الارتقاء بالمعلم من موظف إلى صاحب مهنة .. «ربيع» المعلمين - ملك زعلوك - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 7:19 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الارتقاء بالمعلم من موظف إلى صاحب مهنة .. «ربيع» المعلمين

نشر فى : الجمعة 21 فبراير 2014 - 4:50 ص | آخر تحديث : الجمعة 21 فبراير 2014 - 4:50 ص

يتناول هذا المقال أهمية مكون المعلم فى تطوير العملية التعليمية بأكملها ويعتمد المقال على البحوث العالمية فى إبراز أهمية دور تنمية المعلمين مهنيا فى النهوض بالعملية التعليمية والارتقاء بتحصيل الطلاب. ويبدأ مشوار الارتقاء بوضع المعلم بعملية مهمة، وهى العمل على تحول المعلم من مجرد موظف إلى صاحب مهنة ورسالة.

إن تحويل المعلم من عامل أو موظف إلى مهنى متمكن إنما هى عملية مركبة ونظمية systemic فى المقام الأول. ولا يجوز أن يتم تناول هذا التحول بشكل جزئى منسلخ عن التحول الأشمل فى إطار مقاربة تربوية حديثة. Paradigm Sift

تشمل المقاربة الحديثة العديد من العناصر المهمة منها فكر ديمقراطى ينعكس فى اللا مركزية فى أسلوب الإدارة والأداء، ومدخل التطوير التربوى المستند على البحث العلمى وكذلك المرتكز على المدرسة School Based Reform، وتؤكد هذه المقاربة الحديثة على التعلم النشط المتمحور حول المتعلم، والتى تشجع على التعليم ذاتى التوجه والتقصى والعمل الجماعى.

ومن ناحية أخرى، تهتم المقاربة بتناول دورة حياة عمل المعلم Life Cycle بشكل شامل بدءا بالتخطيط للمهنة مرورا بإعداد المعلم وتعيينه ثم وضع برامج حديثى التعيين ثم إيجاد تراخيص المهنة، والأهم من كل ذلك تقديم برامج للتنمية المستدامة للمعلمين حتى نضمن إبقاء واستمرارية المعلمين فى المهنة وتنميتهم والارتقاء بهم.

•••

إن عملية الارتقاء بالمعلم هى عملية ترتكز على ثلاثة مفاهيم رئيسة كل منها يحتوى على عبارات مفتاحية وكذلك رزم من السياسات.

• التمهين Teacher Professionalization

• اتباع مدخل حقوقى Rights Based Approach

• التمكين Teacher Empowerment

أ ــ التمهين:

يشير هذا المفهوم إلى أن هناك جماعة مهنية تمارس مهنتها بالاعتماد على أصول معرفية وعلمية من صناعتها ومثقلة بخبرتها، وتكون للجماعة معايير وأسس للممارسة من صناعتها وكذلك ضوابط أخلاقية. وتتسم الجماعة باستقلالية مهنية Professional Autonomy فهى منضبطة داخليا، ولديها قدر كبير من الدافعية الذاتية نحو الارتقاء.

ب ــ اتباع مدخل حقوقى:

يشير إلى أن مهنة المعلم هى مهنة شديدة التعقيد والتركيب. ولكن الراتب ونظام الحوافز لا يتناسب مع متطلبات المهنة والجهود المبذولة، ومكان العمل لا يوفر الاحتياجات الإنسانية للمعلم.

ج ــ التمكين:

ويعنى هذا المفهوم إعطاء المعلمين صوت Giving Teachers a Voice مع إشراك المعلمين فى وضع السياسات الخاصة بالتمهين ومعايير المزاولة وإيجاد فرص للابتكار وكذلك إعطاء المعلمين مسارات متنوعة فى المهنة مثل معلمين متخصصين فى المناهج، وفى التدريب، وفى الإرشاد التربوى، إلخ.. وأخيرا إعطاء المعلمين فرصة للمشاركة فى التحول المجتمعى المرجو، فإن التمكين ينبع من رؤية المعلم وثقته بقدراته وإمكاناته فى تحقيق غايته فى التطوير المجتمعى من خلال الأداءات التعليمية أثناء ممارسته مهنته.

