هل ترجع أمريكا إلى الانعزالية؟ - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 4:11 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل ترجع أمريكا إلى الانعزالية؟

نشر فى : الأربعاء 6 سبتمبر 2023 - 7:10 م | آخر تحديث : الأربعاء 6 سبتمبر 2023 - 7:10 م

شهدت المناظرة الأولى بين مرشحى الحزب الجمهورى للرئاسة انقسامات حادة بشأن السياسة الخارجية الأمريكية. فى ضوء ذلك، نشر موقع Project Syndicate مقالا للكاتب جوزيف ناى، ناقش فيه تأثير فوز مرشح جمهورى انعزالى على النظام الدولى.. نعرض من المقال ما يلى.
كشفت المناظرة الأولى بين مرشحى الحزب الجمهورى للانتخابات الرئاسية الأمريكية فى العام المقبل عن انقسامات كبيرة بشأن السياسة الخارجية، إذ بينما دافع نائب الرئيس الأمريكى السابق مايك بنس والسفيرة الأمريكية السابقة لدى الأمم المتحدة نيكى هيلى عن دعم أمريكا لأوكرانيا فى حربها ضد روسيا، أعرب حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس ورجل الأعمال فيفيك راماسوامى عن شكوكهما. كما غاب الرئيس السابق ترامب ــ المرشح الأوفر حظا بلا منازع ــ عن هذا الحدث، إلا أنه اعترض على مشاركة الولايات المتحدة فى ذلك الصراع.
يثير هذا مخاوف من أنه إذا فاز جمهورى انعزالى فى عام 2024، فقد يمثل ذلك نقطة تحول للنظام الدولى الذى تهيمن عليه الولايات المتحدة الأمريكية والذى تأسس فى نهاية الحرب العالمية الثانية.
• • •
تاريخيا، كان الرأى العام الأمريكى يتأرجح بين الانفتاح والانغلاق، وبعد أن أدرك الرئيس فرانكلين روزفلت العواقب المأساوية للانعزالية فى ثلاثينيات القرن العشرين، أطلق العملية التى بلغت ذروتها بإنشاء مؤسسات بريتون وودز فى عام 1944 والأمم المتحدة فى عام 1945، ثم أدت قرارات الرئيس هارى ترومان بعد الحرب إلى إنشاء تحالفات دائمة واستمرار الوجود العسكرى الأمريكى فى الخارج حيث استثمرت الولايات المتحدة بكثافة فى إعادة إعمار أوروبا من خلال خطة مارشال فى عام 1948 وأنشأت منظمة حلف شمال الأطلسى الناتو فى عام 1949 كما قادت تحالف الأمم المتحدة الذى قاتل فى كوريا فى عام 1950.
لكن فى الانتخابات الرئاسية عام 2016، وجد طرح ترامب بأن تحالفات ومؤسسات ما بعد عام 1945 قد أفادت الآخرين على حساب أمريكا صدى قوى بين العديد من الناخبين والناخبات، وفى واقع الأمر فإن جاذبية ترامب الشعبوية استندت إلى أكثر من مجرد الهجوم على السياسة الخارجية للولايات المتحدة حيث استغل الغضب الواسع النطاق إزاء الاضطرابات الاقتصادية الناجمة عن العولمة والركود العظيم بعد عام 2008 كما استغل التغيرات الثقافية المرتبطة بالعرق، ودور المرأة، والهوية المتعلقة بنوع الجنس والتى أدت لحدوث استقطاب، ولكن من خلال إلقاء اللوم فيما يتعلق بالمشاكل الاقتصادية على «اتفاقيات التجارة السيئة مع دول مثل المكسيك والصين وعلى المهاجرين الذين ينافسون على الوظائف»، نجح ترامب فى ربط الاستياء المحلى بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية.
• • •
يؤدى الانغلاق الأمريكى إلى شكل من أشكال الفوضى الدولية وهى تلك الفوضى التى أُبتلى بها العالم فى ثلاثينيات القرن العشرين، بينما يرى أنصار ترامب أن موقف إدارته نتج عنه استقرار أكبر فى الخارج بالإضافة إلى الدعم الداخلى، وعلى أى حال فإن انتخاب ترامب مثَّل تحولا واضحًا عن التقاليد الليبرالية.
يعتقد البعض أن صعود ترامب يعود إلى فشل النخب الليبرالية فى أن تعكس الاختيارات الأساسية للشعب الأمريكى، ولكن هذا تفسير سطحى، بالطبع هناك اتجاهات عديدة ضمن الرأى العام الأمريكى، والمجموعات النخبوية بشكل عام أكثر اهتماما بالسياسة الخارجية من عامة الناس، ومع ذلك، لدينا فكرة جيدة عن مواقف الناس فى الأزمان المختلفة.
يجرى مجلس شيكاغو للشئون العالمية منذ عام 1974 استطلاعات الرأى للشعب الأمريكى حول ما إذا كان من الأفضل لعب دور عالمى نشط أو البقاء بعيدا عن الشئون العالمية. وخلال تلك الفترة، كان ما يقرب من ثلث عامة الناس وبشكل يعكس الإيمان بتقاليد القرن التاسع عشر، انعزاليين على نحو ثابت. لقد وصل هذا الرقم إلى 41% فى عام 2014، ولكن بعكس الاعتقاد الخاطئ السائد لم يكن عام 2016 ذروة الانعزالية فى مرحلة ما بعد عام 1945، إذ فى وقت الانتخابات ذكر 64% من الشعب الأمريكى إنهم يفضلون المشاركة النشطة فى الشئون العالمية، وارتفع هذا العدد إلى 70% فى عام 2018 ــ وهو أعلى رقم مسجل منذ عام 2002.
وعلى الرغم من أن الانعزالية واسعة النطاق على غرار ما حدث فى ثلاثينيات القرن العشرين غير مرجحة إلى حد كبير، فإن العديد من المحللين ما زالوا يشعرون بالقلق من أن الفشل فى دعم أوكرانيا قد يؤشر لعودة الانغلاق الأمريكى مما قد يضعف النظام الدولى بشكل خطير. إن غزو بوتين يعتبر انتهاكا صارخا لميثاق الأمم المتحدة، وإذا انتصرت روسيا، فسيكون ذلك بمثابة تقويض للمبدأ الليبرالى الذى يحظر استخدام القوة لتغيير حدود أى بلد، وبالتالى فإن التضامن بين دول الناتو فى فرض العقوبات وتزويد أوكرانيا بالمعدات العسكرية ليس أخلاقيا فحسب، بل إنه أيضا عملى وواقعى.
• • •
إن هؤلاء الذين يزعمون أن أمريكا ليس لديها مصلحة وطنية مهمة فى مساعدة أوكرانيا يتجاهلون دروس التاريخ. إن سذاجتهم (إن لم تكن سوء نيتهم) ينبغى أن تجعلهم غير مؤهلين للترشح للرئاسة.

النص الأصلى

التعليقات