عندما شاهدت فيلم «ليلة لا تنسى»، إخراج وتمثيل حسن يوسف 1978 ومن تأليف صبرى عزت، لم أتصور أن كاتب السيناريو قد حاول عمل فيلم رومانسى مأخوذ من الرواية البريطانية المعروفة جامع الفراشات التى أخرجها للسينما ويليام ويلر 1965، ولكننى فى مشاهدات أخرى لم أستكمل رؤية الفيلم، وفى آخر مرة تابعت الفيلم اكتشفت من جديد الأساليب التى يتبعها كتاب السيناريو مع النصوص التى يقتبسون منها، الفيلم البريطانى لا يوجد به سوى فردين فقط طوال الأحداث ولا يوجد فيلم مصرى يتسع لمثل هذا العدد ولذا فإن أى كاتب سيناريو يأتى بمحور الفيلم ويبدأ فى صياغة حواديت إضافية كثيرة وإضافة شخصيات أخرى كى تكمل الوجبة التجارية، تدور أحداث الفيلم البريطانى حول شاب يهودى جمع الفراشات ويقوم بوضعها فى برطمان به سم قاتل قبل أن يضع كل حشرة فى إطار مجموعة من الحشرات تتبع نفس النوعية، وكما أن هذا الشاب قام من قبل باختطاف الفتاة تلو الأخرى، وحبسها فى منزله البعيد أسوة بالفراشات ويفرض عليها عواطفه وغالبا ما تتحول الفتاة المخطوفة من المقاومة إلى الرضوخ لمشاعره العاطفية، وفى الفيلم فإن الفتاة حاولت الهرب أكثر من مرة وكان الشاب مليئا بالحنان عليها وعندما مرضت راح يسعى لعلاجها إلا أن صدرها ضاق عليها وماتت وقام بدفنها، وفى المشهد الأخير من الفيلم فإن الفتى راح يتتبع فتاة جديدة ويترقبها تمهيدا لخطفها وهكذا تدور الدائرة.
كان لدينا فى الفيلم المصرى «ليلى» التى صدمت بقوة فى وفاة حبيبها قبل اقترانهما بعد أيام فأصابتها حالة نفسية أدت إلى انهيارها، ولم يكن أمام أسرتها سوى إرسالها إلى أسوان للاستشفاء وقبل أن تعود إلى القاهرة شاهدت جريمة، وقامت بإبلاغ الشرطة عن القاتل، وأبدت استعدادها للشهادة أمام المحكمة وتفاجأت بعد شهر باستدعاء لها كى تسافر إلى أسوان للشهادة وفى مطار القاهرة قابلها شاب يدعى سمير الذى أبلغها أنه ضابط مباحث وظيفته حمايتها فى المقام الأول وفى أسوان لم تجد أحدًا ينتظرها، وقام سمير بمصاحبتها بسيارته إلى مكان بعيد عن المدينة وهناك أبلغها أنها فى ضيافته حتى تنتهى جلسة المحاكمة والشهادة وهنا فقط بدا الفيلم الأجنبى واضحا فى «ليلة لا تنسى» حيث إننا أمام رجل وامرأة فى مكان معزول من الصعب الوصول إليهم وسرعان ما فهمت الفتاة أن المقاومة لن تجدى وأن الشاب الذى اختطفها يحتاج مثلها إلى علاج عصبى لأنه أيضا مر بتجربة عاطفية بعد أن لفظته الراقصة التى يحبها عقب أن استهلكت منه كل أمواله وهو ابن الناس الأكابر وفى مشاهد متلاحقة فإن التقارب يحدث بين الشاب وبين ليلى التى تفهم وتتعاطف مع ظروف الشاب الذى لم يكن أبدا جامع فراشات ولم يمارس مثل هذه الجرائم من قبل وتتلاحق الأحداث وتعلن له أنها قد شفيت من حالتها النفسية وسرعان ما يقوم سمير بالدفاع عنها وتهريبها لتكون شاهدة له فى جريمة القتل.
تذكرنى أحداث الفيلم بكريكاتير نشر فى مجلة «صباح الخير» فى تلك الفترة حيث زادت عملية اختطاف البنات وفى المشهد فإن فتاة جميلة تعلن لجارتها بمنتهى السعادة: أيوة أنا مخطوفة وسعيدة مع خاطفى. هذا فيلم من الأعمال الجادة جدا التى اجتهد فيها حسن يوسف عن إخراج الأفلام الكوميدية وأيضا عن زوجته شمس البارودى التى شاركته أغلب أعماله الأخيرة.