قبل زيارة وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو إلى المملكة العربية السعودية أمس، نشرت مؤسسة كارنيجى مقالا للكاتبة ياسمين فاروق ــ المتخصصة فى العلاقات الدولية ــ حول الموضوعات التى ينبغى تناولها فى هذه الزيارة، مشيرة إلى أهمية سد الفجوة فى توقعات كلتا البلدين نحو بعضهما البعض... نعرض من المقال ما يلى:
جاءت زيارة وزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو إلى المملكة العربية السعودية بعد أسبوع من احتفال الحكومتين بالذكرى الخامسة والسبعين للقاء الأول بين رئيسى دولتيهما. على الرغم من أن السرد الرسمى يصور الجانبين كحلفاء أقوياء صامدين، إلا أن الوقت قد حان للمسئولين الأمريكيين والسعوديين للحديث عما حدث من تدهور لهذه العلاقة.
حاليا، يتم تناول اجتماع 1945 التاريخى بشكل مختلف فى البلدين. فنرى إشادة إحدى الصحف السعودية مؤخرًا بهذه المناسبة المهمة كتذكير «بعلاقة لا مثيل لها»، أما على الجانب الآخر لقد صرح خبير بارز فى واشنطن من أن «العلاقة فى تراجع، وربما تنتهى، وتحتاج إلى إعادة صياغة». تعكس هذه الآراء المتضاربة فجوة بين توقعات واشنطن والرياض بشأن علاقتهما. إذا لم تُسد هذه الفجوة، ستظل العلاقات الأمريكية السعودية فى خطر.
لطالما نظرت إدارة الرئيس دونالد ترامب للعلاقة مع المملكة العربية السعودية كصفقة. توقع ترامب أن تقود السعودية عملية إعادة ترتيب الجغرافيا السياسية فى الشرق الأوسط، ممهدة لتقليص الوجود الأمريكى فى المنطقة. فى المقابل، تحصل الرياض على دعم واشنطن السياسى غير المشروط.. تضيف الباحثة ياسمين فاروق أن هذا الدعم السياسى من جانب واشنطن كان يشمل إعادة ترتيب المشاركة النشطة للسعودية فى إدارة النزاعات الإقليمية مثل اليمن ودعم لحملة الولايات الأمريكية فى «الضغط الأقصى» على إيران.
ومع ذلك، لا تستطيع المملكة العربية السعودية، ولم تنجح، فى مساعدة الولايات المتحدة على الوصول إلى تلك الأهداف. فى الواقع، لم يعد واضحًا ما إذا كانت الرياض تسير وفقا لما تريده الولايات المتحدة. أصبحت المملكة فى محل انتقاد من جانب الحزبين الجمهورى والديمقراطى وتدقيق من جانب الإعلام الأمريكى بسبب ما تنتهجه من سياسات، مما جعل العلاقة مهددة وخاصة فى ظل وجود رئيس معروف عنه ضجره من قضايا الشرق الأوسط والأصدقاء المعتمدين على الولايات المتحدة.
توقعت المملكة العربية السعودية، كجزء من دعمها السياسى غير المشروط للولايات المتحدة، أن تُعامَل كحليف قوى. توقع ولى العهد السعودى، محمد بن سلمان، أن يحدث تنسيق قوى بين السياسة الأمريكية والسعودية وأن تحصل الرياض على الدعم العسكرى الأمريكى الذى يمكنها من تنفيذ جدول أعمال مشترك بين الجانبين.. ولكن هذا لم يحدث.
وتضيف الباحثة أن إدارة ترامب لم تدعم مقاطعة المملكة العربية السعودية لقطر، أو تحقيق مطالبها بالتزام رسمى بالدفاع عن المملكة (مثل دفاع منظمة حلف شمال الأطلسى)، أو ردة فعل عسكرية أمريكية على الهجوم الإيرانى على البنية التحتية النفطية السعودية. فى الواقع، أوضح ترامب أن الدعم الأمريكى للسعودية هو صفقة، وأن واشنطن لم تعد بحاجة إلى نفط الرياض، وأنه مهتم فقط بأموال المملكة.
على الرغم من تعزيز نظام الدفاع السعودى، إلا أن إدارة ترامب تواصل تنفيذ استراتيجية «أمريكا أولا» تجاه إيران والتى تتوافق مع طريقة تعامل ترامب المعتادة مع حلفاء الولايات المتحدة ونمط سلوكه الأحادى الجانب غير المتوقع فى سوريا. علاوة على ذلك، لا تريد الإدارة الأمريكية أن تقوم الولايات المتحدة بالدفاع وحدها عن المملكة دون مشاركة دول أخرى. والأكثر من ذلك، يدفع البيت الأبيض السعودية للتقارب مع إسرائيل الأمر الذى يهدد بزعزعة استقرار النظام فى الداخل وكبح نفوذه فى الخارج.
بدلا من تحسين الأمور، زادت إدارة ترامب من التباعد بين سياسات المملكة والولايات المتحدة.. وبدلا من الحد من تدخل الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط، شجع الدعم السعودى لسياسات ترامب الولايات المتحدة على التدخل بشكل مفرط، والقيام بما لا تستطيع المملكة التعامل معه. وبالتالى، فى حين أن الرياض لا تزال تضع رهانا كبيرا على إدارة ترامب، إلا أنها تحاول بالفعل التحوط مما راهنت عليه.
فى حين كان التركيز على اجتماع الأربعاء 19 فبراير، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بيانًا بأن بومبيو سيناقش موضوعات عن إيران واليمن وحقوق الإنسان فى المملكة العربية السعودية. أضاف مسئول كبير إلى إدراج موضوع «خطة السلام» إلى القائمة. هذه القضايا هى أولويات قصوى لكلا البلدين. لكن اقتصار المحادثة على هذه المواضيع وحدها لن تحل الوضع المتأزم فى علاقة البلدين الثنائية. من الممكن أن تساهم مناقشة صريحة حول إدارة الفجوة فى التوقعات المتبادلة فى إصلاح العلاقة وقد تدفع البلدين لإدراك حدود سياساتهم الإقليمية.
إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى
النص الأصلى:من هنا