برلمان من ورق - محمد عصمت - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 6:06 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

برلمان من ورق

نشر فى : الثلاثاء 9 ديسمبر 2014 - 8:05 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 9 ديسمبر 2014 - 8:05 ص

لاعتبارات ليست خافية على أحد، من المفترض أن يكون البرلمان القادم هو الأخطر فى تاريخ مصر، ليس فقط لأنه سيكون المحطة الثالثة والأخيرة لخارطة طريق ثورة 30 يونيو التى بدأت بانتخاب السيسى رئيسا للجمهورية، ووضع دستور جديد يوازن بين السلطات ولكن أيضا لكونه يمتلك صلاحيات واسعة تكاد تجعله شريكا لرئيس الجمهورية فى الحكم، أو على الأقل لامتلاكه صلاحيات تحد من صلاحيات الرئيس شبه المطلقة، كما كان عليه الحال فى الدساتير التى تلت ثورة يوليو 52.

فطبقا للمادة 123 من الدستور يمكن للبرلمان إقرار أى قانون بموافقة ثلثى أعضائه حتى إذا اعترض عليه رئيس الجمهورية، كما تجيز للمادة 161 لمجلس النواب اقتراح سحب الثقة من رئيس الجمهورية، واجراء انتخابات رئاسية مبكرة، بناء على طلب مسبب وموقع من أغلبية أعضاء مجلس النواب، وموافقة ثلثى اعضائه.

كما أنه طبقا للمواد من 146 وحتى 150، فإن الرئيس لا يستطيع وضع السياسة العامة للدولة إلا بالاشتراك مع مجلس الوزراء ويشرفان على تنفيذها، فى نفس الوقت الذى يمتلك فيه مجلس النواب الحق فى رفض رئيس الوزراء الذى يرشحه الرئيس لتشكيل الحكومة، وهو ما يفرض على الرئيس فى هذه الحالة قبول رئيس الوزارة الذى يرشحه البرلمان، فى حين لا يستطيع الرئيس إعفاء الحكومة من أداء عملها إلا بموافقة أغلبية أعضاء البرلمان، كما لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس النواب إلا عند الضرورة، وبقرار مسبب، وبعد استفتاء الشعب، ولا يجوز حل المجلس لذات السبب الذى حل من أجله المجلس السابق.

رغم كل هذه الصلاحيات، فإن كل المؤشرات تهدد بأن البرلمان القادم سيكون مجرد «نمر من ورق»، فحتى الآن عجزت أحزابنا الكبيرة على التوصل لاتفاق حول التحالفات الانتخابية المفترض أن تشكل هوية البرلمان القادم، كما فشل سياسيونا المخضرمون فى التوفيق بين هذه الأحزاب على نسبة أعضاء كل حزب فى هذه القوائم، فى وقت تتسرب فيه أنباء عن اجتماعات سرية يعقدها كبار الفلول من قيادات الحزب الوطنى المنحل، للحصول على نصيب معتبر من كعكة هذا البرلمان!

يأتى ذلك وسط غياب شبه كامل للقوى الثورية والشبابية عن المشهد، والتى يبدو أنها تكتفى بالتنفيث عن غضبها الثورى المشروع فى معارك وهمية مع طواحين الهواء، وفى خناقاتها النخبوية مع نفسها أحيانا ومع السلطة فى أحيان أخرى، فى انفصال شبه كامل أيضا عن قواعدها الجماهيرية والشعبية المفترض أنها تتبنى رؤاها، وتعبر عن مصالحها فى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.

تحالفات وخلافات الغرف المغلقة هى كل ما يربطنا، كمجتمع قام بثورتين كبيرتين فى ثلاثة أعوام، بالانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها خلال عدة أسابيع، ولا أحد من أحزابنا العريقة ولا ائتلافاتنا الثورية من أقصى اليمين لأقصى اليسار، يبذل جهدا حقيقيا لتعريف نفسه وبرامجه لجمهور ناخبيه، الساحة خالية إلا من طيور الظلام من الفلول والقوى الفاشية لتلعب فى عقول وبطون الفقراء، من أجل استعادة أرضها التى فقدتها بعد يناير 2011، وكأنه لا ثورة قامت ولا شعب انتفض على الظلم والقهر والاستبداد!

انتخابات برلمان فى أى بلد فى العالم هى الموسم السياسى الساخن الذى تتصارع فيه كل القوى لعرض برامجها، والاتصال المباشر بجماهيرها، ومع ذلك فإن البرودة التى تحيط بموسمنا الانتخابى، سوف يعقبها، إذا استمرت، زلازل وبراكين قد لا يستطيع أحد كبح جماحها، ولا السيطرة على آثارها المدمرة.. لا من اليسار ولا اليمين ولا أى من مؤسسات الدولة أيا كانت قوتها وعدتها وعتادها!

محمد عصمت كاتب صحفي