•••

ونود أن نشير إلى أن هناك مشروعا إقليميا للارتقاء بالمعلم وقد كان لى الشرف فى التعاون مع عدد من الخبراء بالاشتراك مع جامعة الدول العربية منذ عام 2005 وقد تم تقديم حزمة من المبادرات والهياكل والمؤسسات لمواكبة هذا التحول المرغوب وقد تم تحقيق البعض منه والبعض الآخر فى طور التنفيذ. وسوف أكتفى بذكر عناوين هذه المبادرات لضيق المساحة.

1ــ المنتدى الفكرى للمعلمين: الهدف منه ترسيخ أفكار تربوية لدى المعلمين تعتمد على مفاهيم حقوقية وإنسانية وديمقراطية وتسليحهم بالمعارف الواسعة وربط التربية بالعلوم الأخرى والثقافة الإنسانية العالمية. وقد شرع البعض فى البدء فى هذا المشروع فى الآونة الأخيرة. فلكى يتمكن المعلمون من المشاركة والمساهمة فى تطوير الأمم والمجتمعات لابد من إيجاد مشروع متكامل لتطوير منظومة المعلم.

2 ــ أكاديميات المعلمين: الهدف منها وضع خطط وبرامج وسياسات ترتكز على البحوث للارتقاء بالمعلم وخلق ملتقى لمناقشة سياسات المعلمين وتقوم أيضا بتصميم برامج مستحدثة لسد الفجوة بين الإعداد الحالى للمعلمين والتطور المنشود وفق المعايير التى تم إقرارها ومن خلال شبكة من كليات التربية تقوم أيضا بتأهيل المعلمين للقيام بالبحوث ونشرها. وقد أنشأت أكاديميتين فى الوطن العربى أحدهم فى مصر والأخرى فى الأردن.

3 ــ المجلس الوطنى للتعليم: لإدارة حوارات وطنية حول رؤى وسياسات التعليم وبناء آليات تشاركية ووضع التوجهات العامة لسياسات التعليم وإعداد المعلمين.

4 ــ شبكات الترابط بين المدارس وكليات التربية:

من أجل التدريب العملى والبحوث المشتركة وخاصة بحوث الفعل وكذلك التنمية المهنية المستدامة وجارٍ الآن عدة مشروعات تقوم ببناء جسور سديدة وقوية بين التطوير المرتكز على المدرسة والعمل على تطوير كليات التربية.

5 ــ مراكز كوادر تنمية المعلمين: لتدريب المعلمين على وضع المعايير وإجراء التقييم الذاتى والتفكر والتأمل Reflection ووضع السياسات. وقد بدأت فعليا أكاديمية الملكة رانيا بالأردن فى العمل حول هذا المكون.

6 ــ تفعيل وحدات التنمية المهنية داخل المدارس: لإعداد وتصميم برامج مهنية داخل المدارس (دورات ــ حلقات نقاش ــ خلق مجتمع معرفى)، وهى عملية مهمة جدا تتطلب جهدا كبيرا، وجارٍ الآن بناء مقترح لمشروع يتولى عملية التنمية المهنية بداخل المدارس.

7 ــ وضع آليات تشاركية على جميع المستويات: لإعداد ومراجعة معايير وحدود المشاركة فى المهنة بصفة دائمة ودورية.

لابد من تفعيل كل هذه المبادرات إذا أردنا النهوض بالمعلمين والعملية التعليمية بشكل جاد وفعال.

•••

وفى النهاية أود أن أؤكد أن التحول الحقيقى فى المقاربة المستحدثة للتعليم والارتقاء بالمعلم لا يختصر على إعطاء المزيد من التدريبات حول مواد التخصص ولكن يتحقق من خلال إعطاء مساحة أوسع للمعلمين فى إنتاج المعرفة والبحث العلمى والتعلم الذاتى والتفكر والتأمل فى ممارستهم والتقدم فى النظرية التربوية، وكذلك فى تعميق استقلالية المهنة فى إطار وسياق يحترم حقوقهم الإنسانية.

التعليقات