بداية، يعتقد الكاتب أن المجموعة التى تحث الرئيس ترامب على سحق الآمال الفلسطينية فى إقامة دولة ليست هى المجتمع اليهودى بل هى المسيحيون الإنجيليون.
قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ذات مرة، فى مؤتمر «المسيحيون المتحدون من أجل إسرائيل»، الذى يبلغ عدد أعضائه 10 ملايين عضو، وهو ضعف حجم لجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية (أيباك): « ليس لدينا أصدقاء أعظم من المؤيدين المسيحيين لإسرائيل».
فى هذا السياق، يشير الكاتب إلى دعوة قادة إنجيليين البيت الأبيض إلى «رفض جميع الجهود» الرامية إلى تقييد السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية، على حد تعبير مجموعة تُدعى «القادة المسيحيون الأمريكيون من أجل إسرائيل». وكثيرًا ما يستشهد هؤلاء الإنجيليون بالله والكتاب المقدس كمرجعين لموقفهم الداعى إلى ضم إسرائيل للأراضى الفلسطينية.
مثال آخر، أيد سفير ترامب لدى إسرائيل، مايك هاكابى، وهو قس معمدانى وحاكم سابق لولاية أركنساس، ضم إسرائيل للضفة الغربية وقال: «لا يوجد حقًا شىء اسمه فلسطينى».
زار الكاتب بيت لحم لمعرفة رأى مسيحيى فلسطين إزاء حماسة بعض مسيحيي أمريكا لسحق الشعب الفلسطيني.
هل نشعر بالخيانة؟ تساءل مترى الراهب، وهو قس فلسطينى لوثرى ورئيس جامعة دار الكلمة، ومِثل العديد من المسيحيين الفلسطينيين، يعارض الضم: «نعم، إلى حد ما. للأسف، هذا ليس بجديد علينا».
يقول الكاتب إن أقل من 2% من فلسطينيى الضفة الغربية اليوم مسيحيون، لكنهم أقلية مؤثرة تعانى من مصادرة الأراضى والمصاعب نفسها التى تعانى منها الأغلبية المسلمة. فى هذا الصدد، التقى كاتب المقال، فى وادى المخرور قرب بيت لحم، بأليس كيسيا، البالغة من العمر 30 عامًا، وهى من عائلة مسيحية عريقة.
قالت كيسيا إنها تعرضت لاعتداء جسدى من قبل مستوطنين إسرائيليين، وأن مطعم عائلتها هُدم أربع مرات، وأن الحكومة الإسرائيلية أجبرتها أخيرًا على مغادرة أرضها العام الماضى. وأشارت أيضًا إلى المكان الذى هدمت فيه السلطات الإسرائيلية كنيسة خشبية بنتها عائلتها، على حد قولها.
فما رأيها إذن فى هؤلاء القادة المسيحيين الأمريكيين؟
أضافت كيسيا: «دعوهم يأتون ويعيشون هنا لعلهم يتمكنون من التعامل مع المستوطنين».
يقول داود كُتّاب، الكاتب المسيحى الفلسطينى ومؤلف كتاب «دولة فلسطين الآن»، إن المسيحيين الأمريكيين اليمينيين المتطرفين أحرجوا المسيحيين الذين يعيشون فى الأرض المقدسة.
وأضاف كُتّاب: "عندما يتم استخدام الكتاب المقدس لتبرير سرقة الأراضى وجرائم الحرب ضد المدنيين، فإنه يضع المؤمنين فى موقف حرج».
يرى كاتب المقال أن التحالف المسيحى اليهودى اليمينى المتطرف محرجا بالنسبة لنتنياهو نفسه، لأن بعض الإنجيليين يؤسسون دعمهم للسياسات الإسرائيلية المتشددة على فكرة أنهم يعززون نهاية الأيام التوراتية، عندما سيذهبون إلى الجنة- ولكن فى نظرهم، فإن اليهود يخاطرون بإرسالهم إلى الجحيم.
خلاصة القول، يرى كاتب المقال أن الزعماء المسيحيين الأميركيين عملوا بامتياز من أجل الدفاع عن الحرية الدينية فى جميع أنحاء العالم، من الصين إلى أذربيجان- ولكن الصمت ساد عندما تعلق الأمر بقمع إخوانهم المسيحيين فى الأرض المقدسة.
لكن يؤكد الكاتب على تنوع آراء المسيحيين بقدر تنوع اليهود والمسلمين: فالاختلافات الأبرز ليست بين الأديان، بل بين المعتدلين والمتشددين من جميع الأديان. فمثلما هناك متشددين دينيا يحثون على قمع الشعب الفلسطيني، على الجانب الآخر يتطوع بعض المسيحيين الأمريكيين والأوروبيين بانتظام فى «خيمة الأمم»، مشروع يهدف إلى التعايش ودعم السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لردع عنف المستوطنين.
نيكولاس كريستوف
جريدة «The new York times»
ترجمة وتحرير: وفاء هانى عمر
النص الأصلى:
https://tinyurl.com/2kvw2wkc