الزيادة السكانية.. إلى أين؟! - جورج إسحق - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 10:32 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الزيادة السكانية.. إلى أين؟!

نشر فى : الثلاثاء 16 فبراير 2021 - 7:10 م | آخر تحديث : الثلاثاء 16 فبراير 2021 - 7:10 م

فجأة انشغلت مصر كلها بمشكلة زيادة عدد السكان... هل زاد عدد السكان فى غفلة من الزمن؟ أم أن الزيادة كانت معروفة ولم يعرها أحد اهتماما؟
فى الثمانينات كانت مصر تمتلك نظاما فعالا لعملية تنظيم الأسرة فى كل قرى مصر ومدنها، كان فى القرية وحدة لتنظيم الأسرة، هى الآن فارغة تماما من أى جهد. والقاهرة تمثل أكبر نسبة سكان فى مصر حيث يسكنها 24 مليون نسمة إلى جانب من يأتى إليها صباحا ويغادرها مساء. بنظرة بسيطة على الأسواق نشهد كم الناس المتواجدين بكثافة غير مسبوقة.. هل نفيق أخيرا ونتنبه إلى هذه الحالة التى فى ازدياد؟ ألم يشعر أحد أن عدد سكان مصر أصبح 102 مليون نسمة ونصف! من أين جاءت الزيادة؟! فإن معدل المواليد فى مصر اليوم 4 إلى جانب انخفاض معدل الوفيات.
***
الآن يجب أن نتحرك جميعا حكومة ومجتمع مدنى لمواجهة هذه الزيادة الخطرة التى بسببها تتآكل معظم مشاريع التنمية. وهناك عدة أسباب، فمثلا انخفاض نسبة النساء اللاتى يستخدمن موانع الحمل أو قصة الزواج المبكر التى يجب أن توضع القوانين المغلظة للحد منها، والفكرة التى يرددها عوام الناس أن العزوة فى الأبناء وأنهم سوف يساعدونهم فى المعيشة بتشغيلهم وهم صغار السن.
قد كشفت جائحة كورونا احتياج مصر لخفض هذه الزيادة، وأن الإمكانيات الصحية معيقة لذلك برغم كل ما يبذل من جهد.. لذلك هل تستطيع الحكومة مع منظمات العمل الأهلى أن تعيد فتح مراكز تنظيم الأسرة وتوفر الأدوات والوسائل التى يمكن أن توجه النساء نحو عدم الإكثار من الإنجاب وتوعيتهن بمخاطر ذلك الدائمة على صحتهن.. فبدون التوعية والإقناع لا يمكن أن نتقدم فى هذا المجال، إلى جانب التوعية أيضا بارتفاع معدلات الأمية، خاصة بين النساء.
الأمر لا يقع على كاهل النساء فقط، بل يجب إشراك الرجال وتوعيتهم فى محاولة الحد من هذه الزيادة... ويظل من غرائب القول أن الأغنياء هم الذين يحافظون على الأسر قليلة العدد... وبالرغم من أن الوفيات فى الأطفال انخفضت من 116 فى ألف عام 1970 إلى 29 فى الألف عام 1998، إلا أن الزيادة السكانية مازالت كبيرة ويجب أن يشارك الجميع ويفهم كيف تؤثر الزيادة السكانية على الدخل القومى الذى يؤدى إلى انخفاض الدخل الفردى، وأعتقد أن الفئة المستهدفة الآن هم الشباب حيث نرجو من الجيل الجديد أن يتنبه على خطورة الزيادة السكانية.
***
هل زيادة السكان نقمة أم نعمة؟ هل نستطيع أن نستفيد من هذه الزيادة بتوجيه مزيد من الدعم والاهتمام للمرأة المعيلة وتوفير الدعم الاجتماعى والاقتصادى لها ورفع كفاءة العاملين بالعمل الصحى على جميع المستويات وإدراج برامج الصحة الإيجابية وتدعيم نظام طب الأسرة؟! فإلى جانب ذلك ما يزيد المشكلة تعقيدا أن هناك 5 ملايين لاجئ فى مصر. ومصر كدولة ملزمة برعايتهم صحيا والعمل على منع زيادة السكان بينهم.
