التشريع بلا ضابط ولا رابط - أشرف البربرى - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 10:02 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التشريع بلا ضابط ولا رابط

نشر فى : الخميس 6 أغسطس 2015 - 8:25 ص | آخر تحديث : الخميس 6 أغسطس 2015 - 8:25 ص

الأخطاء التشريعية الكارثية التى وقعت فيها السلطة التنفيذية وهى تمارس سلطة التشريع بتوحش ينتهك روح الدستور الذى منح السلطة لرئيس الجمهورية فى حق إصدار القوانين عند غياب البرلمان فى حالة الضرورة القصوى وليس بهذا الشكل الذى جعل من الرئيس وآلته التشريعية برلمانا مطلق اليد فى إصدار القوانين العاجلة وغير العاجلة.

فمن القوانين سيئة السمعة التى تتعارض مع الدستور بدءا بقانون «منع التظاهر» وصولا إلى قانون «محاكمة الشعب عسكريا» المعروف باسم «قانون حماية المنشآت العامة»، إلى القوانين سيئة الإعداد والصياغة مثل قانون «الوظيفة المدنية»، وقانون الاستثمار، نرى أننا أمام سلطة تنفيذية أفشل من أن تمارس التشريع بصورة مقبولة.

فالسلطة أصدرت قانون «الوظيفة المدنية» ولا تعرف كيف تطبقه حتى الآن رغم مرور أكثر من شهر على دخوله حيز التطبيق، والسلطة أصدرت قانون الاستثمار ثم اكتشفت أنه يحتاج إلى تعديل، والسلطة أصدرت قانون «ضريبة البورصة» ثم اكتشفت أنه فى حاجة إلى «تجميد» وهكذا.

الغريب أن السلطة التنفيذية الراهنة تمارس سلطة التشريع بتوسع يصل إلى درجة التوحش كما قلنا، حيث أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال 420 يوما نحو 118 قانونا بدون حساب قوانين ربط الموازنة باعتبارها أمورا إجرائية وبلغ عددها 159 قانونا بحسب الإحصاء والتحليل الرائع الذى نشره الزميل محمد بصل فى عدد الشروق الصادر يوم الثلاثاء الماضى.

وتتحول الغرابة إلى كارثة، لأن هذه السلطة التى تتوسع فى ممارسة التشريع تؤكد باستمرار افتقادها إلى الكفاءة اللازمة للقيام بهذا الدور، فتصدر تشريعات مشوهة دستوريا أو غير ملبية للأهداف الذى صدرت من أجلها أو حتى تسبب مشكلات أكثر مما تقدمه من حلول.

إن وجود البرلمان مهما تكن عيوبه كان سيوفر بيئة أفضل لإصدار تشريعات أقل تشوها، لأنها على الأقل ستخضع لقدر من المناقشات العلنية سواء داخل البرلمان أو عبر وسائل الإعلام بما يساهم فى الحد من هذه التشوهات. فى الوقت نفسه فإن هؤلاء الذين يروجون للاستبداد ولاستمرار انفراد الرئيس بسلطة التشريع أطول وقت ممكن بدعوى أنه لا يوجد من بين 90 مليون مصرى نحو 700 مواطن يمكنهم على الأقل ممارسة سلطة التشريع بنفس درجة السوء التى تمارسها بها السلطة التنفيذية الحالية.

إسراف الرئيس فى ممارسة سلطة التشريع إلى درجة إصدار قانون كل 4 أيام تقريبا يهدد بكارثة قانونية كبرى بعد انتخاب البرلمان الذى سيكون عليه مراجعة وإقرار أو إلغاء أكثر من 200 قانون صدرت فى غيابه منذ 30 يونيو 2013 بما يهدد بفوضى كبرى خاصة وأن الكثير من هذه القوانين رتب أوضاعا اجتماعية واقتصادية سيكون لتغييرها تداعيات كثيرة.

جوهر المشكلة هو أننا أمام سلطة تنفيذية لا تحمل التقدير الكافى للدستور نصا وروحا، فحولت الاستثناء وهو الحق المؤقت فى ممارسة التشريع فى غياب البرلمان إلى قاعدة، واعتبرت الالتزام بنصوص الدستور عند صياغة ما تريده من قوانين أمرا اختياريا فأصدرت عشرات القوانين المشوبة بعدم الدستورية، والتى لم تحسم المحكمة الدستورية مصيرها حتى الآن.

التعليقات