البرازيل.. لماذا أنشيلوتى؟ (3 - 3) - حسن المستكاوي - بوابة الشروق
الأحد 18 مايو 2025 2:37 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

البرازيل.. لماذا أنشيلوتى؟ (3 - 3)

نشر فى : السبت 17 مايو 2025 - 8:50 م | آخر تحديث : السبت 17 مايو 2025 - 8:50 م

** أثناء بطولة كأس القارات 2005 كان فرانز بيكنباور يعلق على المباريات لإذاعة «تست دى إف» الألمانية مع يورجن كلوب، مدرب فريق ماينتس فى ذلك الوقت، والتفت كلوب إلى بيكنباور، وسأله: «فرانز كان صريحًا.. هل لا يزال البرازيليون يلعبون بالطريقة البرازيلية؟».
أجاب بيكنباور سريعًا: «هؤلاء البرازيليون يلعبون بالطريقة الأوروبية أكثر مما يفعل اليونانيون»•
** كانت تلك الفترة امتدادًا لفكرة الدفاع البرازيلى كحل لعودة الانتصارات بدلًا من اللعب بحرية كاملة، والبداية كانت كما أشرنا مع دونجا عام 1994، ومنذ ذاك الوقت تغيرمنتخب البرازيل. لم يعد كثير التحضير، يتبادل الكرة بعرض الملعب بحثًا عن ثقب فى دفاع المنافس، ولم يعد الفريق يلعب الكرة الاستعراضية، التى يعرض فيها اللاعبون مهاراتهم فى محاولة لإبهار المتفرجين وانتزاع آهات الإعجاب. الفريق يلعب باستحكامات دفاعية، ويستخدم التمرير الطويل والعميق والدقيق لقطع المسافة، واختراق الدفاع المضاد فجأة فى زمن قصير، وبتلك الفسلفة فاز بكأس كوبا أمريكا عام 2007.
** فى كأس العالم 2010، كانت مباراة البرازيل وتشيلى «أقوى معركة تكتيكية فى المونديال»، بين المدربين دونجا ومارسيلو بيلسا. كانت صراعًا على امتلاك الكرة، وعلى المساحة، وعلى صناعة الثغرات، وعلى الاختراق. وبأسلوبين مختلفين. أسلوب برازيلى شديد الحذر والتوازن والدهاء، ويعتمد على المهاراوالخبرات. وأسلوب هجومى شجاع، سريع، مصحوبًا بحركة كثيرة، تبدو فى بعض الأحيان بلا فائدة؟!
** كان الدفاع البرازيلى محكمًا وجيدًا ومنظمًا وفى خط الوسط تحديدا الذى كان «البنتاجون» بالنسبة للفريق، (مبنى وزارة الدفاع الأمريكية، وهو أيضًا إشارة إلى البناء الخماسى)، وهذا يساوى الخط المكون من خمسة لاعبين، وبناه دونجا فى وسط الفريق البرازيلى. ومع ذلك فيما بعد فى عام 2012. اختير المنتخب الإسبانى فى تقرير لصحيفة ديلى إكسبريس البريطانية ضمن قائمة أفضل المنتخبات فى تاريخ كرة القدم من واقع الأداء والإنجازات، خاصة أنه أول منتخب يفوز بثلاث بطولات كبرى على التوالى وهى كأس الأمم 2008، ثم كأس العالم 2010، ثم كأس الأمم 2012 وضمت القائمة منتخبات البرازيل، والمجر، وألمانيا الغربية، وأضيف هنا هولندا 1974، التى قدمت الكرة الشاملة والأرجنتين 1986.. التى أبدع منها مارادونا وأحيا فكرة الموهبة العبقرية الفذة.
** صحيفة ديلى ميل أجرت مقارنة أخرى بين منتخبى البرازيل 1970 وإسبانيا 2012، واستندت على أرقام. فالفريق الإسبانى ملك التمرير، والبرازيل امتلك المواهب الفردية بلغة ومفهوم عصره. مواهب قادرة على حل المواقف بالمرواغة والتمويه وإبداع اللحظة بالجسد. وهذا يختلف عن موهبة هذا العصر ومفهومها. فهى رؤية الملعب وسرعة التصرف والتحرك والجرى بالكرة أو دونها، والمساندة. والاختراق فى أضيق المساحات..
** منتخب البرازيل بطل العالم 1970 لم يكن به لاعب واحد مرر 400 تمريرة خلال البطولة كلها، بينما نصف الفريق الإسبانى نجح كل لاعب منهم فى تمرير أكثر من 400 تمريرة خلال كاس الأمم. وكان مجموع تمريرات منتخب البرازيل فى 1970 وصل إلى 2450 تمريرة، بينما قام منتخب إسبانيا بتمرير 4317 تمريرة. لكن نقف عند نقطة مهمة، فعندما أراد النجم البرازيلى كاكا اللعب فى أوروبا مع ميلان، استعان بمدرب لياقة بدنية، فقد أدرك أن اللياقة باتت من أهم أسلحة لاعبى أوروبا.
** إن قوة أى فريق الآن لايمكن اختصارها فى مهارات فردية واحدة أو تكتيك واحد أو فى اللياقة البدنية وحدها، وإنما قوة الفريق تجمع كل هذا وأكثر، تجمع سرعات، وتنوع فى التكتيك، والبناء من الخلف، والهجوم الكاسح والدفاع السريع. من أجل هذا استعانت البرازيل بالمدرب الإيطالى كارلو أنشيلوتى. ليس فقط كى يسترد المنتخب شخصيته ويلعب بحرية مطلقة، وإنما هو مطالب ببناء شخصية فريق يلعب كرة حديثة، بما فيها من مهارات إبداعية وأدوار شاقة جدًا على اللاعبين؟

حسن المستكاوي كاتب صحفي بارز وناقد رياضي لامع يعد قلمه وكتاباته علامة حقيقية من علامات النقد الرياضي على الصعيد العربي بصفة عامة والمصري بصفة خاصة ، واشتهر بكتاباته القيمة والرشيقة في مقالته اليومية بالأهرام على مدى سنوات طويلة تحت عنوان ولنا ملاحظة ، كما أنه محلل متميز للمباريات الرياضية والأحداث البارزة في عالم الرياضة ، وله أيضا كتابات أخرى خارج إطار الرياضة ، وهو أيضا مقدم برنامج صالون المستكاوي في قناة مودرن سبورت ، وهو أيضا نجل شيخ النقاد الرياضيين ، الراحل نجيب المستكاوي.