خريطة للشباب - سامح فوزي - بوابة الشروق
الإثنين 2 ديسمبر 2024 7:57 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خريطة للشباب

نشر فى : الثلاثاء 10 أكتوبر 2017 - 9:05 م | آخر تحديث : الثلاثاء 10 أكتوبر 2017 - 9:05 م
أعود مكررا ما سبق أن ذكرته أن المجتمع يعانى أزمة بحث اجتماعى. الظواهر التى تحدث حولنا لا تجد من يدرسها، وإذا انشغل بها البعض نجده يقدم سرديات عامة دون أبحاث تشخيصية، وتحليلية، يمكن الإفادة منها فى معرفة ماذا يحدث فى المجتمع. أعرف أن البعض يقول إن الإمكانيات ضعيفة، والبحث الاجتماعى يحتاج إلى نفقات، والميزانيات فى انكماش، وآخرها الموازنة العامة التى لم تلب النصوص الدستورية فى التعليم والبحث العلمى. ولكن كل ذلك على الرغم من أهميته لا يبرر الفقر الفكرى، وضعف القدرات البحثية، وغياب التشخيص الاجتماعى لما يجرى فى المجتمع.

احتفال الشباب مساء الأحد الماضى بصعود المنتخب القومى لنهائيات كأس العالم يقدم مشهدا اجتماعيا يحتاج إلى تحليل. عشرات الآلاف من الشباب تدفقوا إلى الشوارع والميادين فى احتفال اختلط فيه الفرح بالانفعال، الشعور بالسعادة بالعشوائية، وصل الأمر إلى إغلاق الشوارع، وإطلاق الألعاب النارية والشماريخ، والرقص، وخلع الملابس، وإطلاق الهتافات من كل لون وشكل. 

البعض رأى فى المشهد طعم 25 يناير 2011م حيث خرج الشباب من كل الخلفيات الاجتماعية والثقافية إلى الميادين يلتفون حول شعارات واحدة.. وآخرون رأوا أن الشباب موجود فى المشهد حتى وإن توارى، وأن الحديث عن الانصراف الكامل للشباب الذى انتهت إليه بعض التحليلات المتسرعة لا معنى له. 

هذه الطاقة الهادرة من الشباب، حديث السن، غالبية السكان المائة مليون بالمناسبة، لا أعرف خريطة اجتماعية لهم. ما هى خصائصهم، تكويناتهم، أفكارهم، أهدافهم، تطلعاتهم، الخ، لا أريد انطباعات، ولكن أبحث عن معلومات تستند إلى بحث اجتماعى جاد. غياب هذه الخريطة البحثية يعنى ببساطة عدم وجود سياسات عامة للتعامل مع الشباب، وإن وجدت سياسات قائمة فقد لا تكون هى الأفضل استنادا إلى غياب المعلومات التى يمكن الاعتماد عليها. 

الشباب خرجوا اليوم احتفالا بانتصار كروى، هذا وجه للعملة، ولكن الوجه الآخر أن الشأن العام لا يزال فى أذهانهم. هذه هى المعضلة. هل هناك خطط جادة لإدماج هذه الشرائح الشابة فى السياسات العامة، بحيث تكون «طاقة تنمية» وليست «طاقة قلق» أو «طاقة غضب»؟ هل يمكن توجيه الحالة الشبابية بما يدعم البناء والمشاركة، ولاسيما أن الشباب الذين خرجوا، وهى مسألة تحتاج إلى دراسة، قد يكونوا خارج أى برنامج حكومى أو خطط قائمة؟

إِشارات الأحد الماضى من استاد برج العرب إلى شوارع مصر تكشف بجلاء أن هناك كتلة شبابية هادرة تحتاج إلى خريطة اجتماعية فيها تصنيف، وتحليل، ورصد اتجاهات، ووضع سياسات وبرامج من الواقع.

 

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات