أطباء بدر حلاوة ومحمد صلاح - محمد مكى - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 7:04 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أطباء بدر حلاوة ومحمد صلاح

نشر فى : السبت 21 مارس 2020 - 10:25 م | آخر تحديث : السبت 21 مارس 2020 - 10:25 م

طرْح ترتيب الأولويات فى المجتمع صار حديث الناس، بعد المعاناة التى تعيشها البشرية فى الوقت الحالى، وأصبحت المقارنة والسؤال عن أيهم أفضل للمجتمع: الطبيب أم الفنان ولا الرياضى مع غيرها من مهن تعطى بعضها ملايين وأخرى ملاليم.. إصلاح المدن القديمة أم تجاهلها وبناء حديثة، وهل العلماء فى منزلة أفضل من الرياضيين والفنانين، مع حساب المكسب والخسارة، وأرقام البنوك والحسابات السرية، أم السؤال عن كيفية تدابير الاحتياجات الشهرية.. صور أغلفة المجلات وتصدُّر المشهد أم الانحسار وأقصى الأمانى صورة فرح ستر البنات.. البحث العلمى وبناء مستشفيات ولا بناء استادات وأندية وأبراج.
المقارنات لا تنتهى، الظرف الراهن يقول إننا نحتاج إلى تخصصات بعيدة عن الترفيه، وأن بدل العدوى للطبيب أفضل من بدل الزى والسفر لمهن أخرى، وحماية الإنسان لا تقل أهمية عن حماية الأوطان، وأننا نحتاج إلى تعديل سلم الحياة بعد سنوات من الاختلال، جعلت عتاة الرأسمالية يقولون ننتظر حل السماء.
من الإنصاف أن نقول: مهن مثل كرة القدم والإنتاج الدرامى والسينمائى وغيرها من مجالات الترفيه أصبحت فى العصر الحديث اقتصادا وأرقاما تؤثر فى حياة الشعوب وتزيد من مواردهم وتخلق فرص عمل، وأن دعاية محمد صلاح لمصر تحسن السياحة وصورتها العامة، لكن الطبيب فى ميت بدر حلاوة فى نفس محافظة الغربية التى ينتمى إليها صلاح، أصبح دوره أشد أهمية، لإنقاد حالات أصيبت بفيرس «كورنا» كابوس العالم.. والسيف الموضوع على رقاب الجميع، فكما نحتاج إلى دعم صلاح وغيره من أبناء الوطن فى مجالات الترفيه نحتاج إلى علماء وأطباء ومراكز بحوث تساعد فى الحفاظ على صحة الناس، والتى بلا شك تسبق بكثير إدخال السرور عليهم فى أوقات الفراغ.
من حسنات الموقف الحالى ــ ونأمل ألا يطول ــ معرفة النعم الاخرى وكيفية إعطاء كل المهن والناس قدرهم، فمن يرفع بقايا الطعام والقمامة والمخلفات يحتل اهمية قصوى بعد الاطباء فى الوقت الحالى، بعد «كورونا ورياح التنين»، التى أجبرتنا على التفكير بشكل مختلف، وأن العقل والضمير والتعاليم السماوية قبل بناء الصواريخ، وناطحات السحاب والملاهى الليلية، وأن الماديات التى ضغطت لن توفر الحماية حتى لأكثر الناس اكتنازا لها.
البشرية عرفت أزمات صحية (الطاعون ــ الكوليرا ــ الإنفلونزا الإسبانية التى أطاحت بنحو 100 مليون)، واقتصادية (الكساد العظيم ــ الأزمة المالية العالمية وغيرها» تغلبت عليها، ولم تفقد الأمل، لكن المحزن أن بلادنا التى تفيض عسلا وزبدا وبترولا وثروات بشرية، باتت تنظر وتتلقى وتستورد كل شىء، وقبلها تخلت عن جزء من ثوابتها الدينية والتى حرمت أكل الميتة وشرب الخمر، وعلمتنا كيف نأكل ونشرب ونتثاءب ونعطس، قد لا يكون الوقت مناسبا لجلد الذات، لكنه وقت المراجعة وترتيب الأولويات، فكيف لمن يمتلك كل ذلك لا يستطيع أن يحمى حياة شعبه وعرشه ويقدم للإنسانية ما يخدمها، وأصبح محفظة مالية للعالم ليس أكثر.
أثرياء الأمة لديهم فرصة لرد جزء ممن هم عليه لشعبهم ومواطنيهم، فعدد غير قليل من اثرياء العالم فى منطقتنا يستطيعون أن يقدموا العون للبحث العلمى وفقراء المجتمع. ولا يجب أن ينسينا الحديث بعضه بعضا. فكورونا كشفت النظام الصحى والسياسات التى تنظر بها كل دولة لحق العلاج ولصالح أى فئات إجتماعية، ومن كان يستطيع أن يتجرع الدواء والعلاج فى خارج بلادنا أصبح مجبورا على مشاركتنا مشافينا، فقد هاجم الفيروس أغنى إقليم فى إيطاليا، ولم تحم نظم الرعاية أثرياء مقاطعات أوروبية ظن سكانها لسنوات أنهم فئة فوق البشر، فوحد الفيروس بين معانى إنسانية تلاشت. وأسقط النعرات التى تفشت فى السنوات الاخيرة لمن يقولون إنهم أجناس سامية، والتى عبر عن وجهها القبيح «ترامب» وسياسة التميز والتى وصلت حتى بين سكان الولايات المتحدة الأمريكية نفسها والتى بينت حضارتها على قبول الآخر والتنوع العرقى وأن الكفاءة وما تقدمه للمجتمع وحده جواز المرور والنجاح والترقى.
مجبورون على التكاتف المجتمعى وزيادة العمل الأهلى وتقديم يد العون، بعد سنوات من التكبر والتوسع والاستيطان وقتل الناس واستنزاف ثروات الشعوب، كما أن الترفع عن أية خصومات واجب لكل من فى صدره ذرة ضمير.. يا أولى الألباب قد أصبح البعيد قريبا لو تعلمون.

التعليقات