اصطحبوا أولادكم لفيلم «الممر» - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 5:15 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

اصطحبوا أولادكم لفيلم «الممر»

نشر فى : الخميس 13 يونيو 2019 - 10:40 م | آخر تحديث : الخميس 13 يونيو 2019 - 10:40 م

حينما انتهيت من مشاهدة فيلم «الممر» تمنيت أن يتمكن كل أب وأم وأسرة من اصطحاب أطفالهم إلى دور السينما لمشاهدة هذا الفيلم، حتى نعلِّم أولادنا من هو العدو، ومن هو الصديق، فى وقت اختلطت فيه كل الأوراق وتبعثرت.

مساء الإثنين الماضى شاهدت الفيلم بدعوة كريمة من إدارة الشئون المعنوية للقوات المسلحة، فى عرض خاص بصحبة العديد من الزملاء الصحفيين والكتاب والإعلاميين، وبعض الممثلين نجوم الفيلم فى قاعة المنارة.

مرة أخرى فإن السطور التالية ليست قراءة نقدية متخصصة للفيلم، فهذا مجال له رواده، بل انطباعات مشاهد مهموم بمعركة إعادة الوعى لغالبية المصريين خصوصا جيل الشباب، الذى يجهل بعضهم من هى إسرائيل وماذا تعنى؟!، بل إنهم لا يعرفون عن أكتوبر إلا أنها مدينة فى الجيزة أو كوبرى فى القاهرة الكبرى، أو أحد شهور السنة، وليست باعتبارها أشرف وأهم معركة انتصرت فيها مصر على عدوها الاستراتيجى فى أكتوبر ١٩٧٣ بعد هزيمة مريرة فى يونيو ١٩٦٧.

غالبية الأجيال الجديدة لا تعرف من هم الأعداء أو الأصدقاء الفعليين لنا، هى أجيال معذورة تماما لأن من ولد فى أكتوبر ١٩٧٣، وما بعدها صار عمره الآن ٤٦ سنة، فى حين أن من حارب فى المعركة أو كان عمره وقتها ثلاثين عاما، عمره الآن ٧٦ عاما.

القضية لا تتعلق فقط بالأعمار، فكل التلاميذ فى اليابان يزورون متحف هيروشيما، ويعرفون عن تاريخ بلادهم الكثير، والأمر نفسه يتكرر فى أمم كثيرة تحرص على صيانة ذاكرتها الوطنية، حتى لا تمكن الأعداء من اختراق مناعتها القومية.

المشكلة الحقيقية أن الأجيال الجديدة لم تجد من يعلمها أو يعيد إليها الوعى، أو يشرح لها تاريخها ومعاركها الكبرى.

من هذه الزاوية تحديدا لا يمكننا إلا أن نوجه التحية الكبيرة لكل من ساهم فى إخراج هذا الفيلم للنور، من أول المنتج هشام عبدالخالق، إلى المؤلف والمخرج الكبير شريف عرفة، مرورا بإدارة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة، التى قدمت دعما كبيرا خصوصا اللوجيسيتى، وأشرفت على المحتوى العسكرى، مما ساعد فى توفير تكلفة الإنتاج بصورة كبيرة.

معظم أولادنا الصغار لا يشاهدون الفضائيات التى نشاهدها، ولا يقرأون الصحف التى نقرأها. يشاهدون فضائيات أجنبية للأفلام أو البرامج، أو فيديوهات على اليوتيوب، وبعضهم يشاهد قنوات معارضة من الخارج تبث أفكارا ضالة ومضللة، ولا نستطيع أن نلومهم، لأننا نحن من عجزنا عن تقديم أى نماذج إعلامية أو فنية جذابة لهم.

اليوم تستطيع كل الأسر اصطحاب أولادها لمشاهدة الفيلم، ولن يخسروا شيئا، بل سيكسبون الكثير.

الشباب الصغير سيعيد اكتشاف بلده وبطولات شعبه وجيشه خلال المواجهة المستمرة مع إسرائيل، والتى لم تتوقف منذ بدء الصراع مع النكبة الكبرى عام ١٩٤٨، وحتى هذه اللحظة، رغم كل مظاهر الود الذائفة فى العلاقات الرسمية بين الحكومتين، منذ زيارة أنور السادات للقدس فى نوفمبر ١٩٧٧، مرورا باتفاق كامب ديفيد فى سبتمبر ١٩٧٨، نهاية باتفاقية السلام فى مارس ١٩٧٩.

من الواضح أن المناهج الدراسية لم تستطيع أن تربط التلاميذ والطلاب بتاريخ الصراع وتطوراته، لكن يمكن للفن خصوصا السينما والدراما، أن يلعب دورا محوريا فى هذا الصدد، وعلينا أن نتذكر الدور المهم والخطير الذى لعبه مسلسل واحد هو «رأفت الهجان» فى زيادة الوعى والمناعة الوطنية للمصريين تجاه عدوهم الرئيسى.

والسؤال إذا كان فيلم أو مسلسل يمكن أن يلعب هذا الدور المؤثر، فلماذا نتكاسل عن إنتاج المزيد من هذه الأعمال المتميزة، خصوصا أننا نهدر أموالا بلا حساب على أشياء ليست جوهرية؟!!.

قدر مصر أنها تحارب أكثر من عدو، وعلى أكثر من جبهة فى وقت واحد. نعم نحن نواجه فيروس الإرهاب الذى نجح فى غسل عقول قلة من شبابنا. سنقضى على هذا الفيروس آجلا أو عاجلا. لكن أمامنا مهمة كبرى تتمثل فى توعية شبابنا الصغير، فى أن هناك عدوا استراتيجيا يحتل فلسطين، وإن صراعنا معه صراع وجود وليس حدود.

أعرف جيدا الواقع المر والموازين الإقليمية والدولية الدقيقة. وأدرب نفسى ألا أكون حنجوريا، لكن أيقن بأنه طال الزمن أو قصر فإن وجود إسرائيل خطر على الأمة العربية بأكملها، وأدرك أيضا أن معركتنا الكبرى ليست عسكرية فقط، ولكى نتفوق على عدونا نحتاج لبناء قوة شاملة، حينما نفعل ذلك، لن نحتاج إلى معركة عسكرية، بل سنكسبها من دون إطلاق رصاصة واحدة.

نحتاج أن ننقل كل ذلك إلى الشباب الصغير، فكيف نفعل ذلك؟!.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي