في حديثي الأسبوع الماضي والذي أثار «غضب» البعض، اتفقنا على خمسة نقاط؛
- أسعار السيارات لها ثلاثة أطراف رئيسية، المستهلك والعُملة الأجنبية والمُستورد، وطرف أخر يعتبره البعض «غير شرعي».
- معظم المستوردين أو «الوكلاء» تكيفوا مع الظروف السنوات الماضية وابتكروا سياسة «الكسب المضمون» كأسلوب جديد يُبعد عنهم تماما فكرة الخسارة!، أو باختصار بيع السيارات مسبقا قبل استيرادها.
- العميل أو المستهلك هو الطرف الأهم في العملية التجارية، ورغم ذلك يظل هو الوحيد الذي لا يدرك قيمته ويرضى أن تتم معاملته كما لو كان «متسول» على العملية وليس طرفا أصيلا فيها.
- العميل نفسه هو الذي شجع الوكلاء على معاملته كطرف «ضعيف» بعد أن قبل جميع «الانتهاكات» التي يتم ارتكابها في حقه!.
- الطرف الرابع الذي يعتبره البعض «غير شرعي» في تلك العملية، تجار السيارات «الخليجي»، طرف أصبح «قويا» وله تأثير واضح و«مرعب» في بعض الأحيان على عدد من الوكلاء الرسميين!.
اختتمت حديثي الأسبوع الماضي لنناقش اليوم كيف يؤثر سلوك العميل على عملية التسعير، والحقيقة أن سلوكيات العميل المصري هي التي تبرر جميع الانتهاكات التي يتم ارتكابها في حقه ويرضى بها؛ بداية من عدم توافر ألوان السيارات وموديلاتها وكمالياتها، وعدم توافر السيارات في الأساس!، وحجز السيارات مسبقا واستلامها بعد شهور طويلة بالمواصفات والكماليات التي يحددها الوكيل، وزيادة أسعار السيارات بعد أن يتم التعاقد عليها!.
انتهاكات جميعها تُرتكب في حق العملاء قبل شراء السيارة، أما بعد الشراء يبدأ فصل جديد في تلك القصة المأساوية، سواء في مراكز الصيانة أو توافر قطع الغيار أو التعامل مع «الضمان» أو حتى العاملة الطيبة، لا أريد أن أستخدم التعميم هنا ولكني سوف أقول أن «معظم» الشركات تتبع تلك الأساليب.
ثقافة إرضاء العميل غير موجودة في بلدنا، حتى وإن وجدت لها أقسام وموظفين ومديرين. لماذا؟! لأن العميل لا يتخذ أي إجراء، ربما يغضب، ينفعل، ولكن يرضخ في النهاية، رغم وجود سيارات أخرى في المنافسة.
أقل انتهاكا من الانتهاكات التي ذكرتها كفيلة أن يتم «سحب» التوكيل من أي شركة في أي سوق «محترمه»، وهذا يقودنا لتعريف السوق المحترمة أيضا، في التجارة هناك مبدأ ثابت وهو «العرض والطلب» أيا كانت الضوابط الحكومية سوف يظل هذا المبدأ سائدا، ليس في بلدنا فقط بل في جميع أنحاء العالم بمعايير مختلفة، السوق المحترمة؛ هي التي تدرك قيمه العميل، ولكن كي يصبح للعميل قيمه يجب أن يدرك هو أولا قيمته نفسه!.
«من غير زعل ياجماعة الحق علينا احنا كزباين!» تصرفات وسلوك المستهلك الذي يرضى أن تتم معاملته كـ«متسول» أو «ضعيف» رغم أنه – حرفيا – أساس تلك العملية التجارية هي السبب الرئيسي في الانتهاكات التي يتم ارتكابها في حقه، والسبب الرئيسي في زيادة الأسعار بشكل مستمر، فلن يعترض أحدا.
«الدولار» حجه جاهزة دائما لزيادة الأسعار!، والحقيقة أن الوكلاء اعتادوا على المكسب، وهم يعرفوا جيدا كيف يقوموا بطلب السيارات لتفادي تأثير زيادة سعر الدولار عليهم، وتذكروا هذه العبارة جيدا؛ يتم حذف تجهيزات – أساسية في بعض الأحيان – من السيارة لتقليل ثمنها، ثم تتم المحاسبة بالسعر الأساسي أو بعد زيادته بحجة الدولار!.
موضوع الدولار «حجه» والدليل؛ حالة «الهلع» التي أصابت بعض الوكلاء من التجار الخليجي التي ظهرت فجأة بعد أن تمكن بعضهم من إغراق السوق موجها لبعض الوكلاء «صفعة» من العيار الثقيل.
نشاط «تجار الخليجي» يزداد كلما بدأ الوكلاء في التلاعب بالأسعار!، وحالة الهلع من السيارات «الخليجي» ظهرت بوضوح خلال الأيام الماضية حتى أنه في مفارقه «كوميدية» حاول البعض وضع السيارات الخليجي والعمليات «الإرهابية» في جمله مفيدة أملا في لفت انتباه الدولة مدعيا أنها سيارات مجهولة المصدر!، وهذا حديث «كوميدي» من وجهة نظري، يهدف فقط إلى حماية مصالح الوكلاء ومكاسبهم.
باختصار يمكن اعتبار السيارات «الخليجي» مقياس جيد للأسعار، إذا وجدت أن علامه بعينها منتشرة في الأسواق عن غير طريق الوكيل، فهذا دليل على التلاعب في الأسعار، و«حجه» أن الوكلاء لديهم استثمارات ومصروفات تتجاوز بكثير مصروفات تجار الخليجي، وهذا يبرر فرق السعر، فأنا لا أؤيد هذا الحديث مطلقا!.
ففي بلدنا نفتقد المعنى الدقيق لمصطلح «توكيل سيارات»!، في بلدنا معظمهم مثلهم مثل المعارض الذين يهاجمونها، خدمات محدودة في كل شيء، بل أحيانا تفوق خدمات تجار الخليجي خدمات الوكيل، وهذا يبرر إقبال المستهلك.
حديثنا هذا الأسبوع يدفعنا لمناقشة نقاط جديدة؛ الدور المفقود للوكلاء في بلدنا والمزيد حول تجار «السيارات الخليجي» وأيضا سلوك العميل الذي بدأ يتطور إلى حد كبير، فقد بدأت حملات المقاطعة في الانتشار، أبرزها حملة «خليها تصدي» التي انضم إليها أكثر من ٢٨ ألف مُتابع خلال أيام في مواجهة الزيادة «الجنونية» في الأسعار، الأسبوع القادم نستكمل حديثنا، ولكن أرجوكم تذكروا دائما أنكم كمستهلكين الطرف الأقوى في العملية التجارية، وللحديث بقية.