). وإذا كان الأمر كذلك فهو يعنى أن الورشة عقدت لمناقشة هم غربى بالدرجة الأولى، يختلف نوعيا عن هم العالم العربى، وأن ما طلب منا هو بالتحديد إجراء حوار مع الباحثين الغربيين حول سبل تبديد مخاوفهم وتهدئة خواطرهم. ولا غضاضة فى ذلك بطبيعة الحال لكن القصد منه ينبغى أن يكون مفهوما وواضحا.
فهمي هويدي فهمى هويدى كاتب صحفى متخصص فى شؤون وقضايا العالم العربى، يكتب عمودًا يوميًا ومقالاً اسبوعياً ينشر بالتزامن فى مصر وصحف سبع دول عربية اخرى. صدر له 17 كتابا عن مصر وقضايا العالم الاسلامى. تخرج من كلية الحقوق جامعة القاهرة عام 1961 ويعمل بالصحافة منذ عام 1958.