من المعوقات أيضا أن المساحة المنزرعة فى مصر تآكلت من 6.4 مليون فدان سنة 2001 إلى 6.1 مليون فدان سنة 2016، وبالنسبة للمياه فى 2020 وصل نصيب الفرد إلى 555 متر مكعب.. ماذا سوف يحدث بعد قيام سد النهضة؟
من الدراسات المهمة أن النمو الاقتصادى ينبغى أن يكون ثلاثة أضعاف معدل النمو السكانى، ولكن الوضع الآن أن نسبة النمو الفعلى ماتزال بعيدة عن النسبة المطلوبة. يعود ذلك إلى أن المواليد الجدد يلتهمون هذه الزيادة بدلا من استثمارها فى القطاعات التى تولد الثروة اللازمة لتحديث نظم التعليم والبحث العلمى والبنية التحتية. إلى جانب ارتفاع نسبة البطالة فى صفوف الشباب، وكلما زاد عدد السكان كلما تم التوسع العمرانى على ما تبقى من الأراضى الزراعية. وبذلك لا تستطيع الدولة توفير الخدمات لكل هذا العدد من السكان فى جميع المجالات مثل التعليم والصحة وغيرهم.
***
من الآثار السلبية لزيادة عدد السكان قلة عدد المستشفيات، تكدس التلاميذ فى الفصول، وعدم استطاعة الدولة توفير الدواء بكميات كبيرة. ونسمع جميعا عن مطالبة المستشفيات من المرضى بشراء الدواء. فالمشكلة متشابكة تتطلب التدخل لعدم انتشار الأمراض وزيادة نسبة المخلفات وانتشار القمامة، الذى يؤدى إلى انتشار الأمراض أيضا!
المطلوب الآن أننا لا نريد أن نسمع كلمات مثل الحوكمة وخلافها لأنها كلمات لم نرَ أثرها على خدمة الناس. ولذلك المطلوب هو وضع برنامج زمنى محدد... نحن لا نملك عصا سحرية ولكن بالعلم والتوثيق نستطيع أن نرصد كل أماكن تنظيم النسل فى الدولة وفحص ما تتطلبه فتح هذه الأماكن وتوفير المواد المستخدمة لتحديد النسل ووضع الموازنة لها وتوعية المرأة المصرية. ويجب إشراك العمل الأهلى فى هذه القصة، لأن إذا لم نتنبه لقصة تحديد النسل فى هذه الأوقات سوف نتعرض لآثار سيئة كثيرة يدفع ثمنها المواطن العادى... فهل نسمع قريبا عن هذا الجدول الزمني؟ أنا أعلم أن وزارة الصحة محملة بأعباء كبيرة وخاصة فى زمن الكورونا ولذلك يجب أن تساعدها منظمات العمل الأهلى فى إنجاز العمل الآخر لحماية مصر من الآثار السلبية لزيادة عدد السكان.
نريد أن نرى التعاون الجاد بين وزارة الصحة ومنظمات العمل الأهلى، فهناك من الجمعيات الأهلية التى تستطيع العمل بأقاصى الجمهورية، وخاصة الصعيد الذى ينتشر به ثقافة العزوة، حيث تستطيع هذه الجمعيات إقناع السيدات بتحديد النسل وتوطيد العلاقات مع أهالى القرى وإنشاء مراكز تنظيم الأسرة، وبالتالى التأثير بشكل إيجابى فى هذه المجتمعات.
مدوا أيديكم جميعا لمواجهة ما نتعرض له من خطر.
هل نستطيع؟ نعم نستطيع، بالجهد والمثابرة والاقتناع بما نقوله.

جورج إسحق  مسئول الاعلام بالامانة العامة للمدراس الكاثوليكية
التعليقات